قصة قصيرة.. الشاطر

> «الأيام» ياسين علي عولقي:

> صفقاته الرابحة جعلته يتربع على هذا اللقب (الشاطر)، الأنامل تتجه نحوه.. تشير إليه.. الكل يحسده لشدة ذكائه وحسه المرهف الذي أفسح مجالاً شاسعاً ليدخل القلوب بدون استئذان.. أسلوبه المرح والنادر ونقاء سريرته أضفى رونقاً لرجل يطفح بطيبة وسماحة لاتنبعث إلا من قلب تفوح منه كل روائح المسك التي تزيده عبقاً.. ولمعاناً لا مثيل له.

برز من هنالك من ركن المقهى رجلان أحرقتهما نار الغيرة من هذا الشاطر.. يهمس أحدهما للآخر بصوت خفي: ما العمل ياصاح.. الديون المتراكمة تغرقنا وصفقاتنا الخاسرة تلازمنا.. والشاطر يستولي على كل الصفقات.. قل لي ما العمل؟!. رمقه صديقه بنظرة تحدٍ، وأردف قائلاً: أموت وأعرف السر.. سر نجاحه المنقطع النظير.. السر الذي يجعله موضع ثقة لتجار الجملة الكبار، سر الحب العميق الذي يكنه له التجار.. وكل من يقطن هذه الحارة!.

أصرا على ضرورة معرفة هذا السر من خلال مراقبتهما له بعد أن يغلق وكالته منهياً عمله في المساء.. رمقاه عن كثب يتجه كعادته صوب المطعم المجاور.. يفعل ذلك كل ليلة.. يغيب لبضع دقائق ويظهر وهو يحمل كيساً يعتني به أشد العناية وهو متأبطه.. ألم أقل لك.. سأراهن بأن السر يكمن في هذا الكيس. قالها أحدهما بصوت مهموس.. تبعاه.. وأصابتهما الدهشة حين انعرج يميناً ليطرق باباً ليس بباب داره.

وسرعان ما شاهدا امرأة عجوزا تفتح له الباب بإناء وتتناول منه زاداً يسكت جوعها طالباً منها دعوة صالحة ترافقه وتلازمه لحسن ثواب الدنيا والآخرة.. انصرف بعد أن ودع العجوز العمياء متجهاً إلى باب داره لينعم بسكون ليل آمن.. تبعه أحدهما.. بينما الآخر وقف متسمراً في مكانه فاغراً فاه.. ما بك يا رجل.. هلم بنا نراقبه في داره، رد عليه بصوت ألجمه شدة ما رآه: لا أهمية لذلك ياصاح فلقد عرفت السر.. نعم.. سر حيازته للقب الشاطر.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى