كشفت مصادر إيرانية رسمية عن زيارة رئيس هيئة أركان القوات المسلحة السعودية الفريق أول الركن فياض بن حامد الرويلي إلى طهران على رأس وفد عسكري رفيع، من المفترض أنها قد تمت، وفقا للمصادر الإيرانية، بالتوازي مع أنباء تحدثت عن إجراء مناورات مشتركة ستتم بين البلدين بحسب مصادر إيرانية أيضًا.
حيث أعلن قائد البحرية الإيرانية الأدمیرال شهرام، أن السعودية طلبت إجراء مناورة بحرية مشتركة مع بلاده وأن الاستعدادات مستمرة لإنجاز ذلك.
فهذه الخطوات العسكرية بين البلدين تأتي بعد تطبيع العلاقات السياسية بينهما، وبعد زيارة هامة قام بها قبل أسابيع وزير الخارجية الإيراني إلى الرياض.. فيبدو أن المملكة العربية السعودية عازمة حقًا على طيّ كل الملفات الساخنة بالمنطقة وتبريدها حتى الهمود، وبالذات في اليمن والتي تمثل استمرارها عائقا أمام المشاريع السعودية الداخلية والخطط الاقتصادية الاستراتيجية الطموحة وخطة الانفتاح الاجتماعي والثقافي التي تمضي بها المملكة.
كما أن تطبيع هذه العلاقات بين البلدين (ايران والسعودية) على المستويين العسكري والسياسي ستنعكس إيجابًا على الوضع في اليمن.. فالخطوات التي شرعت بها السعودية مع صنعاء لطي صفحة الأزمة والحرب والتي جرت وتجري برعاية عمانية ستصبح قابلة التنفيذ برغم تمنع الأطراف الداخلية الأخرى في حال مضت الأمور كما يجري ولم تدس الولايات المتحدة انفها بهذا الشأن.
نقول إن السعودية تمضي بهذه الخطوات بشكل متسارع وتدير ظهرها إلى حد كبير للضغوطات الأمريكية والغربية التي كانت آخرها محاولة الضغط على المملكة ودول الخليج إقحامهم في الاشتراك فيما يسمى بحلف الازدهار في البحر الأحمر لمواجهات الحوثيين.
فالسعودية بالتأكيد تواجه ضغوطات أمريكية هائلة وربما سيتضاعف هذا الضغط مع قدوم الرئيس الأمريكي ترامب للبيت الأبيض الذي عُرف عنه بأنه متعصبا كثيرًا لإسرائيل ولمشروعه المريب مشروع التطبيع مع إسرائيل وتبرمه من أي تقارب بين دول المنطقة وممارسته ضغوطاته على الأنظمة العربية لتمضي في عملية التطبيع مع إسرائيل برغم المجازر والفظائع التي ترتكبها تل أبيب بحق الشعب الفلسطيني واللبناني ويمارس نوع من الضغوطات ولابتزاز الوقح على المملكة لانتزاع منها كثيرًا من الأموال، وقد لا تروق له هذه الخطوات التي تقوم بها السعودية سواء بما يتعلق في اليمن أو مع علاقاتها (المملكة) مع طهران، ولكن نعتقد بأن القرار السعودي بالمُضي قُدما بتفعيل الحلول السياسية وإنهاء الحروب والنزاعات قد اتخذ ولا رجعة عنه لتتفرغ الرياض بالتالي لما هو أهم وأنفع لشعبها، بالتأكيد من شأن هكذا توجه سينعكس إيجابًا على مسار العملية السياسية في اليمن.
ولكن بالتأكيد أنه في حال أن توصلت الأطراف الإقليمية لوضع حدًّا للعدوان الإسرائيلي على غزة والضفة ولبنان وغيرها من بؤر الصراعات المشتعلة في المنطقة فإن الحركة الحوثية ستمضي بابرم تسوية سياسية مع السعودية ومع القوى المحلية في اليمن فكثير من الملفات وكثير من المطالب والشروط التي كانت تشترطها هذه الحركة قد تم تلبيتها، ولم يبق إلا التوقيع الفعلي على ما تم إبرامه في مسقط، فلولا العدوان على غزة لكان تم التوقيع.
ولكن برغم الخضات العنيفة بالمنطقة إلا أن هذه الخارطة التي رسمتها السعودية مع حركة أنصار الله الحوثيين لا تزال قائمة وممكنة التنفيذ بدعم أممي واضح وهناك رغبة داخلية بالشارع اليمني لطي صفحة الحرب والشروع بتسوية سياسية شاملة تعالج كل القضايا، وأبرزها وقف الحرب وحل القضية الجنوبية حلا أمثل.
يضاف إلى ذلك أن المملكة أدركت تمامًا بأن الحسم العسكري أصبح مستحيلًا بعد عشرة أعوام من القتال الدامي.
فالهجمات التي شنتها وتشنها الحركة الحوثية بواسطة الطيران المسيّر والصواريخ فائقة السرعة على الأهداف الإسرائيلية وتبلغ قلب تل أبيب، فضلا عن الهجمات التي تشنها الحركة في البحر الأحمر على السفن الإسرائيلية والأمريكية والغربية بشكل شبه يومي، قد بعثت برسالة صريحة للرياض بأنها أمام حركة عصية الانكسار شديدة المراس، ولا حل غير الحل السياسي، وبالتالي المملكة العربية السعودية تتعامل مع هذا الوضع بطريقة الاسترشاد بالعقل وإعلاء صوت المصالح.
"رأي اليوم"