عدن .. معالم ومآثر .... 3-3

> د/ أحمد صالح رابضة:

> لاشك أن معالم مدينة عدن قد تغيرت كثيرا منذ الاحتلال البريطاني سنة 1839م، فقد تهدّمت العديد من القلاع والتسويرات، وشيدت أسوار أخرى، ورممت قلاع كثيرة منها: تلك التي رمّمها (جون وستون) البريطاني الذي رمم السور المعروف بـ (درب الحوش) والقلاع المنتشرة على جبل التعكّر، ناهيك عن بعض المآثر والمعالم الأخرى كـ (صهاريج الطويلة) سالفة الذكر التي رممها (بليفير) وارتدت منذ أيامه حلة قشيبة، غيّرت معالمها الأصلية، ولايخالج أي باحث منصف، الشك في أنها تضرب بجذورها إلى القدم، على الرغم مماطرأ عليها من تغيير.
والواقع أن التغييرات الطارئة على المعالم أمر لاغبار عليه، خاصة تلك التي تقادم عليها الزمن، فقد تكون نتيجة عوامل التعرية، وعوامل طبيعية أخرى. وهنا يستطيع الدارس الآثاري تحديد الضرر الناتج عنها ووضع الحلول لتلافيه، أما تلك التي تمسها الأيدي الآثمة أو الغافلة التي تجهل طبيعة الأثر والمعلم، فضررها أعمق، حيث تستطيع تعميق الضرر، فلا يجد الدارس الآثاري منفذا لتفادي انتشاره، بل ربما أدى إلى مسخه تماما، كما طرأت التغييرات غير المقصودة على بعض المآثر كـ (قصر الشكر)، الذي يطل على شاطىء صيرة في الخليج الأمامي، وهو من المنشآت التاريخية المتميزة حيث أنشىء على الأرجح في العقد الثاني من القرن الفائت حدود 1918م، وتعرض القصر في أوائل عقد الثمانينات للتبييض والطلاء الذي كاد يفقد معالمه الأصلية، وذلك لأنه يفسد طبيعة الأثر التاريخي في المعلم ويضفي عليه جدة مفتعلة، ومثله قصر الثورة في سيئون الذي أضيفت إليه أعمدة جديدة، ومواسير مجار( 11) نبّه إليها الخبراء الآثاريون في تقاريرهم العلمية .
أما مجمّع الصهاريج وما استحدثت فيه من تشييدات كادت تمس الأثر التاريخي..فقد دعا الخبير ميان عبد المجيد في تقريره إلى: "ضرورة نقل بعض التشييدات الحديثة من مواضعها القريبة من الصهاريج إلى مواضع أخرى" ( 12) ، ودعا البعض الآخر من الخبراء إلى إزالة التبييض والتجصيص المفتعل وحديث العهد من بعض الصهاريج
إن (الإكتشافات الأركيولوجية) الحديثة تؤكد بما لا يدع مجالا للشك أن اليمن غنية بمآثرها التاريخية والأثرية حيث تنتشر هذه المآثر التاريخية والأثرية في كل منطقة يمنية ،ممايزيد الاعتقاد رسوخا بأن اليمن منبع الحضارة العالمية دون غلو في القول، وفي الحق إن نتائج التنقيبات والحفريات التي تقوم بها البعثات الأثرية أكدّت صحة ما نذهب إليه، ففي مستوطنة (ريبون) الواقعة في وادي دوعن في محافظة حضرموت دلّت النقوش المكتشفة حديثا على انتشار الكتابة بين أوساط العامة بشكل أثار إعجاب العلماء، واكتشفت أطلال مبان حجرية ضخمة تعود إلى القرن الثالث - الرابع ، ق.م ، تعددت وظائفها كما يقول العلماء فغرفة للسكن وأخرى لحفظ الآنية، وثالثة للمواشي .
إننا في أمسّ الحاجة لإجراء الدراسات الميدانية في مواضيع مازالت في أمس الحاجة للدراسة والفحص كـ: (جزيرة صيرة) وما حواليها - على الرغم من صعوبة ووعورة البحث فيها، ودورها العتيق كـ (دار السعادة) ، و(دار المنظر)، و(دار الخضراء)، وغيرها وكذلك مناطقها التاريخية المندثرة، كالمباة، ورباك، والخبة وإرم ذات العماد الأسطورة، ومساجدها وجوامعها كـ جوهر، والمنارة، وأبان، ومدارسها القديمة كـ الياقوتية، والمنصورية، والسفيانية .
ومن المفيد الإشارة إلى أنه أجري حفر في مقبرة جوهر، كشف عن طرائق بالغة الأهمية في المثاوي، حيث عثر على رخامة كبيرة على قدر مساحة المثوى تغطي أحد القبور
ولاريب أن دراسة هذه المآثر والمعالم ستؤتي ثمارها في المستقبل، وتفعل فعلها بجدارة؛ إذا كتب لها الإستمرار في خلق كادر له خبراته المميزة إلى جانب تأهيله العلمي،
ولعلنا بجهودنا هذه نستطيع تفادي حدوث التحلل والتآكل في بعض الآثار، والسطو والسرقة في البعض الآخر، ولقد أكد آثاريون " إن التاريخ والثقافة اليمنية لايستطيع كتابتها بشكل كامل غيرأبنائها (17) وعليه يتوجب علينا العناية والرعاية الكاملتين لجهود العاملين في هذه الحقول العلمية من الكوادر اليمنية كي تستطيع أن تخطو بثبات نحو تحقيق ما تصبو إليه العقول وما تهدف إليه الخطط العلمية .

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى