كـركـر جـمـل

> عبده حسين أحمد:

>
عبده حسين أحمد
عبده حسين أحمد
لا أحد في الدنيا يمكن أن يصدق أننا نعيش في عالم غريب .. من الشقاء والتعب والدجل والنصب والابتزاز والاحتيال .. وبدلاً من أن نتعلم الصدق.. تعلمنا الكذب أكثر .. حقائق مطموسة وأكاذيب منشورة وأخبار مخترعة.. وتقارير مزيَّفة وتحقيقات ملفقة.. واللص الذي يسرق الناس .. والنصاب الذي يخدع البسطاء والمساكين .. وتاجر السوق السوداء الذي يبيع سلعه بأغلى الاثمان.
ومن المؤكد أن هناك مظلومين حرموهم من الكلام .. بعضهم حكموا عليهم بلا محاكمة .. والبعض الآخر جرَّموهم بلا جريمة .. ولكن الله أكبر من كل ظالم .. وسيقضي على كل ظلم .. ويحرر كل مظلوم .. ومن الغريب جداً أننا كنَّا نسمع كل يوم فضائح ومخازي كثيرة تسيء إلى الأمن والنظام .. ولا يستطيع أحد من الناس أن يعترض أو يفتح فمه .. فإذا فتح أي أحد فمه ليقول شيئاً .. ربما قبضوا عليه لأنه يشهر بالنظام ويسيء إلى سمعة الدولة.
ولابد أننا كنَّا نفهم الحرية بطريقة خاطئة .. باعتبار أنها حرية الحاكم .. ونسينا أن الولاء لله سبحانه وتعالى ثم للوطن فقط .. في الماضي كان اللصوص يتوارون خلف الجدران .. ويقضون حاجاتهم بالكتمان .. واليوم أصبح هؤلاء اللصوص يمارسون لصوصيتهم علانية باعتبار أنها واحدة من المهن الشريفة .. ولذلك كثرت السرقات والاختلاسات من المال العام وممتلكات الناس .. وانتشر مفهوم جديد بأن (الأهبل) هو الذي لا يسرق .. والساذج هو الذي لا يختلس.
ومن سخرية القدر أن السلطة مشغولة بنفسها .. وكأنها لا وقت عندها للاهتمام بأمور الشعب والوطن .. ومن المؤسف جداً أن أكثر المسئولين أصبحوا عبارة عن موظفين في الدولة .. ولابد أن يجيء يوم للاستغناء عنهم .. فهم بلا سلطة .. بلا نفوذ .. ولا يستطيعون أن يقدموا رجلاً أو يؤخروا أخرى.
ومن المؤكد أن بلادنا أصبحت منحوسة لأسباب كثيرة .. وفي رأيي أن سبب كل هذه الأحداث الجسيمة التي تعاني منها بلادنا اليوم .. هو اللامبالاة بأحوال الناس المعيشية .. وعدم الشعور بالإنسانية في معاملتهم .. حتى أصبح الإنسان لا يحصل على حقه في العمل .. ولا على قوته .. ولا على بيته الذي بناه من عرق جبينه .. وهذه جريمة فظيعة لا تغتفر.
ثم إن أكثر الأبطال الحقيقيين الذين ضحوا بحياتهم من أجل الدفاع عن الوطن .. قتلوا أو ماتوا مجهولين .. فلا أحد قدَّر تضحياتهم .. ولا قدَّر مواقفهم .. ولا قدَّر دوافعهم الشجاعة في أعنف معارك الشرف .. ولذلك كم هو صعب على زوجاتهم وأولادهم وبناتهم .. أن يعيشوا اليوم في ظروف صعبة ومرهقة وقاسية .. ولابد أن خيبة الأمل قد ملأت قلوبهم بعد كل ما قدمه رجالهم من تضحيات وبطولات لبلادهم.
المهم لا أحد يدري ما الذي سوف يكتبه التاريخ عن بلادنا - بعد أن عرفنا أن التاريخ يكتبه المنتصر دائماً - إننا نعادي بعضنا .. ونحارب أنفسنا .. ونختلف ولا نتفق .. وكأننا لا نفهم أن قوتنا في وحدتنا .. لا في النفور والتباعد .. في العمل لا في الكلام .. في التخطيط العلمي لا في الكذب وخداع الناس .. في التآخي والتآلف .. لا في التفكير القبلي الطائفي العشائري الجاهلي.
إننا نؤمن اليوم أن من حق الشعب أن يعرف كل شيء .. انتهى عصر الأبواب المغلقة .. والمعلومات التي تحجب عن الشعب .. ويجب أن نتخاطب بلغة الأحياء لا بلغة الأموات .. ويكفي أننا احتملنا في الماضي والحاضر ما لا يحتمله بشر!!.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى