رمضان في عيون الشعراء على مرّ العصور

> متابعات «الأيام» عن أنباء الشعر:

> منذ أن فرض الله -عز وجل- الصيام على أمته ورمضان يتوالى عام بعد عام على الأمة الإسلامية حتى وصل إلى يومنا هذا، وفي جمال رمضان وفضيلة هذا الشهر الكريم نسج شعراء عبر عصور مختلفة شعراً في حب رمضان، وفي فضل هذا الشهر وما يناله الصائمون من مغفرة ورحمة، ففي عهد الخليفة الراشدي الثاني أمير المؤمنين عمر بن الخطاب-رضي الله عنه- والذي جمع المسلمين للقيام بصلاة التراويح لأول مرة فقال أحد الشعراء :
جَاءَ الصِّيَامُ فَجَاءَ الخَيْرُ أَجْمَعُهُ تَرْتِيلُ ذِكْرٍ وَتَحْمِيدٌ وَتَسْبِيحُ
فَالنَّفْسُ تَدْأَبُ فِي قَوْلٍ وَفِي عَمَلٍ صَوْمُ النَّهَارِ وَبِالليْلِ التَّرَاوِيحُ
أما الشاعر ابنُ الرّومي
فيقول في شهر رمضان عندما يأتي في أشهر الصيف الحارة :
شَهْرُ الصِّيَامِ مُبَارَكٌ مَا لَمْ يَكُنْ فِي شَهْرِ آبْ
خِفْتُ العَذَابَ فَصُمْتُهُ فَوَقَعْتُ فِي نَفْسِ العَذَابْ
أبو نواس يصف طول الشهر
أما أبو نواس فيصف طول الشهر، قائلاً:
نُبِّئْتُ أَنَّ فَتَاةً كُنْتُ أَخْطُبُهَا عُرْقُوبُهَا مِثْلُ شَهْرِالصَّوْمِ فِي الطُّولِ
ويقول البحتري مهنئا الخليفة المتوكل بحلول الشهر وبعيد الفطر:
بِالبِرِّ صُمْتَ وَأَنْتَ أَفْضَلُ صَائِمٍ وَبِسُنَّةِ اللَّهِ الرَّضِيَّةِ تُفْطِرُ
فَانْعَمْ بِعِيدِ الفِطْرِ عِيدًا إِنَّهُ يَوْمٌ أَغَرُّ مِنَ الزَّمَانِ مُشَهَّرُ
أما معروف الرصافي الذي لا يصوم صياماً عن الطعام والشراب فقط فيقول:
وَأَغْبَى العَالَمِينَ فَتًى أَكُولٌ لِفِطْنَتِهِ بِبِطْنَتِهِ انْهِزَامُ
إِذَا رَمَضَانُ جَاءَهُمُ أَعَدُّوا مَطَاعِمَ لَيْسَ يُدْرِكُهَا انْهِضَامُ
وَلَوْ أَنِّي اسْتَطَعْتُ صِيَامَ دَهْرِي لَصُمْتُ فَكَانَ دَيْدَنِيَ الصِّيَامُ
وَلَكِنْ لا أَصُومُ صِيَامَ قَوْمٍ تَكَاثَرَ فِي فُطُورِهِمُ الطَّعَامُ
فَإِنْ وَضَحَ النَّهَارُ طَوَوْا جِيَاعًا وَقَدْ هَمُّوا إِذَا اخْتَلَطَ الظَّلامُ
وَقَالُوا يَا نَهَارُ لَئِنْ تُجِعْنَا فَإِنَّ اللَّيْلَ مِنْكَ لَنَا انْتِقَامُ
وَنَامُوا مُتْخَمِينَ عَلَى امْتِلاءٍ وَقَدْ يَتَجَشَّؤُونَ وَهُمْ نِيَامُ
فَقُلْ لِلصَّائِمِينَ أَدَاءَ فَرْضٍ أَلا، مَا هَكَذَا فُرِضَ الصِّيَامُ
بدر شاكر السياب يصف ليلة القدر
أما رائد الحداثة الشعرية بدر شاكر السياب فيقول في ديوانِه بِمناسبة ليلة القدْر:
يَا لَيْلَةً تَفْضُلُ الأَعْوَامَ وَالحِقَبَا هَيَّجْتِ لِلقَلْبِ ذِكْرَى فَاغْتَدَى لَهَبَا
وَكَيْفَ لا يَغْتَدِي نَارًا تُطِيحُ بِهِ قَلْبٌ يَرَى هَرَمَ الإِسْلامِ مُنْقَلِبَا
يَا لَيْلَةَ القَدْرِ يَا ظِلاًّ نَلُوذُ بِهِ إِنْ مَسَّنَا جَاحِمُ الرَّمْضَاءِ مُلْتَهِبَا
ذِكْرَاكِ فِي كُلِّ عَامٍ صَيْحَةٌ عَبَرَتْ مِنْ عَالَمِ الغَيْبِ تَدْعُو الفِتْيَةَ العُرُبَا
يَا لَيْلَةَ القَدْرِ يَا نُورًا أَضَاءَ لَنَا قَاعَ السَّمَاءِ فَأَبْصَرْنَا مَدًى عَجَبَا
تَنَزَّلُ الرُّوحُ رَفَّافًا بِأَجْنِحَةٍ بِيضٍ عَلَى الكَوْنِ أَرْخَاهُنَّ أَوْ سَحَبَا
عَطْفُ الأُمُومَةِ فِي عَيْنَيْهِ مُتَّقِدٌ وَإِنْ يَكُنْ لِلتُّقَاةِ المُحْسِنِينَ أَبَا
وَلِلمَلائِكِ تَسْبِيحٌ وَزَغْرَدَةٌ تَكَادُ رَنَّاتُهَا أَنْ تُذْهِلَ الشُّهُبَا
أحمد شوقي الصوم حرمان مشروع
وينسج أميرُ الشُّعَراء أحمد شوقي نصاً نثرياً جميلاً في شهر الصوم فيقول : "الصَّوْم حِرْمان مشْروع، وتأديب بالجُوع، وخُشوع لله وخُضُوع، لكلِّ فريضة حكمة، وهذا الحكم ظاهرُه العذاب، وباطنه الرحمة، يستثير الشفَقة، ويحضُّ على الصدَقة، يكسر الكبْر، ويعلِّم الصبْر، ويسنُّ خِلال البِر، حتى إذا جاع مَن ألِف الشبَع، وحرم المترَف أسباب المتَع، عرف الحرمان كيف يقَع، وكيف أَلَمه إذا لذع".
ومهما كتب الشعراء والأدباء لن يوفوا هذا الشهر حقه من الوصف والتعبير لأن مكانته عند الله كبيرة جداً وجزاء الصائم عند الله لا يقدر.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى