بعد 30 عاما.. مجلس الأمن يرفع حظر الأسلحة عن الصومال لدحر حركة الشباب

> مقديشو "الأيام":

> ​منح مجلس الأمن الدولي فرصة كبيرة للقوات الصومالية لتقوية صفوفها ومواصلة دحر حركة الشباب المتطرفة، بعد أن رفع حظر الأسلحة المفروض على مقديشو، لينهي بذلك حظرا فرض منذ حوالي ثلاثين عاما على توريد الأسلحة إلى هذا البلد الذي يعيش حربا أهلية متباينة الوجوه.

ولجأ مجلس الأمن على فترات متقطعة إلى التخفيف من الحظر من خلال إجراءات طالت القوات الصومالية، ولم ينطبق الحظر السابق على شحنات الأسلحة المخصصة لتطوير قوات الأمن، لكن كان من الضروري في كل مرة إبلاغ لجنة الأمم المتحدة المشرفة على العقوبات التي بإمكانها الاعتراض على بعض الأسلحة الثقيلة.

واتخذ مجلس الأمن قرارين، مساء الجمعة، نص الأول على رفع نظام الحظر العام، وبالتالي إزالة آخر القيود المفروضة على الحكومة الصومالية، بينما أعاد القرار الثاني فرض حظر على الأسلحة الموجهة إلى حركة الشباب، ما يعني استمرار الحظر على تسليم أسلحة وذخيرة ومعدات عسكرية إليها، وإلى جهات أخرى هدفها “تقويض السلام والأمن في الصومال”.

ويتيح رفع الحظر للحكومة الصومالية مواجهة التهديدات الأمنية البالغة، ومن أبرزها مخاطر جمة تمثلها حركة الشباب، وتسهم الخطوة في توفير الحماية الكافية للمواطنين.

وقال الخبير في الشؤون الأفريقية حمدي عبدالرحمن لـ”العرب” إن رفع الحظر جاء تتويجا لجهود الرئيس حسن شيخ محمود، وكل من سبقوه من أسلافه الذين طالبوا بهذه الخطوة الكبيرة، والتي تصب في اتجاه تقوية القوات العسكرية والجهاز الأمني بشكل عام، حيث تطلق يد الحكومة في شراء كافة أنواع الأسلحة المشروعة.

وأضاف أن رفع الحظر يحقق أهدافا مهمة تتعلق بمواصلة محاربة الحركة الإرهابية الرئيسية في البلاد (الشباب) المرتبطة بتنظيم القاعدة، وتأهيل البلاد لإعداد جيش قوي يتولى المهام الأمنية بعد انسحاب القوات الدولية من الصومال بعد نحو عام.

ودعا مجلس الأمن الدولي حكومة الصومال إلى تنفيذ الإستراتيجية الوطنية لإدارة الأسلحة والذخائر وتعزيز المزيد من التأهيل المهني والتدريب وبناء مؤسسات الأمن، واتخاذ تدابير لمنع إعادة بيع الأسلحة والذخائر والمعدات المستوردة لتستخدمها قوات معينة، وشركات الأمن الخاصة، أو نقلها أو إتاحتها للاستخدام لأيّ جهة.

ورحب الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود في بيان له بقرار رفع حظر الأسلحة، قائلا “من الآن فصاعدا أصبحت بلادنا حرة في شراء أيّ نوع من الأسلحة التي تريدها في العالم.. الأسلحة الموجودة بحوزة الحكومة لن تشكل تهديداً لشعبنا وللعالم”.

وطالبت حكومات صومالية سابقة برفع حظر الأسلحة لتعزيز القدرات القتالية في مواجهة المسلحين، وأقدم مجلس الأمن على رفع جزئي عام 2013 لبعض الإجراءات المفروضة على قوات الأمن، وحالت الخلافات الداخلية الواسعة دون رفعه كليا.

ووعد الرئيس حسن شيخ محمود بطرد حركة الشباب مع اقتراب موعد مغادرة ما تبقى من قوات حفظ السلام التابعة للاتحاد الأفريقي في ديسمبر (أتميس) العام المقبل.

وكانت البعثة ستنسحب وتنقل أنشطتها تدريجيا إلى القوات الصومالية، لكن الحكومة طلبت في سبتمبر الماضي مهلة فنية لمدة ثلاثة أشهر في المرحلة الثانية من الانسحاب، وسوف تقلص “أتميس” عددها من 17626 إلى 14626 عنصراً بحلول نهاية العام.

ويقول مراقبون إن القرار جاء في لحظة حاسمة بالنسبة إلى القوات الصومالية التي حققت تقدما لافتا على حركة الشباب، وتريد القيادة السياسية الحالية القضاء على الحركة التي تُحارب منذ 16 عامًا من قبل مقديشو، وحدثت خلال هذه الفترة انتصارات وانكسارات مختلفة، ومع تولي الرئيس حسن شيخ محمود رئاسة البلاد منيت الشباب بهزائم عدة.

ويضيف هؤلاء المراقبون أن انسحاب البعثة الدولية يخلّف وراءه فراغا عسكريا، كان لا بد من الانتباه إليه وتمكين القوات الحكومية من سده عبر منحها حرية استيراد الأسلحة في الحدود المشروعة وضمن ضوابط معينة، لأن انسحاب “أتميس” بلا غطاء عسكري كاف تملكه القوات الحكومة سيضعها في موقف حرج أمام حركة الشباب التي تحاول ترتيب أوضاعها وتراهن على فراغ أمني بعد انسحاب البعثة.

ومدد مجلس الأمن حظر استيراد السلاح للصومال في نوفمبر 2022 لمدة عام بحجة استمرار تشكيل حركة الشباب تهديدا كبيرا للسلام والاستقرار في المنطقة.

وأعرب قائد “أتميس” الفريق سام أوكيدينج في تصريحات إعلامية سابقة له عن قلقه من نقص التجنيد والقدرات اللوجستية لدى الصوماليين.

وتساعد البعثة الدولية القوات الصومالية من خلال توفير الدعم اللوجستي والمدفعية والرعاية الطبية للجرحى، وتضمن أمن البنى التحتية والمطارات والإدارات.

وأكد عبدالرحمن لـ”العرب” أن قرار رفع الحظر يمكن النظر إليه من منظور سلبي أيضا، فقد يؤدي إلى سباق تسلح بين حكومات صومالية متنافسة، أو بين الحكومة الفيدرالية وبعض الأقاليم التي تطالب بالاستقلال أو تلك التي أعلنت استقلالها بالفعل بشكل أحادي ولم تحظ باعتراف دولي، مثل جمهورية صومالي لاند، وهي أكبر المنزعجين من رفع الحظر.

وأوضح أن الصراعات الحدودية المحتدمة بين صومالي لاند وبونت لاند والتي دخلت مرحلة عنيفة من الاشتباكات المسلحة أخيرا، سوف تتأثر بخطوة مجلس الأمن، لأن حكومة مقديشو متهمة بالتدخل في هذا الصراع.

ومن شأن رفع حظر الأسلحة أن يسمح لمقديشو بتحديث قواتها المسلحة، كما يمكنها الاعتماد على تدريب القوات الخاصة من قبل الولايات المتحدة، فضلاً عن نشر طائرات أميركية دون طيار في ساحة المعركة، خاصة أن الولايات المتحدة توجه من وقت إلى آخر ضربات جوية لعناصر تابعة لتنظيم القاعدة في الصومال.

ولا تزال حركة الشباب تسيطر على حوالي نصف الأراضي الصومالية، خاصة في ولاية جوبا لاند، كما أدت المكاسب التي سمحت للقوات الحكومية بالتقدم نحو ولايتي غالمودوغ وهيرشبيلي (وسط) إلى شن عمليات انتقامية من الشباب في مقديشو.

وأعلنت مقديشو في أغسطس الماضي أن الجيش الوطني بالتعاون مع المقاومة الشعبية تمكن من قتل أربعة آلاف عنصر من حركة الشباب في عمليات عسكرية منذ بداية العام الجاري، من بينهم القيادي عبدالله نذير المرشح لخلافة زعيم الشباب الحالي أحمد ديرية أبوعبيدة، و57 آخرون من القادة الميدانيين.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى