عبدالحليم خدام نائب الرئيس السوري السابق في مقابلة مع قناة (العربية):خدام: اما ان اكون مع الوطن واما ان اكون مع النظام فاخترت الوطن لانه الحقيقة الثابتة

> «الأيام» متابعات :

>
عبدالحليم خدام
عبدالحليم خدام
أجرت قناة (العربية) مساء الجمعة الماضية مقابلة خاصة مع نائب الرئيس السوري السابق عبدالحليم خدام.. وفي ما يلي نص المقابلة:حسين فياض قنيبر: مشاهدينا الكرام ضيفنا في هذه المقابلة الخاصة هو عبد الحليم خدام نائب الرئيس السوري السابق، رافق الرئيس الراحل حافظ الأسد 55 عاماً في العمل الحزبي، وفي الدولة رافقه على مدى 35 عاماً كوزير للخارجية بدءاً من العام 70، وكنائب لرئيس الجمهورية بدءاً من العام 84، ومع وصول الرئيس بشار الأسد إلى الحكم بوفاة والده احتفظ خدام بكل مناصبه الحزبية والرسمية لكن وهجه لم يبق، واضطر في وقت لاحق إلى الاستقالة من كل مناصبه الحزبية والسياسية.

ما هو سر القطيعة بين الرجل القوي في نظام حافظ الأسد وبين بشار حافظ الأسد؟ أبو جمال سيتحدث في هذه المقابلة عن سوريا داخلياً وخارجياً، وعن لبنان، وعن أسباب انهيار علاقات لبنان بسوريا، وكذلك عن التعاطي السوري مع الملفين العراقي والفلسطيني، عبد الحليم خدام أهلاً بك على شاشة العربية.


توقفت عملية الاصلاح فازداد التسيب في الدولة وازداد الفساد

عبد الحليم خدام: شكراً أهلاً بك.

عبد الحليم خدام في باريس مبعد أم مبتعد؟

< حسين فياض قنيبر: بداية أنت هنا في باريس مبعد أم مبتعد لماذا؟ وإلى متى؟

- عبد الحليم خدام: الواقع لست مبعداً ولست مبتعداً، جئت إلى باريس ليتسنى لي كتابة مرحلة هامة من تاريخ سوريا والمنطقة، في هذه المرحلة كنت أحد القياديين الأساسيين في التخطيط وفي التنفيذ في مجال سياستنا الخارجية، ورأيت أن من واجبي الوطني أن أؤرخ هذه المرحلة لتطلّع الأجيال وليطلّع الناس على الحقائق والوقائع الصحيحة، حيث استطعنا أن نحقق لسوريا مكانة مرموقة في المجالين أو في الساحتين العربية والدولية، في باريس أستطيع الكتابة بهدوء بعيداً عن الضجيج السياسي الموجود في سوريا، فآثرت الابتعاد من أجل الكتابة وليس الابتعاد عن العمل السياسي، وسأعود إلى دمشق، وسوريا هي في قلبي وفي عقلي، جئت إلى باريس من أجل الكتابة، لم أتعرض لا لإساءة ولا لتهديد، وخرجت وعلاقاتي مع الرئيس بشار الأسد علاقات حسنة وودية، والخلاف في وجهات النظر لا يغير شيء، لي وجهات نظر مختلفة، لكن قبل سفري ودعته ويعرف أني سأقيم طويلاً من أجل الكتابة، فما يقال حول تهديد وحول مضايقة غير صحيح يعني حتى الآن غير صحيح.

< حسين فياض قنيبر: لماذا حتى الآن؟ يعني هل تتوقع أن تصدر تهديدات معينة لاحقاً؟

- عبد الحليم خدام: يعني أتوقع أن يقوم بعض الذين ضللوه في تحريضه.

< حسين فياض قنيبر: هل تخشى في حال عودتك من محاكمة؟ أو فتح بعض الملفات ضدك؟

- عبد الحليم خدام: أولاً السوريون جميعاً يعرفون من هو عبد الحليم خدام، ويعرفون التضحيات التي قدمتها من أجل إعلاء كلمة سوريا، ويعرفون الجهود التي بذلتها من أجل أن تكون سوريا رفيعة في مقامها وموقعها، ويعرفون أنني تعرضت لخمس محاولات اغتيال ليس لأني اختلفت في كازينو قمار مع أحد، لكن لأني كنت المدافع القوي عن سياسة سوريا، يعرفون كل ذلك، وبالتالي إذا جرُأ أحد على التفكير بمحاكمتي يجب أن يحسب أنه سيكون في يوم في قفص الاتهام.

< حسين فياض قنيبر: يعني هل هناك ملفات يمكن أن تستحضرها للآخرين؟

- عبد الحليم خدام: لدي الكثير.. لدي الكثير مما أقوله، لكن أنا.. هناك الكثير لا أقوله لمصلحة سوريا، لمصلحة البلد، ومن يحاول أو يفكر بذلك يعرف ما لدي، يعرف جيداً ما لدي، ويعرف أن لديّ أمر كثير وخطير.

< حسين فياض قنيبر: بماذا يتعلق هذا الأمر الخطير؟ وبمن يتعلق تحديداً؟

- عبد الحليم خدام: مصلحة سوريا تقتضي أن لا أتحدث.

< حسين فياض قنيبر: عائلتك عبد الحليم خدام أين تقيم الآن؟ هل هي هنا في فرنسا؟ أم أن قسماً منها بقي في سوريا؟

- عبد الحليم خدام: هي في دمشق ولكن جاءوا إلى باريس لقضاء إجازة الأعياد.

< حسين فياض قنيبر: إذاً سيعودون وهم ليسوا هنا لأسباب أمنية؟

- عبد لحليم خدام: سيعودون.

< حسين فياض قنيبر: في آخر لقاء لك مع الرئيس بشار الأسد كيف كانت أجواء اللقاء؟ هل حصلت مشادة أو نقاش حاد بينكما؟ ماذا قال لك؟ ماذا قلت له؟

- عبد الحليم خدام: الواقع في جميع لقاءاتنا كانت اللقاءات ودية، وهو الرجل يعني هذا الرجل يتصف بأدب رفيع في حديثه مع الناس، وكان يبدي لي مودة واحتراماً، وأعتقد قسم كبير من ذلك يعود إلى معرفته بطبيعة العلاقة بيني وبين والده، لم أسمع منه أية كلمة تؤذي مشاعري أو تسيء لي، وعندما غادرت قبل مغادرتي بيومين استقبلني وكان الحديث ودياً وشاملاً، وبالتالي هناك اختلاف وجهات النظر، ولكن هناك احترام متبادل.

< حسين فياض قنيبر: عبد الحليم خدام يُقال أنك تركت سوريا في الزمن الصعب، تركتها عندما لم يعد لديك هذا الموقع الذي استفدت منه سابقاً، بماذا تردّ؟

- عبد الحليم خدام: تركتها في الزمن الصعب هذا صحيح، تركتها من أجل سوريا، أنا كما أشرت أريد كتابة تاريخ مرحلة، كنت عاملاً أساسياً في هذه المرحلة.

< حسين فياض قنيبر: أنت أول مسؤول سوري على هذا المستوى يقدم استقالته من قيادة الحزب ومن الدولة، هل يعود ذلك إلى خلاف مع الرئيس بشار الأسد شخصياً؟ أم لأسباب أخرى؟

- عبد الحليم خدام: أنا تعرفت على الرئيس بشار الأسد في عام 1998 في المرحلة التي كان والده يُعدّه بها لوراثته، وجرت عدة لقاءات بيننا، كان محور هذه اللقاءات الوضع الداخلي، الوضع العربي، الوضع الدولي، وكانت وجهات نظرنا متفقة على وجوب تحقيق إصلاحات جدية في سوريا، إصلاحات سياسية تتناول توسيع المجال الديمقراطي، وحرية العمل الحزبي، والحريات العامة، والحريات الفردية، كما ناقشنا الوضع الاقتصادي، والحاجة إلى إصلاحات اقتصادية أيضاً جذرية، توفر لسوريا القدرات من أجل رفع مستوى معيشة الناس، ومن أجل محاربة البطالة، وتوفير متطلبات الدفاع الوطني، وناقشنا الوضعين العربي والدولي، وكنا متفقين على كيفية التعامل بما يخدم مصالح سوريا والأمة العربية، ولذلك عندما تسلّم رئاسة الجمهورية قررت التعاون معه، وتقديم كل العون والمساعدة، وأن أضع خبرتي المتراكمة خلال السنين الطويلة في العمل السياسي، وأن أضع معرفتي بما يؤدي إلى ضمان مصالح البلاد.

بعد أداءه القسم قدمت له دراسة حول تطوير الحزب، وتطوير الحزب يعني تطوير النظام السياسي في سوريا، وتناولت في هذه الدراسة عددا من المواضيع منها: قضية الحريات والديمقراطية، الوضع الاقتصادي، وكيفية الخروج من الأزمة الاقتصادية التي تعيشها سوريا، مسألة العلاقة بين الإسلام والعروبة، ومسألة الحداثة، قدمت مجموعة من المقترحات بشكل أن المذكرة تشكل إستراتيجية للسياسة الخارجية لسوريا، وأعتقد لو أن الرئيس بشار الأسد تبنى هذه الاستراتيجية لما وقعت سوريا في هذه الحقول من الألغام، ولما واجهنا هذه الصعوبات الخارجية والداخلية، لأن المشكلة الكبرى هي أن الدولة عندما لا تكون لها سياسة تكون سائرة في طريق مليئة بالألغام وفي ظلام دامس، ركزنا في القيادة على الموضوع الاقتصادي، اتخذنا قرارات في تشرين الأول عام 2000 تتضمن مجموعة هامة من الإصلاحات الاقتصادية، وأُرسلت إلى مجلس الوزراء فنامت هناك، وفي إحدى زياراتي إلى فرنسا التقيت الرئيس جاك شيراك وتمنيت عليه أن يُقدم أو أن يبعث لنا بمجموعة من الخبراء تدرس الإدارة في سوريا وكيفية تطويرها وتحديثها، وجاء بالفعل مجموعة من الخبراء، ودرست وقدمت مقترحات، ونامت هذه المقترحات في أدراج الحكومة ولم ينفذ منها شيء، عند إذن تشكّلت لدي القناعة أن عملية التطوير والإصلاح سواء كان سياسياً أو اقتصادياً أو إدارياً لن تسير فقررت الاستقالة، راجعت نفسي، ووضعت نفسي أمام أحد خيارين: إما أن أكون مع الوطن، وإما أن أكون مع النظام، اخترت الوطن لأنه هو الحقيقة الثابتة، والنظام هو حالة عارضة في تاريخ البلاد كغيره من الأنظمة في البلدان الأخرى، الآن في هذه المراجعة ماذا وجدت؟ إنفراداً في السلطة، وتمركزا في السلطة كبير بشكل غابت فيه المؤسسات الدستورية تماماً، غابت فيه قيادة الحزب وقيادة المنظمات الشعبية، وأصبح دورها جميعاً هو تغطية القرار الذي يصدر عن الرئيس، الأمر الثاني توقفت عملية الاصلاح فازداد التسيب في الدولة وازداد الفساد، لدرجة أن موظفاً سابقاً في الأمن العام قبل عام 1970 كان يتقاضى راتباَ لا يزيد عن 200 ليرة سورية، توفي عن ثروة تعادل 4 مليارات دولار، وموظف آخر محاسب في شركة طيران قبل عام 1970 يملك وأولاده ثروة لا تقل عن 8 مليارات دولارات، في الوقت الذي يزداد فيه الفقر، وتزداد فيه الحاجة إلى موارد البلاد، الدخل الصافي للشركتين السنوي يعادل 700 مليون دولار أي مبلغ يقارب 1/6 موازنة الدولة، هذا الأمر ظاهرة ملفتة وغير مسبوقة في الحياة السياسية في سوريا منذ الاستقلال.

< حسين فياض قنيبر: ماذا تقصد بالقريب هل لنا أن نحدد من هو القريب؟

- عبد الحليم خدام: الأقرباء يعني ابن العم ابن الخال ابن العم الدائرة القريبة من الأقرباء يعني، والدائرة القريبة من بعض الأصدقاء هذا هو المقصود، عندما لا يجد ملايين السوريين ما يأكلونه، وعندما يبحث بعضهم عن الطعام في القمامة تتراكم الثروة بأيدي مجموعة قليلة من الناس وبشكل غير مشروع، لأن القانون غائب، الحاضر هو مصالح الدائرة الضيقة التي تحيط بالحكم، نصف الشعب السوري يعيش تحت خط الفقر، والنصف الآخر يعيش في.. على التوازي مع خط الفقر، وقلة صغيرة من الناس تعيش في بحبوحة، لا نستطيع أن نواجه الضغوط الخارجية والشعب السوري مصادرة حريته وممنوع عليه العمل السياسي وتتسلط عليه أجهزة الأمن.

< حسين فياض قنيبر: يعني كي نكون موضوعيين سيد عبد الحليم خدام كل ما تطرحه عن ضرورة الإصلاح ومنح الحرية للناس ووقف تسلط أجهزة الأمن عليهم، كل ذلك لماذا لم تطرحه عندما كنت في موقع القرار على مدى ثلاثين عاماً أو من ثلاثين عاماً في الدولة السورية؟

- عبد الحليم خدام: نحن لو عدنا إلى مؤتمرات الحزب منذ عام 1971 حتى عام 2005 وإلى اجتماعات القيادات القطرية خلال تلك المرحلة، نجد أن وجهات نظر كنت أطرحها مبنية على أساس تطوير البلاد، وتحقيق المنطلقات التي قامت عليها حركة تشرين عام 1970، قامت الحركة على أساس الانفتاح ومشاركة الشعب، وتم وضع دستور على هذا الأساس، وتم إطلاق حرية الأحزاب السياسية في تلك الفترة، ثم بعد ذلك جاءت تراكمات سلبية، لكن بعد انهيار الاتحاد السوفيتي والتطورات الهائلة التي جرت في العالم في مجال المبادئ والقيم والفكر وأنماط الحياة، في الوضع الداخلي دوري كان كعضو في القيادة القطرية، والقيادة القطرية كانت مغيبة، لم يكن لها أي دور إطلاقاً، كانت تمارس السلطة التنفيذية من قبل رئيس الدولة، ومع ذلك في اجتماعات القيادة ليس هناك اجتماع وبصورة خاصة بعد عام 2000 وتسلم الرئيس بشار الأسد مسؤولية رئاسة الجمهورية، ليس هناك اجتماع وأنا أتحدى ووثائق القيادة ومحاضر الاجتماعات موجودة إلا وكنت أطرح مسألتين، الضغوط الخارجية والحاجة إلى الإصلاح الداخلي، وإلى تحقيق الحوار الوطني، وتعزيز الوحدة الوطنية، ومشاركة الناس، ليس هناك اجتماع إلا.. حتى أحياناً يكون اجتماع في موضوع اقتصادي أدخل على الخط وأتحدث عن الوضع الداخلي وعن الحاجة إلى الإصلاح، وهذا موجود محاضر مسجلة في اجتماعات القيادة سواء كانت في القصر الجمهوري أو في مقر القيادة القطرية.

< حسين فياض قنيبر: سيد عبد الحليم خدام أنت تقول أنك حاولت طرح أفكار إصلاحية وهم أي الرئيس بشار الأسد وفريقه لم يتجاوبوا مع ذلك، ولكن ما تردد سابقاً كان العكس، وهو أن الرئيس بشار يطرح أفكاراً إصلاحياً ويعيق هذه الأفكار الحرس القديم وأنت من ضمنه هذا ما قيل بداية؟

- عبد الحليم خدام: هذه النغمة طرحتها أجهزة الأمن، هي أرادت أن تغطي التقصير في الإصلاح وبالتالي أرادت أن تنسب هذا التقصير للحرس القديم، ما هي الأسباب التي أدت لهذا الوضع؟ أول سبب الانفراد بالسلطة، ثاني سبب في القراءة الخاطئة للأحداث العربية والدولية.

< حسين فياض قنيبر: يعني عفواً انفراد الرئيس بشار الأسد شخصياً؟

- عبد الحليم خدام: شخصياً طبعاً، ثاني سبب القراءة الخاطئة للتطورات الدولية والإقليمية، والاستنتاج الخاطئ لقرارات لمواجهة هذه التطورات، وأعطي بعض الأمثلة، في مطلع أيلول 2004 زار سوريا داريل عيسى وقابل الرئيس، كما زارها مارتن أنديك وقابل الرئيس، هذا ما سمعته من الرئيس قال داريل عيسى سيعمل على تعزيز العلاقات السورية الأميركية، ومارتن أنديك انتقد سياسة إدارة بوش حول العراق، ثم قال للرئيس بشار سيأتي خلال أيام برينز مع وفد طويل وعلى كل حال الولايات المتحدة الأميركية لا يهمها لبنان يهمها العراق، وفي مرات أخرى قيل في القيادة نفس الكلام، وزُرع في عقل الرئيس بشار الأسد أن الولايات المتحدة الأميركية ستأتيه زاحفة تفاوضه من أجل العراق وتبقيه في لبنان هذه قراءة خاطئة، هذه القراءة الخاطئة أوصلت إلى النتائج التي أتت فيما بعد، إذاً القراءة الخاطئة والاستنتاج الخاطئ وضع البلاد أيضاً في مجموعة من المطبات تعاني منها الآن، السبب الثالث هو الانفعال وردود الفعل وهما صفتان سيئتان إذا لازمتا أي مسؤول، لأن التصرف بالانفعال وردود الفعل يُفقد المنفعل القدرة على التمييز بين الخطأ وبين الصواب.

< حسين فياض قنيبر: الانفعال انفعال ممن؟

- عبد الحليم خدام: انفعال الرئيس، يعني يعطيه خبر يتحمس يتخذ قرار، بعد فترة يكتشف أن ما نُمي إليه غير صحيح فيبادر إلى تصحيح الخطأ الذي ارتُكب لكن لماذا ننفعل؟ يعني الرئيس حافظ الأسد كانت لديه قدرة متميزة عن ضبط النفس وهذه صفة مهمة بمن يتولى مسؤولية إدارة أي بلد، الأمر الآخر هو ما يزرعه المحيطون بصاحب القرار في عقله من أنه المتميز وإذا أخطأ يرون خطأه صواباً، وإذا ظلم يصورون ظلمه عدلاً، وعند إذن تضيع الحقائق ويضيع العدل وويل للناس من الدائرة المحيطة بما تزرعه من أوهام لعبت وتلعب دوراً كبيراً.

< حسين فياض قنيبر: يعني هل لي أن أدخل في بعض الأسماء آصف شوكت ماهر الأسد كيف هي علاقاتك مع هاتين الشخصيتين تحديداً؟

- عبد الحليم خدام: في الواقع أنا عندما كنت في السلطة لم تكن لي اتصالات بالقوات المسلحة إلا عبر وزير الدفاع ورئيس الأركان، إذا اقتضت مقتضيات العمل، أعرفهم لكن ليست هناك بيني وبينهم علاقات سياسية أو غير ذلك.

< حسين فياض قنيبر: حصل سجال حاد بينك وبين فاروق الشرع خلال المؤتمر العاشر لحزب البعث، وانتقدت خلال السجال السياسة الخارجية لسورية، ألا تشعر بالغبن وأنت ترى فاروق الشرع يصبح الرجل الثاني في سورية، وأنت الذي رافقت حافظ الأسد على مدى أكثر من 30 عاماً؟

- عبد الحليم خدام: أولاً لا أشعر بالغبن لأني لا أقبل أن أضع فاروق الشرع بمواجهتي هذا أولاً، وثانياً لم تجر ملاسنة حادة هو أخطأ في إدارة الجلسة، وثالثاً اللجنة السياسية كما أشرت في مطلع الحديث رفضت التقرير الذي قدمه، ورابعاً ليس هو الرجل الثاني ولا العاشر في سورية إطلاقاً، يعني لا أريد أن أظلم نفسي وأن أقبل أن يقال أن هناك ملاسنة جرت بيني وبينه، هذا بعيد.

< حسين فياض قنيبر: تعرف غازي كنعان جيداً وقد جمعكما الإمساك بالملف اللبناني، الرواية السورية الرسمية تقول أنه انتحر هل لديك أسباب للتشكيك بهذه الرواية؟

- عبد الحليم خدام: في الواقع ليست لدي معلومات ولم أتصل أو لم يتصل بي أحد من الدائرة الضيقة حول المرحوم غازي كنعان، ولكن إذا أخذنا بالاعتبار الظروف التي وُضع بها غازي كنعان والضغوط النفسية التي تعرّض لها يمكن أقول يمكن ترجيح عملية الانتحار، يعني لا أستطيع أن أعطي رأياً قاطعاً، لكن يمكن ترجيح عملية الانتحار، لا أدري إذا جرى تحقيق في هذا الأمر جديّ، وبالتالي إذا وصل هذا التحقيق لاستنتاجات جدية، ولكن نأخذ ظواهر الأمور.

< حسين فياض قنيبر: يعني ما هي هذه الظروف النفسية التي وُضع بها والتي يمكن أن تكون كبيرة أو خطيرة لدرجة تدفعه إلى الانتحار؟

-عبد الحليم خدام: هو قبل يوم كان مدعواً على الإفطار عند أحد أصدقائه وكان موجود عدد من الناس، كان في حالة من المرح لا يبدو عليه أنه في صدد الانتحار، في اليوم الثاني صارت هناك صورة أخرى، شوهد وهو متوتر، خرج من مكتبه، أين ذهب؟ بمن اتصل؟ من اتصل به؟ ماذا قيل له؟ لا أحد يعرف حقيقة لا أحد يعرف، على الأقل أنا لا أعرف.

< حسين فياض قنيبر: كنت على تواصل معه في الفترة الأخيرة؟

- عبد الحليم خدام: غازي عملياً مضى أكثر من سنة ونصف لم أجتمع به، كنا نتحدث بالهاتف أحياناً، لكن هو كان منشغل في وزارة الداخلية، وأنا منشغل في عملي، كانت اللقاءات قليلة أو توقفت خلال سنة ونصف، وأعتقد أن توقيفها لم يكن بإرادته، توقيف اللقاءات لم يكن بإرادته.

< حسين فياض قنيبر: يعني طُلب إليه أن يوقف اللقاءات بك؟

-عبد الحليم خدام: أعتقد ذلك..

< حسين فياض قنيبر: من هي الجهة التي كانت تمارس ضغطاً عليه أو أبعدته عن الواجهة وهو الذي كان صاحب نفوذ قبل ذلك؟

- عبد الحليم خدام: يعني هلأ فيه أمور مختلفة، يعني الوضع اللبناني ما فيه شك انعكس انعكاساً كبيراً، انعكس على غازي لكن لم ينعكس على رستم غزالي، مع العلم أراد البعض أن يُحمّله مسؤولية التراكمات في الوضع اللبناني ونُسي رستم غزالي.

غازي كانت له أخطائه في لبنان لا أحد يناقش في هذا الأمر، لكن كان يُخطأ بأدب ويتراجع بأدب.

رستم غزالي تصرف وكأنه الحاكم المطلق في لبنان، في أحد المرات علمت أنه شتم الرئيس الحريري، وشتم نبيه بري الرئيس بري، وشتم الأستاذ وليد جنبلاط، قلت للرئيس بشار ليش مخليه في لبنان؟ هذا عم يسيء إلك عم يسيء للبلد، هذا يتصرف بشكل غير معقول مع القيادات اللبنانية، يشتم رئيس الوزارة يشتم كذا يشتم يشتم إلخ.. قال لي والله كمان غلطان مع نجيب ميقاتي، قلت له طيب إذا نجيب ومع سليمان فرنجية، قلت له هدول أصحابك غلط معهم كيف؟ قال: طيب الحق على غازي هو رشحه، قلت له: غازي غلط غيّره، قال: أنا رح أحكي معه أنبهه، فعلاً نبهه ونزل اعتذر، بعد فترة زادت أعمال السوء، قلت له: رستم غزالي آخذ من بنك المدينة 35 مليون دولار، والملف أكيد جابوا لك ياه، قال لي: بالفعل هذا حرامي، روح شوف شو عامل بضيعته؟ عامل قصر وعامل سوق، قلت له: يا أخي أنت قائد الجيش ورئيس جمهورية وبتعرف ضابط عندك مرتكب هالموبقات كيف بتخليه؟ رجع قصة غازي كنعان هو اللي رشحه، بعد اغتيال الرئيس الحريري اجتمعت معه يعني 28 شباط 2005 قلت له: هذا المجرم جيبو اقطع له رقبته، هذا هو اللي خلق هذا الوضع في لبنان.

< حسين فياض قنيبر: قلت هذا الكلام للرئيس الأسد عن رستم غزالي؟

- عبد الحليم خدام: طبعاً.. عن رستم غزالي، قال على كل حال بكرة بدنا يعني بتشكيلة كذا بينشال ما انشال، خطب الرئيس في مجلس الشعب وقال هناك أخطاء في لبنان، قلت له أنا رايد أحميك، شكّل لجنة تحقيق، جيب الضباط اللي أساءوا في لبنان حولهم لمحكمة ميدانية، حاكمهم ويتحمّلوا مسؤولية الأخطاء اللي صارت في لبنان، ليش بدها تتحمّلها الدولة؟ ليش بدك تتحملها أنت؟ قال: هلأ ما فينا نحاسب حدا بعد المؤتمر، وجيب وزير الخارجية اللي ورطك بالـ 1559 حطّه في بيته، قال: هلأ ما فينا نحاسب حدا لبعد المؤتمر، إجا المؤتمر وإذا برستم غزالي عضو في المؤتمر، وسلمه رئيس فرع الأمن في ريف دمشق اللي إله علاقة في لبنان، وبدا الواحد يتساءل لماذا حماية رستم غزالي والجميع يعرف موبقات هذا الرجل؟ لماذا حمايته؟

من قتل رفيق الحريري؟
< حسين فياض قنيبر: كل هذا يقودنا إلى الحديث عن لبنان ولك معه قصة طويلة، بدأت مع الدخول السوري إلى هذا البلد عام 76 وانتهت بدموع ذرفتها في منزل رفيق الحريري الذي حضرت إليه مرتين معزياً، عبد الحليم خدام من قتل رفيق الحريري؟

- عبد الحليم خدام: للجواب على هذا السؤال يجب أن ننتظر نتائج التحقيق، هناك تحقيق دولي، وجميع الأطراف تعترف وتؤيد هذا التحقيق، لذلك من السابق لأوانه القول هذا الفريق أو ذاك، لكن ما أريد الإشارة إليه هو أن الحملة السياسية التي وُجهت ضد المرحوم الرئيس الحريري شكلت أزمة لدى اللبنانيين، وعلى كلٍ علينا انتظار التحقيق، السؤال هل كانت العلاقات جيدة بين القيادة السورية وبين الرئيس الحريري؟ هذا السؤال قد يعطي أضواءً على المشكلة بين الرجل وبين القيادة السورية.

- حسين فياض قنيبر: ولكن قبل الدخول في هذا الموضوع سيد عبد الحليم خدام يعني أريد معرفة وأنت الخبير بدقائق الأمور في سورية، هل هناك جهات سورية في دمشق أو في بيروت وجهّت قبل الاغتيال تهديدات لرئيس الوزراء اللبناني السابق؟

< عبد الحليم خدام: نعم جرى توجيه تهديدات كثيرة للمرحوم الرئيس رفيق الحريري.

- حسين فياض قنيبر: تهديدات بالقتل؟

عبد الحليم خدام: يعني عندما يقول رئيس جهاز الأمن لزواره وهو يلعب بمسدسه.

< حسين فياض قنيبر: تتحدث عن رستم غزالي؟

- عبد الحليم خدام: نعم، سأعمل وأترك كذا وكذا، يعني هناك تهديدات كثيرة يعني سواء في دمشق أو في.. وهناك كلام خطير قيل عن الرئيس الحريري.

في إحدى المرات استدعي إلى دمشق وهذا الكلام سمعته مباشرة من ثلاثة مصادر، من الرئيس الأسد ومن الرئيس الحريري ومن غازي كنعان، أُسمع رئيس الحريري كلاماً قاسياً جداً جداً..

< حسين فياض قنيبر: تقصد عن اللقاء القصير بينه وبين الرئيس بشار الأسد؟

- عبد الحليم خدام: لأ قبل ذلك بأشهر، قبل التمديد بأشهر أُسمع كلاماً قاسياً جداً جداً جداً، علمت بالأمر من الرئيس..

< حسين فياض قنيبر: من قبل من أُسمع؟

- عبد الحليم خدام: من قبل الرئيس بشار الأسد، وهو الذي حدثني كان لي موعد معه، وقلت له: أنت تتحدث مع رئيس وزراء لبنان.

< حسين فياض قنيبر: وجه له هذا الكلام وكان بعد رئيساً للوزراء يعني قبل أن يستقيل.

- عبد الحليم خدام: كان رئيساً للوزراء، وكان الكلام بحضور رستم غزالي ومحمد خلوف وغازي كنعان، كيف توجه هذا الكلام لرئيس وزراء لبنان؟ كيف توجه هذا الكلام بحضور ضباط صغار؟ عندئذ أدرك أن هناك خطأ جرى، فطلب إلي الاتصال بالرئيس الحريري ولقاؤه، وإزالة الأزمة التي تُركت لدى الرئيس الحريري.

< حسين فياض قنيبر: عفواً هل لنا أن نعرف يعني بعض مضمون هذا الكلام أين كانت تكمن قساوته مثلاً؟

- عبد الحليم خدام: يعني القساوة تكمن.. أنت تريد أن تأتي برئيس لبنان، أنت تريد كذا أنا لا أسمح لك سأسحق من يحاول أن يخرج عن قرارنا، يعني بمثل هذه الشدة لا أذكر الكلمات بالضبط، لكن الكلام كان بمنتهى القسوة، خرج الرئيس الحريري ارتفع ضغطه وبدأ معه نزيف في الأنف، أخذه غازي كنعان إلى مكتبه وحاول أن يهدئ الموضوع، يعني هذا الحقيقة يعني معروفة.

في القيادة في إحدى المرات كان يجري الحديث حول القرار 1559 وجرت حملة على الرئيس الحريري بأنه يقوم بعمل غير مسبوق بلبنان وهو تجميع طائفته حوله وهذا ضد سورية إلخ و و.. بالفعل أنا اتصلت بعد ذلك بالرئيس لماذا الحديث بالقيادة؟ هذا الكلام سينتقل..

< حسين فياض قنيبر: اتصلت بالرئيس الأسد؟

- عبد الحليم خدام: طبعاً يعني الرجل أنا على صلة كنت دائماً فيه، لماذا هذا الحديث؟ الوضع السياسي في لبنان قائم على الطوائف، طيب رفيق الحريري تجمّعت طائفته حوله، نبيه بري شو؟ حركة أمل حركة شيعية، حزب الله حزب شيعي، المردة حركة مارونية، القوات اللبنانية حركة مارونية حركة مسيحية، طيب لماذا رفيق الحريري خطر على سورية إذا تجمّعت طائفته حوله وحسن نصر الله ونبيه بري لا يشكّلون خطراً إذا تجمعت طائفتهم حولهم؟ يعني وآنذاك بعد أيام جاني محسن دلول وطلبت إليه إبلاغ المرحوم أبو بهاء أن يغادر لبنان لأن وضعه معقد في سورية..

< حسين فياض قنيبر: كان ذلك قبل اغتياله بكم؟

عبد الحليم خدام: بفترة بأشهر، طبعاً لم يخطر في بالي في لحظة من اللحظات أن تقوم سورية باغتيال رفيق الحريري إطلاقاً، ولذلك المناخ يعني خلق انطباعات معينة عند الناس، ما يثبّت هذا المناخ ويعززه أو ما ينفيه نتائج التحقيق.

< حسين فياض قنيبر: ما صحة ما تردد عن أن اجتماعاً التأم بحضور ستة من المسؤولين السوريين الكبار وكنت واحداً منهم، وطُرحت فكرة تصفية الرئيس الحريري وأنت اعترضت على ذلك؟

- عبد الحليم خدام: هذا الأمر غير صحيح لا من قريب ولا من بعيد إطلاقاً إطلاقاً لم يجري مثل هذا الاجتماع.

< حسين فياض قنيبر: هل يمكن تصديق ما تردد في فترة ما من أن جهازاً أمنياً سورياً قد يكون اغتال الرئيس الحريري من دون علم بالضرورة من دون علم الرئيس بشار الأسد؟

- عبد الحليم خدام: علينا أن ننتظر التحقيق، ولكن من حيث المبدأ لا يستطيع أي جهاز أمني أو غير أمني في الدولة السورية أن يتخذ مثل هذا القرار منفرداً، والرئيس بشار نفسه في حديثه مع مجلة دير شبيغل قال ونفى التهمة عن سورية، وقال: إذا كان فيه سوريين متورطين هذا يعني أنا متورط، يعني جهاز أمني إن يتورط منفرداً هذا أمر غير ممكن، هل الجهاز الأمني متورط؟ هذا الأمر يحدده التحقيق.

< حسين فياض قنيبر: عبد الحليم خدام كنت المسؤول السوري الوحيد الذي حضر للتعزية بالرئيس رفيق الحريري، حضر إلى بيروت، وقبل ذلك كنت المسؤول الوحيد في سورية الذي حضر لعيادة الوزير مروان حمادة إثر تعرضه لمحاولة اغتيال، هل كنت في ذلك موفداً من الرئيس بشار الأسد؟

- عبد الحليم خدام: لأ ذهبت بصفتي الشخصية وليس بصفتي الرسمية، بحكم علاقة الصداقة والمودة بيني وبين الرئيس الحريري، وزرت الأستاذ مروان حمادة بحكم علاقة الصداقة والمودة بيننا، فذهبت للتعزية بالرئيس الحريري وذهبت للمشاركة في جنازته، لأنه صديق وصديق أعرف جيداً ماذا قدم لسورية، وكيف كان يخدم سورية في مراحل مختلفة.

هنا أريد أن أشير إلى مسألة العلاقة معه هناك مرحلتان في العلاقة مع الرئيس الحريري، مرحلة الرئيس حافظ الأسد كانت العلاقة جيدة جداً وأذكر حادثتين، الأولى عندما حاول اتحاد العمال القيام بإضرابات، اتصل الرئيس حافظ الأسد برئيس اتحاد العمال في سورية، وطلب إليه دعوة اتحاد العمال في لبنان ولقائي أنا مع الاتحاد لإقناعهم بعدم الإضراب، وقال آنذاك الرئيس حافظ للسيد عز الدين ناصر رفيق الحريري حاجة سورية لا يجب أن نضعفه، ويجب أن نعمل على تقويته هذه حادثة، عندما انتُخب العماد لحود رئيساً للجمهورية زار دمشق، سأله الرئيس حافظ الأسد من هو رئيس الوزراء القادم؟ أجابه الرئيس لحود: الدكتور سليم الحص، رد عليه الرئيس حافظ أسد لأ يجب أن يأتي رفيق الحريري، لبنان بحاجة له ونحن بحاجة له.

< حسين فياض قنيبر: ولكن مع ذلك كان الرئيس الحص هو الذي تولى..

- عبد الحليم خدام: تولى لماذا؟ لأن عقبات وضعت من قبل الرئيس لحود أدت لاعتذار الرئيس الحريري، وجيئ بالرئيس سليم الحص.

في الحقبة الثانية في مرحلة الرئيس بشار كان التعامل مختلفاً، كانت الحملات من الرئيس لحود ومن أجهزة المخابرات اللبنانية شديدة على الرئيس الحريري، وكان يتأثر بها الرئيس بشار الأسد، وبالتالي كانت توترات مستمرة من جانب سورية القيادة السورية يحاول الرئيس الحريري التعامل معها بكل إيجابية، ويقبل بتقديم بعض التنازلات حتى لا يغضب القيادة السورية.


الحملات من لحود كانت شديدة على الحريري
< حسين فياض قنيبر: يعني بالإضافة إلى رستم غزالي من كان أفراد الحلقة التي كانت تحرّض الرئيس الأسد على الرئيس رفيق الحريري؟

- عبد الحليم خدام: بالدرجة الأولى الحلقة اللبنانية الرئيس لحود، جميل السيد، أجهزة الأمن، بعض اللبنانيين المتضررين من الرئيس الحريري، يعني التحريض الجدي كان يأتي من الجانب اللبناني، يعني أعطي مثال صغير جون عبيد معروف تاريخياً صديق سوريا، جون عبيد رفض قرار التمديد، وهو كان من المرشحين لرئاسة الجمهورية، يأتي تقرير من المخابرات اللبنانية إلى عنجر إلى دمشق يقول أن جون عبيد وكان وزيراً للخارجية اجتمع الساعة كذا ليلاً بالسيارة مع السفير الأميركي ليتآمر معه، صدقنا التقرير، وجرت القطيعة من جون عبيد هذا مثال عما كان يجري، طيب جون عبيد وزير خارجية إذا أراد أن يجتمع بالسفير الأميركي يستطيع أن يأتي به إلى الوزارة، يستطيع أن يأتي به إلى بيته، فلماذا بالسيارة؟ وهل جون عبيد بهذا الغباء حتى يجري مثل هذا اللقاء في السيارة؟ يعني الصور اللي كانت تجري حقيقة كان هناك تخطيط في بعض الجهات اللبنانية لجرّ سوريا إلى ما وقعت به.

< حسين فياض قنيبر: وفي سوريا من هي الأطراف المحرضة غير الاسم الذي ذكرته؟

- عبد الحليم خدام: أفراد قلائل يعني تأثيرهم محدود..

< حسين فياض قنيبر: المحرضون في لبنان كانوا من الأجهزة الأمنية حصراً؟ أم أن هناك قيادات سياسية أيضاً هل لنا أن نعرف بعض التفاصيل؟

- عبد الحليم خدام: بشكل أساسي الدائرة المحيطة برئيس الجمهورية، هناك بعض الأفراد ليس لهم شأن أو تأثير في القرار العام لا في سوريا ولا في لبنان، ينقلون معلومات مخابراتية إلى أجهزة الأمن بهذا الشكل.

< حسين فياض قنيبر: هل تقنعك فرضية أحمد أبو عدس؟ هل تقنعك فرضية أحمد أبو عدس وفرضية أن انتحارياً فجّر نفسه وهو ينتمي إلى جهات أصولية وهو ما تردد بداية؟

- عبد الحليم خدام: من طرح فرضية أحمد أبو عدس هو في غاية الغباء، ومن طرح فرضية الحجاج هو في غاية الغباء، عملية تفجير تطلّبت ألف كيلو متفجرات من نوع خاص، تطلّبت أجهزة تقنية عالية لتعطيل أجهزة التشويش بسيارات الرئيس الحريري، هل يستطيع أحمد أبو عدس أن يأتي بهذا الحجم من المتفجرات؟ وإذا كان في السيارة فأين جسمه؟ أين أشلاؤه؟ فلذلك لا أعتقد أن هناك عاقل يستطيع أن يقول أو يقبل أن يقال أن أحمد أبو عدس هو وراء الجريمة.

< حسين فياض قنيبر: يعني أنت تقصد أن الأمر كان يستدعي أمنياً تدخل للجهة التي كانت ممسكة بالأرض آنذاك كي يحصل ما حصل.

- عبد الحليم خدام: يعني هذا الموضوع طبعاً لا أريد أن أتهم، لكن هذا الموضوع يتطلب تقنية عالية وكمية كبيرة من المتفجرات، وجهاز عامل للرقابة لا يقل عن عشرين شخصاً، وإدارة لهذه العملية الكبرى، يعني مين فيه أي منظمة أي شخص يستطيع أن يأتي بـ 1500 كيلو أو 1000 كيلو متفجرات لا أحمد أبو عدس ولا أحمد أبو حمص، هذه عملية كبيرة وراءها جهاز، من هو هذا الجهاز؟ هذا ما يجب أن يصل إليه التحقيق.


اغتيال الحريري وراءه جهاز كبير وليس أشخاصاً
< حسين فياض قنيبر: يعني أنت تتحدث عن جهاز سوري؟ لبناني؟ إسرائيلي؟ نريد أن نعرف نريد تحديداً أكثر.

- عبد الحليم خدام: أنا أتحدث عن جهاز لأني لا أريد أن أتهم.. هناك لجنة تحقيق أنا شخصياً لي ثقة بها، وكل الأطراف في لبنان لها ثقة باللجنة، ما يصدر عن هذه اللجنة عندئذ نستطيع القول أن هذا الجهاز أو ذاك، لكن هذه العملية الكبرى لا يستطيع القيام بها إلا جهاز قوي ولديه إمكانيات الكبيرة.

< حسين فياض قنيبر: ما رأيك بما ورد في تقرير ديتليف ميليس حول الظروف التي حصلت بها عملية الاغتيال؟

- عبد الحليم خدام: الظروف كلنا نعرفها، يعني الحملة على الرئيس الحريري من قبل بعض أصدقائنا، سليمان فرنجية يقول عن الرئيس الحريري أنه مشروع أجنبي من عام 1996 هذا قبل الاغتيال بأسبوع أو عشرة أيام، الرئيس عمر كرامي يقول: الحريري وجنبلاط عم ينفذوا مشروع أميركي، طلال أرسلان، عاصم قانصو، وئام وهاب كل هذه المجموعة كانت تشن حملة مسمومة على الرئيس الحريري، ثم جاءت قضية الزيت..

< حسين فياض قنيبر: عندما اتُهم بأنه يوزع الزيت لغايات انتخابية.

-عبد الحليم خدام: نعم، نعم، مجمل هذه الحملات.

< حسين فياض قنيبر: هل تجد أن تقرير ميليس كان ظالماً لبعض الأطراف اللبنانية والسورية، وأنه وجه اتهامات دون أن يقدم أدلة مادية كما يقول منتقدو التقرير؟ أم أنك ترى فيه توصيفاً دقيقاً لما كان يحصل قبيل الاغتيال؟

- عبد الحليم خدام: أنا محامي، التقرير تقرير فني مهني، هو أعطى خلاصة ما لديه، وهو لا يستطيع أن يعطي ما لديه لأن ذلك يضرّ بسلامة التحقيق، فميليس رجل مهني وقاضي معروف، وتقريره تقرير مهني جيد، فهو تجنب تسييس التحقيق رغم أن الجريمة جريمة سياسية، الجريمة جريمة سياسية لكن تجنب تسييس التحقيق، من سيّس التحقيق؟ المشتبه بهم، سيسوه عندما يصدر التقرير ويعودون إلى مدحه عندما يكون التقرير هادئاً.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى