أبين .. الوقوف على أطلال المنازل والمرافق المدمرة

> استطلاع/ جمال محمد حسين

> تغيرت كثير من المظاهر في أبين، وتغير طابعها الجميل، لم تعد تلك العادات والتقاليد الجميلة والزوامل الشعبية والسمرات الطربية التي تنوعت بإيقاع الساحل والجبل موجودة، بل اختفت مظاهر البهجة التي عُرفت بها أبين بلد الخير والمحبة والسلا، ففي أبين كانت القلوب سالية سواء في الأفراح أو في غيرها من المناسبات، وفي أبين كانت الخضرة والماء والطبيعة.
** بنية تحتية مدمرة وسواحل مهملة ممنوع الاقتراب منها **
كانت ساحة الشهداء أكبر متنفس سياحي وترفيهي يحضر إليه من عدن ولحج وغيرها من المحافظات، واليوم مدينة مدمرة وأراضي قاحلة أُهملت وانتشرت فيها أشجار السمر والسيسبان الشوكية... لا متنفسات ولا حدائق عامة، حتى المتنفس الوحيد وهو الساحل الشهير بالمطلع والذي قال فيه الشاعر لطفي أمان: “يا ساحل أبين بنى العشاق فيك معبد”، ويقصد به المنتجع السياحي السكني الذي لا ندري كيف سمحت السلطة المحلية للمواطنين بالسكن فيه، وفي الجهة الأخرى أغلق المحافظ مدخل كورنيش أبين في منطقة الشيخ عبدالله الساحلية؛ لأنه يسكن في المبنى الذي أمام الكورنيش ويخاف على نفسه ولدواعي أمنية خاص به، منع المواطنين من الدخول إلى الكورنيش وأصبح المواطنون يذهبون مضطرين إلى الجهة الأخرى من الساحل، وهي منطقة وسوق للحراج الخاص بالصيادين حيث مخلفات الأسماك مرمية وسوق مهمل متعفن وشواطئ أخرى يخشى المواطن الاقتراب منها خوفا من الألغام المزروعة التي زرعت في الأحداث الأخيرة، ولم يعلن إلى اليوم خلوها وخلو أبين من الألغام. الأخت أندى حسن، موظفة بمكتب التربية والتعليم بالمحافظة، قالت: “لازال أثر النزوح في نفسيات أهلها وبيوتها وشوارعها وبنيتها التحتية، ومع كل هذه الآلام والمآسي يحاول أهل أبين خلق الابتسامة والفرحة من أبسط المقومات المتاحة.. والجميل في أبين أن أهلها لازالوا متمسكين بصلات الرحم ومعاودة الأهل والأحباب.. أبين بلاد السلا وأهلها يعشقون الفرحة رغم منغصات العيش التي تطال حتى فرحة الأطفال في العطل والأعياد وجميع المناسبات لعدم وجود متنفسات وحدائق كي تكتمل فرحة الأطفال بها وتجدد العائلات نشاطها، وكذا الهروب من انطفاء الكهرباء وانقطاع الماء المتكرر الذي ربما يخففه عنهم وجود الحديقة ومتنفس الأطفال والعائلات ..أبين التي كانت مزارا... كانت هناك ساحة الشهداء التي أصبحت اليوم بيوتا .. والمزارع والبساتين والتي اليوم أغلبها انتهى ..حتى البنية السياحية فيها معدومة وحُرم أهلها من الأماكن السياحية التي هي مهملة كـ(الحامي) في كبث و(كورنيش الشيخ عبدالله) اللذان يفتقران لأبسط وسائل الترفيه والإمكانات المفروض توافرها في أماكن ومتنزهات الترفيه.. نأمل أن يحل علينا عيد الأضحى وقد سعت الحكومة والسلطة المحلية والمجتمعات المدنية في خنفر إلى إنشاء حديقة تضم أطفال وأهل أبين كمتنفس يغسل بعضا من هموم النزوح وأثره على نفسية الأبيني.
معاناة المواطن في أبين لم تقتصر على عدم وجود المتن فسات والأماكن العامة فقط، بل شملت أهم الخدمات الحيوية التي ترهق كاهل المواطن الفقير والمعدم في هذه المحافظة ولعل أهمها الماء والكهرباء والطريق الخطرة التي لم يستكمل العمل فيها بين زنجبار وجعار، وخط الحصن جعار المليء بالحفر، وبسبب ذلك حدثت حوادث كثيرة... كذلك ارتفاع أسعار المواد الغذائية والملابس.
يحدثنا الأخ صالح الموقري وكيل بثانوية الفاروق وإحصائي اجتماعي عن معاناة الأطفال والمواطنين بقوله : “بخصوص المعاناة، فقد عانى أبناء أبين وخصوصا المدن الرئيسية جعار وزنجبار من الانقطاع المتكررة لخدمتي الكهرباء والمياه طوال شهر رمضان واستمرت إلى يوم العيد الذي كنا نتوقع أن يتحسن الحال فيه ، لكن ازدادت معاناة المواطنين في العيد مما سبب لهم حالة من الاستياء والإحباط وأفقدتهم فرحة العيد، حتى أطفالنا قاموا بارتداء الملابس الجديدة وذهبوا إلى أماكن الألعاب البدائية والقديمة للمراجيح - على سبيل المثال- التي تقع في مدينة جعار وسط الشارع الرئيسي وذلك بسبب عدم وجود أماكن آمنة ومتنفسات خاصة للأطفال حتى الآن وبما أن مواطني أبين أغلبهم فقراء ، فلا يستطيعون الذهاب إلى محافظة عدن فيضطرون إلى زيارة بعض الأماكن في أبين مثل شواطئ البحر وبعضهم سيراً على الأقدام، وهناك كورنيش الشهيد سالمين الذي كان يذهب الناس إليه قبل الحرب الأخيرة على أبين، أصبح لا تتوفر فيه أبسط الخدمات التي تجذب الناس إليه، واليوم المحافظ أغلق الدخول إليه لأنه ساكن هناك ومن ضمن المعاناة أيضا غياب النظافة في شوارع جعار وهذا يؤدي، إلى انتشار الأمراض و الأوبئة، وفي ختام حديثي أرجو من السلطة المحلية بالمحافظة والمديريات، الاهتمام بمواطنيهم وتوفير أبسط متطلبات الحياة والخدمات لهم... ويكفي معاناة وتعذيب”.
الأخ محمد العوذلي الزهيري قال: “على الرغم من عودتنا إليها إلا أنها حزينة كمدينة الأشباح لا تلتمس فيها شيئاً حياً لمقومات الحياة من خدمات، بل تلتمس من النظرة الأولى لها الفساد الذي زادها ظلمة وحزنا بسبب سلطه محلية تنهش في جسدها الميت بلا رحمة لا في متنفس نذهب إليه، ولا ماء ولا كهرباء ولا صحة وخدمات كثيرة مفقودة رغم أن أبناءها في أعلى هرم السلطة، إلا أنهم لم يهتموا بأي شيء فأين تجد الفرحة في أبين؟ أكيد ستجدها في بيوت ناهبيها والفاسدين فقط وأنا أقول لهم اتقوا الله في أبين، وأبين تقول لهم قلبي على ولدي انفطر وقلب ولدي عليّ حجر”.
الأخ عبد الفتاح عبدالله أحمد مدير محكمة زنجبار الابتدائي تحدث بمرارة وألم عن الدمار الذي لحق أبين وبنيتها التحتية فقال: “أقول بالنسبة لنا سكان خنفر خاصة وأبين عامة مر علينا عامان ونحن نعاني الأمرّين من حال محافظتنا المدمرة بنيتها التحتية بشكل نهائي، وكذا غالبيه منازل مواطنيها، هذا من جانب، ومن جانب آخر ندرة توفر الخدمات الضرورية من مياه وانقطاع دائم للكهرباء.. وهذا ما زاد معاناة فوق معاناة الناس، وبالنسبة لنا في خنفر كبرى مديريات المحافظة نحن بحاجة إلى متنفسات وحديقة كبيرة ليتمكن الناس من الترويح على أنفسهم وعائلاتهم وأطفالهم.. المديرية بحاجة ملحة إلى حديقة ومتنفسات بعد أن تحولت ساحة الشهداء إلى منازل للمواطنين. نحن بحاجة إلى نظافة من القمامة المتراكمة في شوارعها، وبحاجة إلى حل لطفح المجاري بين حين وآخر”.
حال يرثى له في ظل تردي الأوضاع الخدمية واستمرار الأوضاع بشكل عام على ما هي عليه أثناء الأحداث.. منازل ومرافق ما تزال مدمرة، ومرافق أخرى يسكنها المواطنون وبنية تحتية مدمرة، وأعمال معطلة، ومشاريع متعثرة على الرغم من مرور أكثر من عامين على عودة السلطة والسكان إلا أن كل شيء في زنجبار وجعار خاصة مازال يذكرك بأحداث عامي 2011 و 2012 م وهذا ما يؤكده المواطن حسين محمد الذي حدثنا بألم ومرارة قائلاً: “أين السلطة؟ أين مخصصات الإعمار؟ وأين دعم المنظمات التي دخلت أبين، لم نشاهد أو نشعر بأي تغيير أو تحسن .. كل الأمور تسير من سيء إلى أسوأ نسمع ونقرأ عن مشاريع ضخمة في المياه والكهرباء والصحة وغيرها لكننا لا نلمس أي تحسن في مجال الخدمات داخلين الآن في العام الثالث من بعد الأحداث الأخيرة لأبين ومنذ عودتنا من النزوح والحال على ما هو عليه، والكل ساكت والمشكلة أن السلطة اليوم جميعها من أبناء أبين، في الماضي كانوا يصرخون لماذا السلطة من المحافظات الشمالية لم يفعلوا لنا شيء؟ واليوم السلطة من أبين كلها، ومن المخزي أن تكون أوضاعنا بما وصلت إليه.. نسأل الله أن يصلح أمورنا ومسؤولينا والعافية والسلامة”.
هذه هي أبين، وهذا هو حديث أبنائها الذين تحدثوا عن معاناتهم من قلبها النابض بالحب والخير والعطاء رغم معاناتهم إلا أن أملهم بغد مشرق وأفضل مازال موجودا طالما ما زالت هناك أناس طيبة تحب أبين وتحب لها الخير وتسعى له سعيا حثيثا من خلال إيمانها بالله وبعملها الصادق وحبها النابع لهذه الأرض والإنسان.
استطلاع/ جمال محمد حسين

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى