تعقيدات ومخاطر أمام الرئيس هادي

> عبدان دهيس:

> من المعلوم أن الرئيس التوافقي هادي أتى إلى (كرسي الرئاسة) في ظروف بالغة التعقيد والخطورة، وقد راهن الكثيرون - حينها - أن الرجل لن يستطيع أن يخرج اليمن من أتون وبراثين الأزمة السياسية، التي نشأت في العام 2011م، في سياق (ثورة الربيع العربي)، لكن الأيام التاليات التي تلت انتخابه أثبتت أنه يتمتع بقدرات قيادية عالية، وحكمه وصبر، مع ملازمة ذلك من دعم إقليمي وأممي ودولي واسع، استطاع من خلالها أن يقود البلاد إلى بر الأمان، وأن ينقذها من تناحر دموي كاد أن يقع وينفجر بين اطراف ورموز ومكونات النظام السابق، وأن يواصل المشوار - وما يزال - لإتمام العملية السياسية الانتقالية وفق (المبادرة الخليجية) وآليتها التنفيذية المزمَّنة، وفي ضوء مخرجات مؤتمر الحوار الوطني الشامل، حتى إتمام صياغة الدستور الجديد، وتأسيس نظام الأقاليم للدولة الاتحادية، وإجراء الانتخابات النيابية والرئاسية، وليس باستطاعة أحد أن ينكر أن الرئيس هادي قد نجح في إنجاز بعض المهام المعقدة، ومنها هيكلة مؤسستي الجيش والأمن، وقرارات أخرى (مدنية وسياسية) فيما يتعلق بجهازي الدولة والتعديل الحكومي، وأيضاً في تحريك ملف (القضية الجنوبية)، لكن رغم تلك التغييرات والقرارات، إلاَّ أن هناك ما زالت تعقيدات ومخاطر كثيرة تقف أمام الرئيس هادي، تتطلب قرارات حاسمة وشجاعة، لإثبات هيبة الدولة والنظام، بالأخص منها ما يتعلق بالانتشار الواسع والمخيف للسلاح بمختلف أنواعه وأحجامه، في طول البلاد وعرضها، وفي أيدي القبائل والمكونات الاجتماعية والسياسية الأخرى، ويبدو الأمر كأن هناك دولة داخل دولة، وهذا أمر خطير للغاية، لا يسر أحدا، ويعطي انطباعاً سيئاً عن اليمن، أمام المجتمع الأممي والدولي، وأمام الشعوب المتحضرة، مما يتطلب في ظل هذا التعقيد، الالتفاف حول الرئيس هادي دون تراجع أو تأخير، من مختلف القوى السياسية والوطنية والمنظمات المدنية والأحزاب وغيرها من الشرائح الاجتماعية، بما يمكن الرجل من أداء مهامه بكل هدوء، ودون ضجيج أو متاعب، فالمرحلة صعبة، والظروف معقدة، ولا يعلم ماذا يُخبئ القدر، فالمتربصون كثيرون، والحاقدون أكثر، فاليمن تعيش في أحرج الظروف وأصعبها، وما جرى في عمران وما يجري في محافظات أخرى من تفجيرات واغتيالات، وغيرها من أعمال التخريب وإشعال الفتن والحرائق السياسية والمماحكات وتغذيتها، إلا دليل على وضعية البلاد الصعبة والمعقدة والحرجة أيضاً، وأمام هذه التطورات تظل الحاجة إلى مزيد من القرارات الحاسمة والجسورة، خاصة فيما يتعلق بالناحية الأمنية وانتشار السلاح، وفرض هيبة الدولة وعدم التطاول على مؤسستي الجيش والأمن، وقد كان الرئيس هادي واضحاً بهذا الصدد، في محاضرته يوم الأحد الماضي 13 يونيو 2014م أمام طلبة الكلية الحربية وكلية الطيران والدفاع الجوي والمعهد الفني للقوات المسلحة .. إذ أكد بكل صراحة بالقول (يخطئ من يظن أنه سينتصر بالسلاح وثقافة الإقصاء والتمييز)، وهذا التنبيه مهم للغاية، كونه يأتي من رئيس الجمهورية، وفي ظل ظروف حساسة ودقيقة وخطيرة يأتي بعد أمل من أسبوعين على كلمته الهامة التي وجهها إلى الشعب عشية حلول شهر رمضان المبارك، والتي اشتملت هي الأخرى على قضايا عديدة وهامة ينبغي عدم إغفالها.
أمام الرئيس هادي مهمات كثيرة معقدة، وصعوبات سياسية واقتصادية لا حصر لها، وهو يدرك دون شك ذلك ومستوعب تماماً لمهام المرحلة، وما تتطلبه من تضحيات والعمل بثبات، لكنه يظل بحاجة إلى التفاف الجميع، إلا أن التفاف الشعب - كل الشعب - حوله يظل هو الأهم من التفاف الأحزاب والمكونات السياسية وغيرها، فكما هو معروف هناك من يريد أن يفشله.. والله من وراء القصد.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى