رجال في ذاكرة التاريخ: 1- معروف حدّاد.. 2- عبدالله بُقعي

> «الأيام» نجيب محمد يابلي:

>
معروف حداد
معروف حداد
-1 معروف حداد
الميلاد والنشأة
معروف سعيد حسن علي محمد الحضرمي، العدني الذي اشتهر اجتماعيا وصحفيا باسم (معروف حداد) من مواليد يوم السبت 25 اكتوبر 1947م بمدينة كريتر (عدن) من أسرة الحداد المعروفة في حافة القاضي (حارة القاضي) وسبق أن تناولنا تفاصيل تلك الحارة في الحلقة السابقة من حلقات رجال الذاكرة في 15 يوليو 2007م وذلك في سياق البيانات التي أوردها الراحل الكبير حسين سالم باصديق عن حدود ومعالم وشخصيات (حافة القاضي) وجاء فيها أن المرحومين محمد مدي ومعروف حداد مع آخرين تلقوا تعليمهم الأولي في معلامة الفقيه زغير بحافة القاضي موئل أسرتي مدي وحداد (لمزيد من التفاصيل راجع الحلقة السابقة عن الراحل المبدع محمد مدي).

تلقى معروف حداد كل مراحل تعليمه العام والثانوي في مدارس عدن. شدته الصحافة إليها وهو في شرخ الشباب في فترة الستينات من القرن الماضي فأقبل عليها ككاتب هاو وخطا بعض الخطوات إلى الأمام بعدما التحق بصفوف الجبهة القومية التي كانت تصدر أكثر من نشرة وأبرزها «التلال الملتهبة»، التي عرفت لاحقا باسم «الثوري» التي أصبحت لسان حال اللجنة المركزية للتنظيم السياسي (والموحد لاحقا) الجبهة القومية ومن بعده الحزب الاشتراكي اليمني. (صحيفة «14 اكتوبر» الخميس 27 ابريل 2006م «ورحل حداد الحرف والرصاصة»).

معروف حداد وبرنامج (أنباء وتقارير)
كان معروف حداد قد حقق قدرا متواضعا من الخبرة في مجال العمل الصحفي والتحق بإذاعة عدن في العام 1969م كمراقب استماع، وأسس رحمه الله عددا من البرامج الاخبارية ومنها البرامج الشهير (أنباء وتقارير) الذي لا تزال إذاعة عدن تقدمه حتى الآن وذلك عام 1970م مع الزملاء جمال الخطيب وأحمد فدعق ومحمد عبدالقادر العطار وجميل محمد أحمد (مرجع سابق- «14 اكتوبر»). كما كان رحمه الله من المساهمين الاوائل في قيام وكالة أنباء عدن و(كالة الأنباء اليمنية «سبأ» حاليا) وكان الشهيد محمد ناصر محمد قائد فريق العمل الذي أسس الوكالة.

معروف حداد ومراكز قيادية في «14 اكتوبر»
انتقل معروف حداد للعمل في صحيفة «14 اكتوبر» وتحمل رئاسة عدد من الاقسام، وفي العام 1990م أصبح سكرتيرا لتحرير الصحيفة ثم صار مديرا لتحرير الصحيفة خلال الفترة 1994-1991م وتفرغ خلال الفترة 1995-1994م لصحيفة «يمن توداي» YEMEN TODAY الاسبوعية الناطقة بالانجليزية والصادرة عن مؤسسة «14 اكتوبر» وكانت الثانية من تاريخ إصدارها بعد الوحدة وكانت الأولى صحيفة «يمن تايمز» YEMEN TIMES التي أصدرها الطيب الذكر د. عبدالعزيز السقاف، الذي توفي في حادث مروري غامض عام 1999م، أما الصحافة الناطقة بالانجليزية فقد كانت مدينة عدن هي مهدها عندما صدرت «ايدن كرونيكل» ADEN CHRONICLE لمحمد علي لقمان و«الريكوردر» RECORDER لمحمد علي باشراحيل، ورحم الله العلمين البارزين لقمان وباشراحيل اللذين أصدرا أول صحيفتين ناطقتين باللغة الانجليزية على مستوى الجزيرة العربية.

عمل معروف حداد بعد توقف الصحيفة المذكورة محللا سياسيا ومستشارا لرئيس التحرير حتى وفاته رحمه الله، ووظيفة مستشار في المجتمعات المتخلفة ومنها مجتمعنا تعتبر وظيفة شرفية في إطار المقولة المعروفة «المستشار الذي لا يستشار» وعمل معروف حداد رحمه الله في وقت سابق في ديوان مجلس الوزراء ووزارة الخارجية.

ماذا قال عنه زميله محمد زكريا؟
الزميل محمد زكريا، كاتب وباحث، كتب عن زميله معروف حداد في صحيفة «14 اكتوبر» في عددها الصادر يوم الاثنين 1 مايو 2006م عن الثوابت التي رصدها في مشوار عمل زميله ومنها وقوفه إلى جانب الصحفيين الناشئين بقوة وحزم ويشجعهم على الكتابة في قضايا وهموم المجتمع وقد تخرج على يدي معروف الكثير من الصحفيين اللامعين.

يضيف الزميل محمد زكريا أن الراحل معروف حداد كان قارئا نهما وكان رحمه الله من القراء الذين يدركون ماذا وراء السطور، وأفادنا زكريا بأن أقرب الزملاء إلى قلب حداد هم الصحفي اللامع علي فارع ومحمد عبدالله فارع شيخ الصحفيين وشكيب عوض صاحب القلم المرهف وعوض باحكيم عاشق الفلسفة والحقيقة.

معروف حداد يدافع عبر «الأيام» عن زملائه الموتى
كان معروف حداد رحمه الله يكتب في «الأيام» من حين لآخر كما كان رحمه الله يتردد علىمنتدى «الأيام» من حين لآخر ايضا. كتب معروف حداد في الصفحة الاخيرة من «الأيام» في عددها الصادر في الفاتح من اغسطس 2001م موضوعا عنوانه (إليهم مع التحية) وكانت رسالة مفتوحة وموجهة إلى وزير المالية علوي السلامي ووزير الإعلام حسين ضيف الله العواضي .

ورفع لهما تهنئة ساخرة على ذكائهما الخارق بابتداع نظام دفع الراتب بوجوب حضور الشخص نفسه أمام مندوبين، أحدهما يمثل المالية والآخر من مؤسسة اكتوبر، ممثلا عن الإعلام. جمد الكشف ثلاثة أسماء: الصحفي المرشح معروف حداد والزميلين المرحومين محمد عبدالله فارع وأمين الحزمي.

أفاد معروف حداد لعلم الوزيرين بأنه أخرج إحدى بطاقاته وأبرزها للمندوبين فأطلقا سراح راتبه، وأخذته الحيرة في مصير الزميلين المنتقلين إلى رحمة ربهما فارع والحزمي واقترح معروف حداد على الوزيرين بأن يتدرب مندوبا المالية والمؤسسة على عملية استحضار الأرواح ليتم صرف الراتب أو إرسالهما إلى العالم الآخر للتأكد، إلا أن زميلنا معروف أعرب عن شكوكه بأن الزميلين الراحلين في عالم الصديقين الأتقياء وسيضل المندوبان طريقهما ليجدا نفسيهما في مكان آخر أثناء عملية البحث عنهما للتأكد من موتهما.

معروف حداد في رحاب الخالدين
مساء الاربعاء 26 ابريل 2006م نعى الناعي خبر انتقال الزميل معروف حداد إلى رحمته تعالى عن عمر ناهز الستين عاما قضى معظمها في العمل والعناء والداء والدواء. رحل من عالم الشقاء إلى عالم البقاء.. شيع جثمانه إلى مستقره الأخير بمقبرة القطيع بكريتر، وهي مقبرة آبائه وأجداده، وشارك في تشيع الجثمان الأستاذ أحمد محمد الكحلاني، محافظ عدن وعدد كبير من زملاء المهنة ومحبي الفقيد.

عبدالله بُقعي
عبدالله بُقعي
-2 عبدالله بقعي
الميلاد والنشأة
عبدالله محمد بن محمد بقعي من مواليد الفيوش، إحدى قرى السلطنة اللحجية العبدلية والأرجح أنه من مواليد 1951م. تلقى دراسته الابتدائية والمتوسطة (الإعدادية) بالمدرسة العطرة الذكر (المدرسة المحسنية) بالحوطة وتنسب للأمير محسن بن فضل العبدلي، شقيق السلطان عبدالكريم فضل العبدلي، وكان الأمير محسن بن فضل رحمه الله رجلا بارا بوطنه ومجتمعه محبا للعلم والبر والإحسان وقد خصص أرضا لبناء تلك المدرسة (المدرسة المحسنية) على نفقته الخاصة. بدأ عبدالله بقعي دراسته الثانوية بمدينة الاتحاد (عاصمة اتحاد الجنوب العربي المعروفة حاليا بمدينة الشعب).

البقعي مدين بحياته للشيخ سيف العزيبي
كان عبدالله بقعي منتظما في تردده مع والده على دواوين نجوم المجتمع كديواني (مبرزي) الشاعرين الكبيرين صالح فقيه وعبدالخالق مفتاح وعلى مبارز الشيخ عبدالله درويش العزيبي والشيخ سيف محمد فضل العزيبي، وكان عبدالله بقعي شغوفا بالشعر والرسم والنحت وبدأ تجربته في الشعر والفن التطبيقي (الرسم والنحت) في المرحلة الابتدائية، وصُقلت تجربته في المرحلة الإعدادية، إلا أنه عزف عن قول الشعر بناء على رغبة والده.

انتقل عبدالله بقعي إلى كلية الاتحاد الثانية بمدينة الاتحاد (مدينة الشعب حاليا) وعندما عمت الإضرابات أغلقت الكلية. رغب البقعي في السفر إلى القاهرة أسوة بالشباب اللحجي الدارسين على نفقة السلطنة، ولم يحالفه الحظ، فأخذه والده إلى مبرز الشيخ سيف محمد فضل العزيبي بحثا عن مخرج لولده عبدالله، الذي كان قد انتهى من نحت تمثال للزعيم العربي الراحل جمال عبدالناصر.

قدم الشيخ سيف العزيبي أوراق مرشحه الطالب عبدالله بقعي للسلطات المصرية في الجمهورية العربية اليمنية فتم ترحيل الطالب عبدالله بطائرة نقل عسكرية بدون مقاعد إلى القاهرة.

البقعي خريج زراعة وفنون جميلة وإلكترونيات
أكمل الطالب عبدالله بقعي دراسته الثانوية في الجمهورية العربية المتحدة (جمهورية مصر العربية حاليا) ثم التحق بمؤسسات التعليم العالي وحصل على بكالوريوس زراعة (تخصص بستنة) وبكالوريوس فنون جميلة (ديكور وزخرفة) ودبلوم عال في الإلكترونيات، ثم عاد إلى أرض الوطن.

الكمبيوتر يحسم معركة الاختيار
عاد عبدالله محمد بقعي إلى أرض الوطن في العام 1977م والتحق بمركز ابحاث الكود، ولم يرق له الاستمرار في العمل لأسباب موضوعية فالتحق بعد ذلك بوزارة التجارة والتموين (الإدارة العامة للتجارة الخارجية) وحصل على ثلاث دورات تدريبية كانت الأولى في اليابان في مجال الالكترونيات والثانية في بريطانيا في مجال صيانة الكمبيوتر وكانت الثالثة في نفس المجال في الولايات المتحدة الامريكية، وكانت وزارة التجارة مسؤولة عن صيانة جميع الأجهزة الالكترونية في عموم المؤسسات والمرافق العامة ويدين عبدالله بقعي بالفضل للفرص المتاحة للتدريب والتأهيل في الخارج لله أولاً ومن بعده للرجلين الطيبين عبدالله سالم الجفري وحسن الحبيشي، وكيلين سابقين للوزارة. يقول عبدالله بقعي إن الجفري والحبيشي رجلا إدارة عصرية من طراز رفيع، لأنهما كانا من السباقين في التعامل مع المستجدات فيقران ويقرران ابتعاث الكادر للتدريب والتأهيل في الخارج، ولذلك حقق مرفقنا عوائد عالية في إصلاح وصيانة الأجهزة الإلكترونية وكانت تصل إلى (8) ملايين دينار (ما يعادل 24 مليون دولار والتي توازي حاليا ملياراً و592 مليون ريال يمني) وكانت مثل العوائد ترفد الخزانة العامة للدولة، أي للصالح العام وليس للصالح الخاص.

يشغل عبدالله بقعي حاليا منصب مدير إدارة الكمبيوتر بمكتب وزارة الصناعة والتجارة بمحافظة عدن، إلا أن إمكاناته وإمكانات إدارته لا تستغلان على النحو الأفضل بسبب المركزية المفرطة التي حجمت فروع الوزارة، لا سيما فرع عدن، المدينة الدولة التي تراكمت لديها خبرات كمية ونوعية.

عبدالله بقعي شاعر غنى له كبار الفنانين
علاوة على تردده على كبار المبدعين يقول عبدالله بقعي: «كنت ممن يعشقون القراءة عشقا جنونيا وخاصة الكتب الادبية (الروائية والشعرية) ولكن الأثر الأكبر الذي زاد ميولي إلى الشعر هي الحركة الفنية التي سادت عصر الستينات وروح التنافس بين الأقطاب الفنيين كالفرقة اللحجية بقيادة صلاح ناصر كرد وفرقة الجنوب الموسيقية بقيادة فضل محمد اللحجي».

التقى عبدالله بقعي الفنان عبدالرب إدريس بالقاهرة أثناء مرحلة الدراسة وكان عبدالرب إدريس حينئذ طالبا بالمعهد العالي للموسيقى وعرض البقعي عليه كلمات أغنية (تعبنا والتعب راحة معكم يا حبايب)، التي دشن بها عبدالرب ادريس مشواره في الكويت، حيث قام بتلحينها وتسجيلها هناك ولاقت رواجا كبيرا وشكل البقعي مع عبدالرب ادريس ثنائيا إبداعيا أسفر عن (40) اغنية وكان البقعي يقضي إجازة الصيف في الكويت في زيارة عمل فنية مع ادريس.

لحن الفنان الكبير محمد مرشد ناجي كلما أغنية (ماشي كما شي ولا الماطر شبيه العشي) التي غناها الفنان المبدع عبدالرحمن الحداد، كما أن الفنان المتألق سعودي أحمد صالح لحن كلمات أغنية (من سعر كم باعاتبك مليت من كثر العتاب) وهناك أغنية تعتبر من روائع الفنان أبوبكر سالم بلفقيه والتي كتب كلماتها عبدالله بقعي ولحنها الفنان عبدالرب إدريس ومطلعها:
حبيبي غاب لكن حجة الغائب معاه *** وماقدر في غيابه أشكك في هواه

من الاغاني التي لحنها الفنان عبدالرب إدريس من كلمات عبدالله بقعي:
1) يا حب غالي علينا. 2) عشقنا والذي يعشق هواكم دوب هايم. 3) يا عيون السهارى علموني السهر. 4) ما عرفنا الحب مرة إلا من رمش الجفون. 5) راح الزين ياريته يا ريته ما كان راح.حبذا لو أن جهات الاختصاص تتكفل بجمع أعمال عبدالله بقعي في مجالات الشعر الغنائي والقصة القصيرة والرسم والنحت.

عبدالله بقعي متزوج وله خمسة أولاد (الذكور منهم ثلاثة).

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى