وضع التحفّز العام وحجم التفاعلات المختلفة بأكثر من اتجاه، ورغم (السكون) النسبي القائم على الغموض الكبير الذي يطغي على المشهد السياسي في الجنوب، لأمر مقلق ومخيف ويبعث على التساؤل لدى أغلب الناس: إلى أين نحن ذاهبون؟ فالأمور لا تطمئنهم أبدًا وحياتهم تزداد بؤسًا وتعقيدًا في كل يوم، وللخروج من الوضع الكارثي هذا، مازال الجنوبيون يأملون بأن يقدم المجلس الانتقالي بمشاركة ودعم ومؤازرة بقية القوى الوطنية الجنوبية على خطوات وطنية شجاعة تنقذهم من هذا الوضع وهم محقون في ذلك.

فالانتقالي في نظرهم هو المسؤول الأول أمامهم في هذه المرحلة، والمعبر الرئيسي عن إرادتهم وقضيتهم، ولأن في ذلك أيضا -وهذا رأينا- ضرورة ملحة لاستباق الخطوات المتتالية التي تهيء الظروف لاستكمال حلقات التآمر (الناعم) الذي يدبره أعداء الجنوب وقضيته الوطنية منذ فترة طويلة، وقطع الطريق أمامهم وإفشالهم من الوصول لأهدافهم.

وهي الخطوات التآمرية التي ازدادت وتيرتها وتنوعت أساليبها الخبيثة والماكرة، وكذلك توسعت ميادين ومجالات فعلها مع تشكيل مجلس الثمانية، وقدوم بعض من يمثلون تلك الأطراف المتآمرة إلى عدن، وقد كانت هدفًا ومنطلقًا لهم، والتي يعتبرونها عاصمة مؤقته (لشرعيتهم)، وهي بالأساس المقر المناسب لهم، والذي اختاروه بعناية كبيرة، ليتمكنوا من القيام بما يلزم لتنفيذ المخطط - المؤامرة.

فعبر تنفيذ خطتهم التآمرية ونجاحها وكما يعتقدون بأنهم يستطيعون إعادة احتلال الجنوب مرة أخرى وباسم (الوحدة)، ليتمكنوا من إحكام السيطرة على ثرواته ومواردة، وتناسوا بأنهم من قتلها بعد غدرهم بالشريك الجنوبي والاعتداء على الجنوب واحتلاله، وبأنها لم تعد على (قيد الحياة) إلا في أحلامهم وأوهامهم، فقد دفنت بأيديهم الملطخة بدماء الجنوبيين، و(المكفنة) بآلامهم وأوجاعهم ومعاناتهم غير المسبوقة في كل تاريخهم، وعلى امتداد ثلاثة عقود من زمن (وحدة الموت).

والسؤال هنا أي خطوات قادمة ستشهدها الساحة الجنوبية وبأي حجم ونطاق ستحصل؟

فكما ببدو لنا بأنه لا مفر من حدوث ذلك، وبأن المسألة مسألة وقت لا أكثر، لأن تجنبها في تقديرنا غير ممكن بالنظر لطبيعة الصراع القائم بين الجنوب وأعداء حريته وكرامته وحقه في استعادة دولته وسيادته على أرضه، ولكن كيف ستتم هذه الخطوات وبأي أدوات ووسائل ستنفذ وبأي اتجاه ستكون؟.

إن الإجابة على ذلك ستبقى معلقة ومرهونة بمن سيسبق الآخر، الجنوب أم أعدائه، مع ثقتنا بأن الهزيمة ستكون من نصيب أعداء الجنوب حتى وإن سبقوا في مغامرتهم (الانقلابية) ضد الجنوب وإرادة شعبه.

فمع الأسف الأمور تسير نحو مواجهة أوسع وأشمل، إن لم يحصل في الأمور أمور، ويحدث تغيير فعلي في قيادة (الشرعية) وتركيبتها ومهامها (المؤقتة)، إن بقيت لها مهام أصلًا غير التآمر على الجنوب، وكذلك الحال التغيير في جوهر وطبيعة خارطة (السلام) التي يتم الحديث عنها وتتبناها بعض الأطراف، وعلى حساب الجنوب وقضيته ووحدة كيانه ومستقبله مع الأسف الشديد، وهو الأمر الذي لن يكتب له النجاح، وسيفشله الجنوبيون بوعيهم وإرادتهم الوطنية الحرة، مهما كلفهم ذلك من تضحيات، وستكون مبررة وطنيًا وتاريخيًا وأخلاقيًا.