قصة قصيرة بعنوان (أحذية قاسية)

> «الأيام» نبيل اليوسفي:

> كانت السيارة «الهيلوكس» تنطلق كطلقة رصاصة تذبح الريح وتبتلع الإزفلت بنهم زائد، وعلى ظهرها المكشوف وفي أحشائها بشر وقات يزاحم بعضهم بعضاً، ويتشبث بعضهم ببعض.. سرعة اسطورية تسابق عقارب الزمن مازالت في نظرهم بطيئة بطيئة تحث السائق (السَرِك) على المضاعفة أكثر وأكثر.

الطريق تطفح بالسيارات المستعجلة، وخطوات الشمس المتسلقة أديم السماء الزرقاء الصافية تحثها على الاستعجال أكثر.. والسيارة «الهيلوكس» تتخطى كل شيء أمامها.. الزحام.. المنعطفات .. المنازل والأشجار المتهاربة عن يمينها وشمالها.. الجبال.. السهول.. الشمس.. فيخال أن الكون يدور ويضطرب حول بؤرتها الثابتة، وحناجر الركاب المزاحمة للسائق المحصور مازالت تقرعه بالتقصير خشية أن يحترق القات، أو تبرد حرارة السوق فيذهب جهدهم وسهرهم وخسارتهم في مهب التأخير.

منذ انطلاقهم وجرس الإنذار الذي لا يسمعونه يدق ويدق بإلحاح، وقد تجاوز هدفهم التنبه لأي خطر واحتلت أذهانهم لقطة ثلاثية: «الوصول.. المدينة.. الربح».. ثم في غمضة جفن احتضنتهم أحذية قاطرة، وتبخرت اللقطة المضيئة أفكارهم.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى