الملائكة التي لا تموت إلا قليلا

> «الأيام» عمر الجدلي:

>
الى نازك الملائكة

حين تصحو الملائكة

دون أن تكون في حاجة

لانتظار فجرها الموءود

ومن دون أجنحة بيضاء

تطير

محلقة فوق رؤوسنا المجزاة

المنثورة خلف حقول النفط

بدون عيون

بدون ألسنة.

الملائكة

لفظتها الأزمنة

فشدت على جرحها

وأرخت علينا ظلا

بحجم القصيدة.

لم يكن بوسع الحمام

رسم حدود للوطن

لذلك كانت الملائكة

آخر أحلامنا الملونة.

حين تصحو الملائكة

التي لا تنام إلا قليلا

توزع ما توفر لديها

من بسمات

على فقراء الشعر

وعلى قطط الأحياء الموبوءة.

الملائكة

التي لا تبتسم إلا قليلا

تصنع من وشاح الصمت

جسر الرجوع المستحيل

وتعلم الموت

كيف يظل شامخا.

حين تصحو الملائكة

التي عاشت بدون قلب

تخبئ فيه

أسرارها الصغيرة

تضم إليها جماجمنا

المنخورة

وتبكي بلا هوادة.

الملائكة

التي لا تبكي.. إلا قليلا

تواعد أرواحنا المشردة

بتأجيل موعد القيامة

حتى موسم الثلج.

ولأن الثلج

لا يسقط في حزيران

سقط الموت

على رؤوسنا المجزاة.

الملائكة

التي لا تموت إلا قليلا

تظل تحوم

بين النجوم

تراقب الغربان

الناصعة البياض

وهي تعلمنا

كيف نرسم الضاد

فوق سطر لا يستقيم.

لم يكن للنخلة ظل

يشبه ظل الملائكة

لم يكن في العراق قبر

يشبه قبر الملائكة.

الملائكة

التي لا تموت إلا قليلا

يسير الموت خجولا

إليها

فتصحو من صدأ الوقت

وتطرز لليل عشقه الأول.

الملائكة

التي لا تعشق... إلا قليلا

تّوسد جمرة الكتابة

وتسافر وحيدة في المحن.

الملائكة

التي لا تموت إلا قليلا

تسير في جنازتنا الأخيرة

ما بين الموصل

وفجر النيل الغبش

وحين يرفض القبر

ضم أشلائنا

تغني الملائكة لحن الرجوع

وتتعرى النخلة

من جريداتها الخضر.

لا ظل للملائكة بعد اليوم

الملائكة التي لا تموت إلا قليلا.

* من ديوان: الملائكة التي لا تموت إلا قليلا

للشاعر المغربي عمر الجدلي

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى