كفاح معاقي الألغام لتحقيق أهدافهم

> عبد الواحد الدخيني

>
أصيب فراس البكاري، 25 عامًا، بإعاقة جسدية في القدم بعد أن داس على لغم أرضي في منطقة مقبنة غرب محافظة تعز قبل سنوات، وأدى انفجار اللغم إلى بتر قدمه، كانت تلك اللحظة التي تغيرت فيها حياة البكاري من شخص بجسد سليم إلى شخص معاق بسبب الحرب.

لم يسمح البكاري لتلك الحادثة أن تسلبه الأمل في الحياة، ولم يستسلم لليأس والإحباط، بعد أن تعافى البكاري من الإصابة التي تعرض لها عند انفجار اللغم، بدأ حياته من جديد بقدم مبتورة، لكن بهمة عالية وتفاؤل غير محدود.

يقول البكاري: "أقدمت على التسجيل ودراسة الجامعة بتعز لإكمال تعليمي، وقد نجحت وتخرجت من قسم إدارة الأعمال بتقدير ممتاز رغم التحديات التي واجهتها".

البكاري واحد من عشرات الشباب الذين لم يسمحوا للإعاقة أن تحدد مصيرهم، وأثبتوا للمجتمع أنهم قادرون على النجاح والإنتاج مثل غيرهم من أفراد المجتمع. بين يونيو 2014 وفبراير 2022، وثّق المركز الأمريكي للعدالة في تقريره (الألغام القاتل الأعمى) مقتل 429 طفلا وإصابة 723 آخرين في 17 محافظة يمنية بسبب الألغام. بحسب التقرير، 75 % من المصابين فقدوا أطرافهم أو إحداها، وأصبحوا معاقين أو مشوهين بسبب انفجار الألغام الأرضية الفردية، أو المضادة للمركبات أو الألغام البحرية والعبوات الناسفة.

يقول البكاري: "لقد سمعنا كثيرًا أن المجتمع يشفق علينا لما حلّ بنا، لكن هذه فرصة حتى نثبت أننا نستطيع كسر هذه الصورة النمطية المجحفة بحقنا، لقد تعلمت وتزوجت وحققت الكثير من أهدافي في ظل هذه الإعاقة".

يضيف: "الإصابة أو بتر قدمي بالنسبة لي ليست إعاقة، ولن تمنعني من الفرحة والزواج وعيش الحياة مثل بقية الأشخاص، لأن الإعاقة الحقيقية ليست التي تُصيبنا في أجسادنا، بل التي تُصيبنا في إرادتنا وفي تفكيرنا".

يؤكد فراس في حديثه أن قيمة الإنسان في هذه الحياة تأتي من قيمة المسؤولية التي يتحملها، فيجب أن يتحمل الشخص مسؤولية أسرة حتى يشعر أنه لا يزال له دور في الحياة. الإصابة والبتر بالنسبة لي ليست إعاقة، ولن تمنعني من الفرحة وتكوين أسرة وممارسة الحياة مثل غيري من الأشخاص طالما إرادتي قوية".

تغيير نظرة المجتمع للمعاقين

البكاري ليس القصة الوحيدة للشباب الذين تغلبوا على الإعاقة التي صنعتها الحرب الدامية في اليمن، يتحدث سعيد قاسم عن تجربته مع الإعاقة التي تسبب بها انفجار لغم في طريقه في منطقة المدافن بريف تعز الغربي.

خرج قاسم من منزله إلى إحدى الآبار في منطقة المدافن لجلب الماء مع والدته، وكانوا يسيرون على أطراف الحدود المتاخمة لخطوط المواجهات المسلحة بين القوات الحكومية وجماعة الحوثي. يتذكر قاسم تلك اللحظة، ويقول: "فجأة، وقعت قدمي على لغم أرضي مدفون في الأرض، مما أدى إلى انفجاره، وبُترت قدمي في الانفجار، بالإضافة إلى جروح كثيرة في جسدي".

برغم اللحظة العصيبة والتجربة المحزنة التي عاشها قاسم، لم يفقده أمله في الحياة، ولم ير أنه أصبح عبء على المجتمع. يقول قاسم لـ "المشاهد": "الإعاقة القاسية لم تجعلني قعيد الفراش، بل أكسبتني قوة وعزيمة بأن أتعلم وأهتم بمستقبلي وأعيش حياة أسرية سعيدة كأي شخص متعاف يحلم بمستقبل أفضل".

يرى قاسم أن تحدي الإعاقة يسهم في تغيير نظرة المجتمع للمعاقين، إذ يقول: "عندما نتحدى الإعاقة نستطيع أن نظهر للمجتمع أن الإعاقة الحقيقية ليست التي تصيب الأجساد بل التي تصيب الإرادة. لا بد من الكفاح والعمل حتى نصل إلى ما نصبو إليه".

دعوة للتفاؤل

يشير قاسم إلى أن المعاناة التي عاشها لم تكن يسيرة، بخاصة في اللحظة التي تناثر جزء من جسده على الأرض عند انفجار اللغم. وبعد رحلة طويلة من تحدي المعاناة، يوجه قاسم رسالة لكل شخص أو شاب يشعر باليأس والإحباط.

يختم قاسم حديثه، ويقول: "رسالتي لكل شاب يكتوي بنيران الحرمان بسبب إعاقته: لا تبتئس بسبب إعاقتك، ولا تجعل الإعاقة تمنعك من تحقيق أحلامك.  سيأتي يوما تعرف فيه بأن لله في حرمانك حكمة، إن الحرمان قد يجعلك تشق طريقك معتمدًا على نفسك، والشدائد تصنع الرجال وتلهم النجاحات، وأن الخير فيما اختاره الله لك".

"المشاهد نت"

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى