> بيروت "الأيام" العرب:

​وصفت أوساط سياسية لبنانية زيارة الرئيس جوزيف عون التي استمرت يومين إلى الإمارات العربية المتحدة بـ”الناجحة”، معربة عن تطلعاتها لصفحة جديدة في العلاقات الثنائية، بالنظر إلى الثقل الذي تحظى به الدولة الخليجية على الصعيدين الإقليمي والدولي.

واختتم الرئيس اللبناني الخميس زيارة هي الأولى له إلى الأمارات منذ تسلمه مهامه في يناير، وذلك بدعوة من نظيره الإماراتي الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، الذي سبق وشدد على دعم بلاده الكامل لكل ما يضمن استقرار لبنان وأمنه.

وشكلت الإمارات المحطة الخليجية الثالثة بعد زيارة قام بها عون إلى قطر والسعودية، في سياق حرص العهد الجديد في لبنان على استعادة دفء العلاقات مع دول الخليج، بعد سنوات طويلة من الفتور، نتيجة الموقف من هيمنة حزب الله على مفاصل القرار في البلد.

ويعول العهد على الدعم الخليجي في مواجهة التحديات التي تلازمه خاصة على الصعيد المالي، حيث يعاني اقتصاد لبنان من حالة انهيار فاقمتها الحرب الأخيرة بين حزب الله وإسرائيل.

وبحسب بيان مشترك للبلدين، فقد تم خلال لقاء الرئيسين في أبوظبي “بحث العلاقات الثنائية وسبل تنميتها في مختلف المجالات، وتطوير الجوانب الاقتصادية والاستثمارية من خلال الاستفادة من الفرص المتاحة، وتنمية تبادل الخبرات، وتطوير مجالات العمل الحكومي.”

كما “شملت المناقشات الاتفاق على إنشاء مجلس أعمال إماراتي – لبناني مشترك، وقيام صندوق أبوظبي للتنمية بإرسال وفد إلى لبنان لبحث وتقييم مشاريع التعاون المشترك المتاحة.”

ولفت البيان المشترك إلى أنه من المقرّر أن “يقوم مكتب التبادل المعرفي في وزارة شؤون مجلس الوزراء بزيارة إلى بيروت لإطلاع الجانب اللبناني على التجارب الناجحة لدولة الإمارات في مجال تطوير الأداء الحكومي، وتنمية ممارسات الأداء والتميز المؤسسي.”

ووفق البيان، فإن الإمارات تعتزم رفع حظر السفر إلى لبنان الذي فرضته على مواطنيها إثر خلاف دبلوماسي سنة 2021، حيث اتفق “الجانبان على السماح بسفر المواطنين بعد اتخاذ الإجراءات اللازمة لتسهيل حركة التنقل بين البلدين ووضع الآليات المناسبة لذلك.”

كما “عبّرا عن تطلعهما إلى رفع مستوى التمثيل الدبلوماسي المتبادل،” بحسب البيان الصادر بعد يوم على لقاء بين الرئيس اللبناني جوزيف عون ورئيس الإمارات الشيخ محمد بن زايد آل نهيان في أبوظبي. وفي العام 2021، حظرت الإمارات على مواطنيها التوجّه إلى لبنان وسحبت دبلوماسييها من بيروت تأييدا للسعودية بعد انتقاد وزير لبناني التدخّل العسكري السعودي في اليمن.

ولم تمنع لا بيروت ولا أبوظبي سفر اللبنانيين إلى الإمارات، بالرغم من الصعوبات التي واجهتهم في الاستحصال على تأشيرات دخول. ويرى مراقبون أن تخفيف القيود على زيارة الإماراتيين خطوة مهمة مع اقتراب الموسم السياحي في لبنان.

وفي السنوات الأخيرة، تدهورت العلاقات بين البلدين بسبب النفوذ المتنامي لحزب الله الموالي لإيران في لبنان. لكن بعدما خرج الحزب ضعيفا في أواخر نوفمبر من مواجهة مفتوحة مع إسرائيل، تبدي الإمارات كما باقي دول الخليج مجدّدا اهتماما بالتعاون مع لبنان.

وشكر الرئيس اللبناني الشيخ محمد بن زايد لمواقفه الداعمة للبنان وقال” الماضي أصبح وراءنا والدولة بدأت تستعيد حضورها وقدرتها وسيادتها، وكل مكوناتها تتعاون من أجل مستقبل لبنان،” معربا عن تطلعه إلى رؤية المواطنين الإماراتيين في لبنان من جديد.

من جهته، جدد الشيخ محمد بن زايد آل نهيان تأكيد موقف بلاده الداعم لوحدة لبنان وسلامة أراضيه، وتعزيز مؤسسات الدولة، ودورها في حفظ السيادة، والأمن، والاستقرار، وفقاً لموقع الرئاسة اللبنانية.
ولاقت زيارة الرئيس اللبناني إلى الإمارات وما أثمرت عنه من نتائج ارتياحا في صفوف اللبنانيين، وأثنى رئيس تجمع “كلنا بيروت” ورئيس الهيئات الاقتصادية الوزير السابق محمد شقير على النتائج الإيجابية التي خلصت إليها الزيارة.

وقال شقير في بيان إن “نجاح الزيارة يعكس نجاح العهد الجديد في إعادة بناء جسور التواصل وتمتين العلاقات اللبنانية مع العالم ومع الأشقاء العرب، لاسيما مع المملكة العربية السعودية ومصر والإمارات وقطر والكويت، وهو مؤشر واضح على عودة لبنان بقوة إلى الحضن العربي وعودة العرب إلى لبنان.”

وحيا دولة الإمارات “الشقيقة وقيادتها الحكيمة ورئيسها الشيخ محمد بن زايد بن سلطان آل نهيان على الأهمية الكبرى التي أولاها لزيارة الرئيس عون إلى أبوظبي، والبيان المشترك الذي أكد حرص الإمارات على دعم لبنان في كل المجالات وقرار السماح للمواطنين الإماراتيين بالسفر إلى لبنان، ورفع مستوى التمثيل الدبلوماسي.”

وشدد شقير على أن “هذا الموقف ليس غريبا عن الإمارات وقيادتها، هذه القيادة التي لم تنكفئ يوما عن دعم لبنان في أصعب الظروف وأشدها قساوة، وهي التي حفظت إرث المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان في حبه للبنان والشعب اللبناني كما حبه لكل العرب.”

من جهته كتب النائب فؤاد مخزومي عبر حسابه على منصة إكس “نرحّب بقرار دولة الإمارات العربية المتحدة الشقيقة بالسماح لمواطنيها بالسفر إلى لبنان وتسهيل حركة التنقل بين البلدين. هذه الخطوة الإيجابية تعكس عمق العلاقات الثنائية بين لبنان والإمارات، وحرص الجانبين على تعزيز الروابط والتواصل بين شعبيهما.”

ويمر لبنان بمرحلة انتقالية، ويرنو إلى دعم عربي ولاسيما خليجي لتجاوزها إلى بر الأمان، بعد فترة طويلة صعبة كلفته الكثير لاسيما اقتصاديا.

ويرى مراقبون أنه من غير المرجح رؤية تدفقات مالية خليجية على لبنان، كما حصل في السابق، وذلك بانتظار ما ستسفر عنه الإصلاحات التي سبق وأن التزم بها العهد الجديد، سواء في علاقة بالإصلاحات الاقتصادية، وأيضا باستعادة الدولة فعليا لسيادتها عبر “احتكار السلاح” بيدها.