تسمية هيئة رئاسة مجلس حضرموت الوطني: ما هي ردود الفعل والدلالات؟

> "الأيام" القدس العربي:

>
​بعد خمسة شهور على إشهار مجلس حضرموت الوطني، أعلنت الهيئة التأسيسية، تسمية أعضاء هيئة رئاسته، في خطوة تأتي خلال مرحلة حرجة تمر بها حضرموت (شرق اليمن) المحافظة الأغنى نفطًا والأكبر مساحة في اليمن، لا سيما في ظل تصعيد المجلس الانتقالي الجنوبي (الانفصالي) في بعض مناطق وادي وصحراء حضرموت ضمن خطة يريد من خلالها حسم سيطرته عليها، في سياق ما يسعى إليه لتعزيز حضوره العسكري المليشياوي في مناطق جنوب وشرق اليمن قبل الدخول في مرحلة التسوية السياسية لضمان فرض سلطة الأمر الواقع.

وأعلنت الهيئة تشكيلة بقوام 23 عضوًا من مختلف فئات الطيف الحضرمي سياسيًا وقبليًا وثقافيًا بالإضافة إلى المشاركة النسوية، وإن كانت ظهرت، أمس الأربعاء، ردود فعل تشكك في هذا التمثيل، إلا أن البعض يرى أن ردود الفعل هذه متوقعة وطبيعية، في مرحلة حساسة كهذه التي يمر بها اليمن.

وأعلن رئيس الهيئة التأسيسية، بدر باسلمة، في مؤتمر صحافي بالعاصمة السعودية الرياض، انتهاء الهيئة التأسيسية من كافة أعمالها بإعداد مسودات ومشاريع لجميع الوثائق والأدبيات الخاصة في المجلس من نظام أساسي وهياكل تنظيمية ولوائح داخلية. كما أعلنت التوافق على تشكيل هيئة عليا تضم 351 عضوًا.

ويأتي ظهور علم الجمهورية اليمنية خلال المؤتمر الصحافي ليدلل على التزام المجلس ضمن هُويته باليمن كانتماء، قاطعًا بذلك الطريق على مَن يذهبون بهُوية المجلس بعيدًا.

وكانت مشاورات حضرمية استضافتها الرياض، خلال الفترة 21 مايو  – 19 يونيو الماضي، قد أسفرت عن تأسيس مجلس حضرموت الوطني كحامل سياسي لتطلعات وطموحات مكونات الطيف الحضرمي. على مدى خمسة أشهر تواصلت اجتماعات الهيئة التأسيسية في الرياض، حتى خرجت بإعلان تشكيل هيئة رئاسة، وهيئة عليا، وإعلان مسودات أدبياته، وانتهائها من كافة أعمالها، وبالتالي أصبحت هيئة الرئاسة هي المعنية بإدارة أعمال المجلس.

يأتي خلو قائمة هيئة رئاسة المجلس من اسم محافظ حضرموت، مبخوت بن ماضي، ليعكس حجم الخلاف الدائر في الساحة الحضرمية، وهو الخلاف الذي بلغ ذروته في الآونة الأخيرة، وكان المحافظ جزءًا منه، سواء من خلال الحملة الأمنية “ميزان العدلّ” في مدينة المكلا خلال أكتوبر، والتي أثارت الكثير من الجدل، وقبلها ما تعرض له جنود من تعذيب وإهانات في أحد المعسكرات، علاوة على منع إقامة إحدى الفعاليات في مدينة المكلا في نوفمبر، واعتقال أحد منظميها، واستدعاء النيابة لوكيل أول المحافظة، عمرو بن حبريش ، وقبل ذلك كان حلف قبائل حضرموت برئاسة بن حبريش قد أصدر بيانًا على خلفية الاعتداء على الجنود والحملة الأمنية، وحمّل في البيان الإمارات مسؤولية ما تشهده المحافظة، وهو ما أثار أزمة سياسية نجم عنها عقد لقاء موسع لشق وحدة الحلف والتبرؤ من البيان.

أحدثَ إعلان تأسيس المجلس الحضرمي، المدعوم من السعودية، هزةً كبيرة في حضرموت خصوصًا، وفي جنوب وشرق اليمن عمومًا، وهي المناطق التي تركت فيها الحرب فراغًا نجم عنه تأسيس المجلس الانتقالي الجنوبي المدعوم من الإمارات، وعدد من الميليشيات، استطاع من خلالها فرض سيطرته على محافظات عدن وشبوة وأجزاء من أبين وأرخبيل سقطرى.

وكان “الانتقالي” وما زال يسعى للسيطرة على حضرموت باعتبارها الرهان الحقيقي لمشروعه الانفصالي، لما تمثله حضرموت من موردٍ اقتصادي كمركز لأهم حقول النفط في اليمن، ومساحة جغرافية، لا يمكن تحقيق مشروع الانتقالي الانفصالي بدونها؛ باعتبارها تمثل ثلثي جغرافية جنوب وشرق اليمن.

جاء تأسيس المجلس الحضرمي استجابة لحاجة ملحة لمكون محلي قادر على كبح جماح “الانتقالي” في السيطرة على حضرموت، وهي الشراهة التي ظهرت بوضوح مع اختيار المكلا لعقد الدورة السادسة لجمعيته الوطنية (21 مايو)، ودخول قيادات الانتقالي مدينة المكلا مصحوبين بمدرعات ومجاميع مسلحة، وهو ما أثار استفزاز عدد من النخب الحضرمية، التي سارعت إلى عقد لقاء لها في سيئون، وخاطبت فيه الرياض، التي استجابت سريعًا، ودعتهم مع غيرهم من قيادات المكونات الحضرمية، ويسّرت لهم عقد اجتماعاتهم، ومواصلة مناقشاتهم هناك، وصولاً إلى إعلان تأسيس مجلس حضرموت الوطني، كحامل سياسي لمطالب المحافظة، وخطوة هامة في مواجهة مشروع المجلس الانتقالي هناك، إلا أن الأخير ضاعف من نشاطه منذ إشهار المجلس الحضرمي، واستمر في تعزيز حضور ميليشياته هناك عبر إدخال مجاميع عسكرية بين فترة وأخرى لضمها لمواقع لواء بارشيد، مع استمرار هيمنته على قرار السلطة المحلية.

مما سبق يأتي إعلان تشكيل هيئة رئاسة المجلس وهيئته العليا في مرحلة حساسة في المحافظة. كيف جاءت ردود الفعل لإعلان تسمية هيئة رئاسة المجلس؟
رئيس حلف قبائل حضرموت ومؤتمر حضرموت الجامع ووكيل أول المحافظة، عمرو بن حبريش، أعلن اعتذاره عن عضوية هيئة رئاسة المجلس، وقال: “إن مكانتي في رئاسة حلف قبائل حضرموت ومؤتمر حضرموت الجامع تجعلني أقف على مسافة واحدة من الجميع وبشكل مستقل”. وبارك ما اعتبرها “أي جهود تجلب الخير لحضرموت وتخدم أهلها”.

فيما أعلن عدد من المكونات الحضرمية مباركتها لتشكيل هيئة رئاسة المجلس بما فيها تكتل شباب حضرموت والعصبة الحضرمية وغيرها من المكونات، بالإضافة إلى شخصيات حضرمية بارزة كرئيس مجلس الشورى في الحكومة المعترف بها، أحمد عبيد بن دغر، ويحيى باجري رئيس هيئة ميثاق الشرف الحضرمي وغيرها.

ما هي مهام المجلس وطبيعة الدور السياسي الذي سيقوم به؟
تقول مصادر يمنية مطلعة إن إعلان تسمية هيئة رئاسة وتشكيل هيئته العليا يحمل دلالات عديده منها أنه صار لحضرموت حامل سياسي يجمع مختلف ألوان الطيف المجتمعي والسياسي والثقافي الحضرمي؛ ومن خلاله صار للمحافظة صوت يمثل حقوقها في المشاركة في إدارة السلطة والثروة والمشاركة في مفاوضات التسوية السياسية اليمنية.
وأضافت أنه لا يعني هذا أن هذا المجلس سيكون مكونًا سياسيًا حزبيًا أو إداريًا أو مكونًا منافسًا للأحزاب وغيرها من المكونات أو مناوئ لسلطات الدولة، بل سيكون منبرًا معبرًا عن حقوق حضرموت وحصولها على التمثيل المناسب في الإدارة أو مفاوضات التسوية.

وأشارت هذه المصادر إلى أن المجلس معني أولًا: بانتخاب رئيس لهيئته الرئاسية وإقرار وثائقه واستكمال بنيته التنظيمية؛ وثانيًا: شمولية تمثيله لمختلف المكونات الحضرمية ذات التأثير، ومن ثم مواصلة الحوار المحلي وصولًا إلى حالة من الانسجام تنتهي معها حالة الانقسام الراهنة، وبالتالي تشكيل صوت مؤثر وواضح، وهو بهذا سيكون قادرًا على قطع الطريق أمام حضور وتأثير المجلس الانتقالي الجنوبي، الذي كان في الآونة الأخيرة يعمل بوتيرة متسارعة لإكمال تنفيذ مشروعه داخل المحافظة، وبخاصة الوادي والصحراء، وتحديدًا المخطط العسكري، واستكمال السيطرة على مواقع حيوية يستطيع من خلالها، في الفرصة المناسبة، الانقضاض على معسكرات المنطقة العسكرية الأولى (الحكومية)، التي تمثل بالنسبة له تهديدًا كبيرًا وعقبة يسخّر كل طاقاته لتجاوزها.

يحظى المجلس الحضرمي بتأييد مجلس القيادة الرئاسي، وبالتالي لا مشكلة معه في علاقته بالحكومة، وهو ما يمكن فهمه في قراءة برنامج زيارة رئيس مجلس القيادة الرئاسي للمكلا في يونيو/ حزيران عقب إشهار المجلس بفترة قصيرة، وهي الزيارة التي جاءت دعمًا له وتعزيزًا لدوره في المحافظة، التي تشكل مساحة طويلة من حدود اليمن مع السعودية؛ وبالتالي تعتبرها الرياض عمقًا استراتيجيًا، وهو ما جعلها تقف بقوة خلف تأسيس هذا المجلس.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى