مافيا النفط في اليمن .. الاستيلاء على غاز حضرموت (1)

> م/ بدر محمد باسلمة:

>
بدر باسلمة
بدر باسلمة
أشارت المساء برس في تقرير مفصل عن شركة توتال النفطية إلى أنها "تمتلك سجلاً سيئاً في إدارة واستغلال الصراعات المستمرة في العديد من المناطق النفطية في أفريقيا والشرق الأوسط، في استنزاف وسرقة طاقات وموارد تلك الشعوب وإضعافها الممنهج لضمان تركيعها واستمرار السيطرة عليها وعلى مقدراتها من خلال إفساد أنظمتها الحاكمة ودعم استبدادها.. ولا تغيب عن الأذهان "فضيحة النفط مقابل الغذاء" في العراق مطلع الألفية الثالثة، وإن كان القضاء الفرنسي قد برَّأ توتال في هذه القضية حماية لسمعة الشركة التي تمثل إحدى أهم أذرع الاقتصاد الفرنسي.
الشركة المذكورة تم مؤخراً إدانتها في الولاية المتحدة الأمريكية بتهمة تقديم رشاوى إلى مسؤولين إيرانيين خلال الفترة 1995- 2004م تجاوزت الـ 60 مليون دولار مقابل منحها حق امتياز تطوير عدد من الحقول النفطية الإيرانية، وحكم عليها بدفع 398 مليون دولار للخزانة الأمريكية قبلت بها على الفور.
وفيما لا تزال عليها عدة قضايا فساد معلقة، منها اتهام القضاء الليبي لتوتال بدفع رشاوى وامتيازات كبيرة للرئيس الراحل معمر القذافي، ومثله نظام الرئيس اليمني السابق علي عبدالله صالح الذي يتهم بتلقي عمولات ورشاوى تقدر بمئات ملايين الدولارات مقابل تمكين توتال ومجموعة شركات عالمية من احتكار وبيع الغاز اليمني لسنوات بثمن بخس! لكن المؤكد أن الأيام المقبلة حبلى بالفضائح المتخلقة في آبار الشركة!". ( المساء برس)
وفي اليمن ارتبط نشاط وسمعة توتال بأسرة علي عبدالله صالح كحليف استراتيجي للشركة في نهب الثروات النفطية، وكان أبشعها فضيحة بيع الغاز والتي أقرت بها الحكومة اليمنية للمرة الأولى رسمياً بوجود فساد في صفقة بيع الغاز الطبيعي المسال التي أبرمت عام 2005 وبدأ تصديره فعلياً عام 2009. وأعلن مصدر مسؤول في رئاسة مجلس الوزراء اليمني في بيان أن «هناك شكوكاً متعلقة بقيام النظام السابق، الذي تزعمه الرئيس السابق علي عبدالله صالح، ببيع الغاز لشركة توتال الفرنسية بدولار واحد لكل مليون وحدة حرارية وللشركة الكورية كوغاز بثلاثة دولارات وخمسة عشر سنتاً، فيما كانت الأسعار السائدة آنذاك تتراوح بين 11 و12 دولاراً لكل مليون وحدة حرارية».
صفقة بيع الغاز ليست إلا إحدى حلقات ملفات فساد مافيا توتال في اليمن، فما يجري حاليا بهدوء للاستحواذ على العديد من القطاعات النفطية في حضرموت هي الخطة الاستراتيجية لتوتال وحلفائها، والتي تنطلق من أنه بعد سيطرتهم على غاز مأرب هو السيطرة على جميع القطاعات النفطية الواعدة للغاز في إقليم حضرموت، فهي تمتلك قاعدة بيانات ضخمة للقطاعات النفطية التي تهتم بها ولكن ليس في اليمن بل في دبي، ومن هناك يتم تسيير كل عملياتها ولا تمتلك هيئة الاستكشافات النفطية ولو جزء من هذه المعلومات.
فتوتال لازالت متواجدة في بلوك 10 , 71 وبلوك 32 وتسعى إلى امتداد إمبراطورتيها إلى البلوكات 43, 32, 47, 53 المملوكة لشاهر عبالحق (شريك من ؟) وعينها أيضا على بلوك 51 التابع حاليا لنكسن والاستحواذ عليه لاكتشاف كميات ضخمة من الغاز فيه.. هذه هي خطة توتال في الاستحواذ على القطاعات النفطية الواعدة جدا بالغاز في حضرموت.. فهي تعرف ماذا تريد وتلقى دعما واضحا من الشركاء النافذين ومع الأسف في ظل تواطؤ وضعف وزارة النفط وهيئة الاستكشافات النفطية.
نقطة الانطلاق والارتكاز في خطط توتال هو القطاع 10، يجب أن تسلم توتال هذا القطاع في نهاية عام 2016م، وحاولت جاهدة بكل السبل الحصول على موافقة للتمديد لها وفشلت حتى الآن كل محاولاتها، ولكن هذا القطاع استراتيجي بالنسبة لتوتال ويجب أن تبقى فيه، كيف ؟
عادة وقبل انتهاء عقد أية شركة نفطية لفترة لا تقل عن عامين، بل هناك ضرورة أن تكون الفترة ثلاثة أعوام، أن يتم تشكيل لجنة من وزارة النفط لعمل الاستلام والتسليم وتقوم الوزارة باختيار طاقم جديد لاستلام إدارة الشركة على أن تقوم الشركة النفطية بتدريب وتأهيل الإدارة الجديدة لاستلام إدارة القطاع النفطي وضمان عمل القطاع بشكل سلس بعد ذهاب الشركة الأجنبية.
حتى الآن لم يحدث أن قامت وزارة النفط بتشكيل لجنة استلام وتسليم وأنجزت عملها، ولم تعمل الوزارة على تشكيل طاقم جديد للإدارة يتم تدريبهم لإدارة القطاع مستقبلا، والغريب أنه بدلا من ذلك أصدرت شركة توتال منفردة تعيينات لكل المناصب القيادية فيها من عناصر معروف ولاؤها لمافيا النفط في اليمن وولاؤهم لشركاء توتال بمؤهلات بعض قياداتها العليا دون الثانوية العامة لتضمن أن يتم التسليم بطريقة تضمن لهم استمرار مصالحهم ومقاولاتهم داخل القطاع، وذلك بتهيئة الموظفين التابعين لهم لاستلام المناصب القيادية في القطاع .. مع تأكيد توتال أن هذه التعيينات جرت بالتشاور مع قيادة وزارة النفط ؟ مع من ؟
كيف توافق الوزارة أو هيئة الاستكشافات النفطية على هذه التعيينات غير النظامية والمشبوهة من شركة توتال، والتي تستهدف بشكل واضح الاستمرار في نهب ثروات البلد وإبقائها في أيدي مافيا النفط والتملص من استحقاقات مخرجات مؤتمر الحوار ؟ يجب أن توضح قيادة الوزارة علنا وبشفافية للشعب ما يحدث من نهب للثروات وإدخال الجهاز المركزي لمكافحة الفساد رسميا في الكشف عن كل أوجه الفساد المستشري في هذا القطاع.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى