الغرب ليس واحدًا

> الغرب الذي نهاجمه ليل نهار، ليس واحدًا، لابد من إعادة توجيه البوصلة نحو حقيقة هذا الغرب.

منذ التسعينيات ما بعد القطبية الثنائية، بدأت مرحلة من التوحش، وسرعان ما بدأت أمريكا بالترويج للعولمة باعتبارها قائدة العالم، وتملي شروطًا على الشرق كله بتعميم القيم الأمريكية على العالم كله، عبر ما قيل عنه حينها "المجانسة الثقافية" وفي اتجاه معاكس جرى الحديث عن "صدام الحضارات" ونهاية الحضارات. ويعلم العالم إن الأمر يجري لتأصيل فكرة عدو جديد خلفًا للعدو النظام الشيوعي السابق.

جرى الوقت في تحديد التمظهرات التي سيكون عليها محاربة العدو الجديد، وتحديدًا حيث ثلثي مصالح العالم هنا في هذه المنطقة حيث الطاقة وممرات الطاقةً، وحيث لم يعد وجود إسرائيل كافيًا لحماية مصالح الغرب الاستعماري. فجاءت القوات لمحاربة الإرهاب. وتعدد الإرهاب واحتل مناطق ولم يغادرها إلا حطامًا.

هنا جرى تجريد حكومات الغرب من قوتها، حيث تغولت الشركات والإعلام والصناعات الكبرى وصارت تملي قراراتها، بحيث يبدو الرؤساء الغربيون كأنهم رجال آليون ينفذون ما يقال لهم. جرى الأمر على حكومات المنطقة العربية أيضًا، وبطرق الضغط المباشر ولكن منذ زمن بعيد.

أحداث السابع من أكتوبر في فلسطين، كانت من القوة أن اهتزت لها قوى الغرب كله، وليست فقط إسرائيل. وهرعت البوارج وأحدث الأسلحة إلى إسرائيل بالتوازي مع زعماء الغرب الكبار. كانت خضة قوية بحيث باتوا يرون خطرًا داهمًا يهدد دولة العدو. بغض النظر عن القيم الإنسانية التي سقطت وعن الدوافع إذا كانت دينية أو غير ذلك، فإن استثمار أكثر من سبعين عامًا في هذا الكيان بدأ وكأنه يتلاشى في يوم السابع من أكتوبر 2023م.

وقد رأينا الشركات الداعمة بالتبرعات لإسرائيل لقتل أطفال فلسطين، وهي الشركات التي صارت عابرة للقارات ولها قوة النفوذ في صناعة القرار في الدول العربية الرئيسية.

لكن إلى هنا يجري الحديث عن الحكومات الغربية. أما النخب اليسارية والمهنية والشرائح الوسطى في هذه الدول فلها رأي مخالف.

ليس الغرب واحدًا، ثمة مستويات على مستوى الحكومات عنصرية مقيتة لمسناها ولمسها العالمُ وفي حالة من الاستغراب، إذ لم يتعود الناس على الدعم والترخيص بالتطهير العرقي والإبادة الجماعية في غزة أن تكون بكل هذه الوقاحة، أما الشعوب فقد رأيناها أكثر حماسًا وإنسانية وتعاطفًا مع الشعب الفلسطيني، لقد رأينا مقاطع فيديو تقطع فيها جلسات مجلس الشيوخ ولجان مجلس النواب، بينما كان بلينكن يتحدث، هتافات ومطالبات بصوت عالٍ، أوقفوا الحرب، أنقذوا أطفال غزة. لذلك علينا مراجعة حساباتنا، نبطل ندعي على اليهود والنصارى، فهم مواطنون لديهم إحساس وأحرار يخرجون بالملايين، تأييدًا الشعب الفلسطيني ودعمًا لغزة.

فإذا يريد أئمة المساجد أن يدعو، فعليهم بحكامنا وجيوشنا التي تأكل و"تضفع" وتتنمر علينا نحن المواطنين، الناس في الغرب يدينون حكوماتهم وسيحاسبونها في الانتخابات، وحتى اليهود المعادين للصهيونية كان لهم موقف جبار في أمريكا. المتخاذلون هم زعماؤنا الذين هم في السر يطالبون أمريكا وإسرائيل بإبادة حماس، نعم هكذا قال أحد المسؤولين الأمريكيين، إنهم يريدون إبادة حماس، وشعرت بالراحة أنني هنا أرى شيئا أفضل من جامعة كولمبيا". في إشارة إلى التظاهرة الكبيرة التي جرت في جامعة كولمبيا، دعمًا لغزة وفلسطين

تحية لهذا الغرب (مواطنون أمريكيون وأوروبيون، وأدباء ومثقفون وفنانون ورياضيون، لم يبالوا بقرارات حكوماتهم منع حمل العلم الفلسطيني، وعار على الحكومات العربية أن تظل صامتة، باستثناء الجزائر وتونس والأردن، تحية لكولومبيا وبوليفيا، بلد جيفارا وتشيلي، الذين استدعوا السفراء من إسرائيل أو قطعوا العلاقات معها، بينما السفراء الإسرائيليون مازالوا في دولنا العربية، كأن دولتهم لم ترتكب أكبر جريمة ضد الإنسانية في التاريخ الحديث.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى