أم الجرعات

> عبدالقوي الأشول:

>
عبدالقوي الأشول
عبدالقوي الأشول
العالم يتحدث عن البدائل الممكنة للطاقة، وربما تودع البشرية عصر الاعتماد على الوقود الأحفوري باعتباره وقودا قابلا للنفاذ وغير آمن ومن أجل ذلك خصصت الولايات المتحدة الأمريكية مبالغا ماليةً هائلة في سبيل تسريع الأبحاث المتعلقة بالطاقة البديلة -أي اعتماداً على حرارة الأرض بدرجة أساسية باعتبارها البديل الأفضل الذي يوفر -على نطاق واسع- الطاقة اللازمة للبشرية وهي طاقة دائمة لا تنفذ بحسب الدراسات المتعلقة بذلك، بالإضافة إلى الطاقة الشمسية ونحوها من التجارب التي بدأ العمل بها في أكثر من ولاية أمريكية وغيرها من بلدان العالم.
كل هذا يجري في الوقت الذي لم تنه الكثير من البلدان العريقة ومنها اليمن من توفير الطاقة الكهربائية للسكان وفي الوقت نفسه لا يصل المواطن فيها أي نصيب من الثروة التي هي في طريقها للنضوب.
أمام هذه المستجدات العاصفة تعيش اليمن وضعاً مأسوياً خاصاً بحكم حالة الإخفاق الواضحة في حل مشكلة الكهرباء التي تعددت أعذار الحكومات إزائها وتفاقمت بصورة تدعو للأسى مما بلغت إليه الأمور في السنوات الأخيرة من تدهور عارم يقابله عدم الاكتراث وارتفاعات مدهشة وغير مبررة بالمطلق في أسعار البترول ومشتقاته،الأمر الذي يجعل أعباء الحياة في هذا المجتمع لاتطاق بحكم ما يصاحب الزيادات في النفط ومشتقاته من تبعات موجعة على المواطن، أذ مثلت الزيادة الأخيرة أو رفع الدعم عن البترول ومشتقاته ضربة قاسمة للحياة المعيشية الصعبة؛ لأن حجم الزياده يفوق بكثير قدرة المواطن محدود الدخل وهي لا تطاق ولا يمكن التكهن بالتعاطي معها، والمثير أن الحكومات التي عملت على رفع الأسعار وصولاً إلى ما نحن عليه تكرر نفس الأعذار التي كانت قد بدأتها في العام 1990، أي منعاً لاستمرار تهريب النفط ومشتقاته، ووفق معطيات سنوات مضت ظلت أعمال التهريب تجري بسلاسة تامة ولم يتم القبض أو محاسبة أي من الجهات التي تقوم بالتهريب.
إذن ما الذي يجعل العذر ذاته يتكرر إذا كانت السلطات قد عجزت كل العجز عن حماية منافذها البحرية والبرية ومنع تهريب هذه المشتقات حتى تعود لخيارها القديم الجديد -أي رفع الدعم بصوره نهائية عبر هذه الضروريات الحياتية، ثم إنه لم يحدث أي تبدل إيجابي على الصعيد الاقتصادي وتحسين مداخيل الناس في ظل واقع سياسي شديد الاضطراب والتداخل والتعقيد ما يجعل تفاقم الأزمات الاقتصادية على هذا النحو مدعاة لمزيد من التدهور العارم على الصعيد السياسي الذي يجر نفسه على واقع الحياة في مجتمع يعيش حالة وهن لا توصف.
فخلال الأعوام الماضية شهد واقع الحال تدهورا مخيفا على صعيد مداخيل السكان، كما إن مشكلة الكهرباء وهي محورية في حياة ونشاط المجتمع زادت من حجم التدني في المداخيل ورداءة الوضع المعيشي بصورة لا تحتمل فبأي حكمة تتوج مثل هذه المشكلات الحادة والعاصفة بمثل هذه الزيادة الحادة جداً في أسعار البترول ومشتقاته؟
الحال الذي يعني أننا أمام وضع معقد للغاية حيث ترتبط بأسعار هذه المواد معظم الأنشطة الحياتية منها الزراعية، الأمر الذي يجعل أسعار المنتجات الأخرى فوق طاقة السكان البسطاء،بل ويقود إلى وضع ينذر دون شك من ذلك من دخول الأزمة نفق جديد أكثر صعوبة؛ بمعنى ليس بمقدور الناس مداراة أمورهم والتعايش مع أوضاع فوق حدود قدراتهم وإمكانياتهم، والسؤال المنطقي هل الحكومات المتعاقبة غائبة تماما عن معرفة حقيقة الوضع على الأرض ومعنية فقط بالزيادت السعرية وتكبيد السكان تبعات ذلك دون أن تكون قد أظهرت أي تقدم يذكر على صعيد حلحلة الأزمات الأخرى، فهي وفق كل المعطيات غير معنية أولا تستطيع وقف نزيف التهريب والفساد والتدمير للمقومات الاقتصادية بصورة عامة.
ليست معنية بحل دائم لمشكله الكهرباء والمياه وهي من المشاكل التي لا تحتمل في وضع أي مجتمع بشري.
هكذا وضعت حكومة الوفاق القش الأخيره نفسها في مواجهة مع السكان كما لو أنها تستجدي حدوث الفوضى العارمة وإنها ما تبقي من إمكانية للعيش في بلد ينحدر مداخيل سكانه إلى أدنى النسب وتنعدم فيه فرص العمل أمام الزيادات الراهنة في النفط ومشتقاته بكل ما أحدثت من مفاجأة وخلط ربما تؤسس لواقع يصعب التكهن بتداعياته.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى