داعية وشيخ الوسطية والاعتدال والتنوير والأخلاق في ذمة الله
رحل عن دنيانا الفانية الشيخ والعالم المجتهد أبوبكر العدني المشهور أو الحبيب المشهور، أحد شيوخ التنوير في المنطقة واليمن والجزيرة العربية، كان ميلاد ونشاءة الشيخ أبوبكر في أحور بمحافظة أبين التي درس فيها وتنقل بين المحفد وعدن، حيث نال تعليمه الجامعي في كلية التربية، وتتلمذ على يد والده العلامة، وعاش في أسرة متماسكة ومتمسكة بالأخلاق والقيم الوسطيه وحب الصدق والعمل والناس، كان في صباه أو شبابه متنقلًا بين أحور والمحفد وأبين وحضرموت بين تريم وسيئون التي سعى النظام البائد لشيطنتها وأوجد فيها بؤرة للعنف والاسلام السياسي والإرهاب، للتمركز فيها ولإخراجها من سياقها التاريخي المسالم والمدني المعروف عبر تجميع جماعات الإرهاب والتطرف في ربوعها ولم يفلحوا مثلما فشلوا في جعار وزنجبار وأحور والمحفد في أبين والوهط في لحج برغم الإصرار والخسائر والخراب الذي الحقوه.
وكان لـ "العيدروس" حضورًا بارزًا في عدن والهاشمي وكلها، ومنذ عقود كانت أربطة للعلم وستظل مراكز أصيلة للتنوير وللاعتدال والوسطية والإسلام النقي المبني على قيم العلم والعمل والاجتهاد والتسامح والمحبة والرحمة وحسن المعاملة والصدق وليس العنف ولا الإرهاب والكذب والزيف والنفاق الدخيلة والشاذة والغريبة على الاسلام.
والفقيد الداعية أبوبكر العدني ظل ملتزما بالسير على نهج الإسلام المعتدل الصحيح، وهو نهج الوسطية والمحبة والصدق والعمل والعلم والدعوة للسلام وعدم الغلو والتشدد كونه عاش ووجد في بيئة خصبة وثرية شجعته وكثير من غيره من الدعاة الموهوبين من قبله وكانوا قدوه له على البحث والانطلاق وقول الحق، وكان مواكبا مع التطور العلمي الإيجابي والتحديث بكل شجاعه أسوة بشيوخه الذين سبقوه من الشيوخ باحميش وعبدالله محمد حاتم والبيحاني والسقاف الذين تاثر بهم وكان لهم انعكاسات في نهجه وخطابه المعتدل والإصلاحي للمجتمع ومواجهة الأفكار المتطرفه المختلقه والضالة والمحرَّفة لنهج الرسول الكريم رسول الرحمه محمد صلى الله عليه وسلم وجوهر العقيدة الغراء المبنية على الاقناع والرضى والقدوة.
وعمل الشيخ المشهور أبوبكر بكل إخلاص مواجهًا تحديات دعته للاغتراب في سبيل قناعاته والبعد عن قوى الشر والحقد والظلام والعنف والتعصب وكان سلاحه الحوار والكلمة الطيبة وإجلاء الغشاوة عن عيون الضالين بالتي هي أحسن دون إكراه أو تشدد أو احكام مسبقة.
ولم يكن للتكفير أو الضغينة والغدر أو الانتقام في حياته مكانا ولا سبيلا ولا لإزاحة الآخر المخالف بالقوه كون تلك الممارسات ليست من ثوابت الدين الإسلامي السمح والحنيف، "وقل الحق من ربكم فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر" واجتهد في الدعوة لمكارم الأخلاق وحب الآخرين والإنسانيه وإفشاء السلام والإحسان للجار ونبذ العنف ومواجهة الافكار المتطرفة والضارة والضالة بين أوساط الناس أسوة بشيوخ الاعتدال الذين سبقوه وعاصر بعضا منهم كما اسلفنا أعلاه كون ذلك الخلق الطيب من أخلاق الرسول وسيرته العطرة الذي وصفه جل جلاله بأنه لم يُرسل "إلا رحمة للعالمين" وبأنه على "خلق عظيم".
وتأثرت مواعظه بدعوته الوسطية في كثير من الدول العربيه وحتى مسلمي آسيا الذين نشر الاسلام في أوساطهم بالمواعظ الحسنة والقدوة والأمانة وحسن الخلق والمعاملة من قبل أجداد الشيخ المشهور من الذين هاجروا من حضرموت وتريم إلى بلاد الهند والسند وإندونيسيا وسنغافورة وجاوه وماليزيا للتجارة والعمل، فكانوا خير أمة ونشروا الإسلام بالسلام وبالقيم السمحة والصدق والأمانة، ففتحت لهم القلوب قبل المدن والبيوت وانتشر الدين قبل أن يلوثوه المنافقين والمتاجرين به اليوم أصحاب الأهواء والسماسرة ومن وراءهم والذين شوهوا وحرفوا الصورة الجميلة للدين الحق، وهدفهم الجاه والمال واستغلوا الدين والعنف والتخويف كوسيلة لبلوغ الهدف ووجدت فيهم أجهزة وقوى أخرى معادية ودولية مبتغاة وحصان طروادة لتحقيق مخططاتها وبسط نفوذها وتمزيق العالم الإسلامي والعربي خصوصا ، تشتيت أفكار الناس والتشكيك بدينهم عبر كل الوسائل الحديثه من أجل السيطرة ونهب الثروات واستغلال موقع وامكانيات الوطن العربي واراضيه وبحاره وهذا ما يحدث اليوم في كثير من بلدان الوطن العربي ونجح في تحقيق كثير مما وضعوه وأعدوه منذ أكثر من خمسة عقود ضد بلداننا وشعوبنا لتمزيقها وانحلالها وتفسخ قيمها وأخلاقها والتشكيك في عقيدتها والابتعاد عن تلك القيم والأخلاق وبالمقابل نشر الإباحية والمخدرات والسلوكيات الشاذة والغريبة المدمرة.
كان للداعية الجليل أبوبكر العدني المشهور والمغفور له بإذن الله تعالى دور في كشف هذه الممارسات والوقوف ضدها والدعوة للتحذير والتنبه لها وحماية الشباب والأطفال من المخدرات والإنحراف والانجراف وراء تيار تلك الأفكار المهلكة والمدفوعة عبر أدوات وبعدة طرق وأشخاص وجهات خبيثه وعبر وسائل التواصل الاجتماعي الحديثة أو ما يسميه البعض مجازا "بوسائل الدمار والتباعد الاجتماعي" وهذه التسميه مقاربة.