الصومال بين حربين الإرهاب والتغير المناخي

> "الأيام" وكالات:

> ​ليس لعامل الإغاثة الصومالي حسن محمد سيرات أي أدوات يواجه بها آثار الطقس المدمرة في بلده الذي مزقته الحرب، حيث تلت فيضانات هذا العام موجة جفاف شديدة.

وقال سيرات لموقع مؤسسة تومسون رويترز “نحن نبذل قصارى جهدنا”. وذكر وجود إجراءات توعية مثل توعية سكان المخيمات الذين أجبروا على الفرار من ديارهم بسبب العنف والجوع وعلى الانتقال إلى مناطق مرتفعة بسبب الفيضانات التي أودت بحياة ما يقرب من 100 شخص وشرّدت 700 ألف منذ أكتوبر.

ويعمل سيرات، وهو موظف ميداني يتبع منظمة إنيسكوي للسلام والتنمية، في قرية قريبة من مدينة بيدوا في جنوب غرب الصومال. وتسجّل المنطقة واحدة من أكبر تجمعات السكان الذين نزحوا بسبب التمرد والجفاف في البلاد.

وجرفت الفيضانات خلال الشهر الماضي منزل عمه مع العديد من الخيام والمباني الأخرى في بيدوا، مما ترك الأسر معرضة لأهوال العوامل الجوية. وقال سيرات إن “هؤلاء الناس معرضون للخطر، فليست لهم منازل تحميهم من الكوارث وهم يحتاجون إلى مأوى”.

وأضاف أن السلطات في الصومال لا تتمتع بالتمويل اللازم لبناء منازل أكثر أمانا أو تطوير قنوات الصرف الصحي وغيرها من أسس البنية التحتية التي يمكن أن تساعد في مقاومة الصدمات والضغوط المناخية.

ويشبه الوضع ما تشهده دول ضعيفة أخرى مثل أفغانستان وليبيا. وتعدّ أنظمة الحكم فيها عقبة أمام التمويل العالمي الذي يمكّن المجتمعات من التكيف مع المناخ الأكثر قسوة وإصلاح “الخسائر والأضرار” الناتجة عن الكوارث.

ومن المنتظر أن تصادق الحكومات خلال كوب 28 على إعلان بشأن “المناخ والإغاثة والتعافي والسلام” لتوجيه المزيد من الدعم وتعزيز مرونة المناخ في البلدان غير المستقرة التي مزقتها الحروب. وهي لا تتلقى اليوم سوى جزء صغير من التمويل الدولي لمعالجة تغير المناخ، مما يترك شعوبها معرضة للكوارث التي تفاقمت بسبب ظاهرة الاحتباس الحراري، مثل الفيضانات التي دمرت السدود المتهالكة في ليبيا هذه السنة.

وقال ديفيد نيكلسون، وهو كبير مسؤولي المناخ في وكالة المعونة العالمية ميرسي كوربس، إن على المانحين التوقف عن تصوّر استحالة أعمال التكيف في البلدان غير المستقرة سياسيا، حيث يمكن توجيه الأموال من خلال الحكومات أو المجموعات المحلية.

وصرّح لمؤسسة تومسون رويترز “نحتاج إلى تحمل هذه المخاطرة، حيث تتوفر طرق ناجحة يمكننا من خلالها بناء القدرة على الصمود في مواجهة أزمة المناخ حتى في هذه البيئات الأكثر تحديا”.

وعملت مجموعته مع الرعاة والسلطات المحلية على حدود شمال كينيا التي أشعلت فيها مشاكل بسبب الجفاف التوترات. وهي تهدف إلى إدارة أفضل للأراضي عبر الجمع بين المعرفة الرعوية على الأرض والاستشعار عن بعد عبر الأقمار الاصطناعية.

ودعت المديرة التنفيذية لبرنامج الأغذية العالمي سيندي ماكين، ورئيس مؤتمر الأمم المتحدة المعني بتغير المناخ في الإمارات العربية المتحدة سلطان الجابر قبل انطلاق قمة كوب 28 إلى اتخاذ إجراءات عاجلة لتطوير حماية المناخ في البلدان الهشة والمتأثرة بالصراعات.

وأشارا في بيان مشترك نُشر الشهر الماضي إلى أن الذين يعيشون في أماكن مضطربة مثل الصومال يحصلون على تمويل أقل بما يصل إلى 80 مرة من أولئك الذين يعيشون في بلدان مستقرة.

ويشير إعلان كوب 28 إلى أن الصراع يزيد من ضعف الناس وتعرضهم للمخاطر المناخية، ويقول إن تغير المناخ يقوّض الدخل والسكن والرفاهية، مما يفاقم احتياجات المساعدات ويشكل “تحديا كبيرا ومتناميا للاستقرار”.

وقالت جيني ويلسون، وهي المتحدثة باسم برنامج الأغذية العالمي بشأن المناخ، لمؤسسة تومسون رويترز عبر البريد الإلكتروني إن التزامات الحكومات في مؤتمر كوب 28 يجب أن “تُترجم بسرعة إلى خطط عمل توفر حماية طويلة الأجل لأولئك الذين يعيشون في المناطق الأكثر هشاشة وتأثرا بالصراعات”.

وقال حسن مولد ياسين، رئيس جمعية السلام الأخضر الصومالية غير الربحية التي تدعم المجتمعات المحلية في سعيه لمواجهة أفضل للتهديدات المناخية، إن بلاده تسعى للتمتع بالمزيد من المساعدات الدولية للتعامل مع آثار ظاهرة الاحتباس الحراري.

وأكّد في مقابلة عبر الهاتف أن “المشكلة الرئيسية تكمن في صعوبة نيل التمويل”.

وذكرت كلير شاكيا، وهي خبيرة تمويل التكيف التي عملت لفترة طويلة مع البلدان النامية، أن الذين يعيشون تحت سلطة حكومات “ضعيفة”، بما في ذلك تلك التي تعيش حالة حرب والدول الجزرية الصغيرة، يكافحون للاستفادة من أموال المناخ العالمية.

وقالت إن العملية قد تستغرق عدة سنوات بسبب متطلبات قبول تقديم الدعم. وأضافت أن الشروط متعددة، “ولا تملك الدولة التي تشتت انتباهها العديد من الاحتياجات العاجلة والعديد من حالات الطوارئ القدرات اللازمة للاستجابة لها”.

وأشارت شاكيا إلى خضوع كل الدول لنفس القواعد الصارمة عند التقدم بطلب للحصول على التمويل مما يعزز فرصتك الأكبر حجما المتمتعة بمؤسسات الخدمات المدنية الفاعلة.

وأشار ياسين إلى أن الصومال يحصل على تمويله من خلال وكالات وسيطة مثل برنامج الأمم المتحدة الإنمائي بدلا من اجتياز هذه العمليات المعقدة.

ويصبح العالم مكانا أكثر خطورة بينما تكافح البلدان ذات القدرات الإدارية المنخفضة والقيادة الضعيفة للتعامل مع تأثيرات تغير المناخ المتفاقمة بسرعة.

وحدّد معهد الاقتصاد والسلام في تقرير صدر خلال 2023 أن ارتفاع انعدام الأمن الغذائي بنسبة 25 في المئة يزيد من خطر الصراع بنسبة 36 في المئة. واعتبر أن القفزة بنسبة 25 في المئة في احتمال التحديات المرتبطة بالمياه مثل الجفاف تُفاقم احتمال نشوب الصراعات بحوالي 18 في المئة.

ووجد تحليل أجرته منظمة ميرسي كوربس أن الدول العشر الأكثر هشاشة تلقت أقل من 1 في المئة من إجمالي تمويل التكيف مع المناخ في 2021، وهو ما لا يتجاوز 223 مليون دولار.

وأكّدت بيانات جديدة صادرة عن منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية انخفاض التمويل الدولي للتكيف في الدول النامية خلال السنة نفسها بنسبة 14 في المئة ليصل إلى 24.6 مليار دولار، حتى مع ارتفاع إجمالي تمويل المناخ بنسبة 7.6 في المئة.

وأشار الأمين العام لمنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية ماتياس كورمان إلى “حاجة مقدمي الخدمات الدوليين الملحة إلى تعزيز جهودهم بشكل كبير” في تمويل التكيف، بما يتماشى مع الالتزام بمضاعفته إلى 40 مليار دولار على الأقل سنويا بحلول 2025.

ويقول خبراء القدرة على الصمود إن تقديم المساعدة في الفترة التي تسبق وقوع الكارثة يمكن أن يقلل الحاجة إلى الغذاء وغيره من الإغاثة الطارئة في وقت لاحق، حتى عند تسجيل نقص في الأموال المخصصة للتكيف على المدى الطويل.

ومع توقع هطول أمطار غزيرة في الصومال، قرر برنامج الأغذية العالمي تفعيل برنامج “العمل الاستباقي” هذا العام، لتزويد المواطنين بالمعلومات والمساعدة على حماية منازلهم قبل حدوث الفيضانات.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى