تخاريف صيفية..حلم.. ليلة صيف عدنية!!

> عوض بامدهف:

>
عوض بامدهف
عوض بامدهف
في ليلة من ليالي الصيف العدنية الشهيرة بطقسها الخاص والمتقلب والذي هو مزيج عجيب من الحرارة اللاهبة والرطوبة السخية وما بينهما الرياح الموسمية المتربة ورياح شديدة السخونة المعروفة بـ (الكاوي) وغيرها من متغيرات الطقس المتعددة.
وبعد الانتهاء من تناولي لما تسمى مجازًا (بوجبة العشاء) المكونة من فاصوليا وروتي أو روتي وفاصوليا كالعادة.. و"قطع العادة عداوة" كما يقولون.
وبعد عراك شرس وتنافس ضارٍ مع ستة أفواه مفتوحة على الدوام وتطالب بالمزيد والمزيد.. ونتيجة هذا التنافس كان محسومة مقدماً.. ألا وهي خروجي مبكرًا وخاسراً على طول الخط وباستمرار والاكتفاء بربع بطن أو أقل من ذلك.. وفي أحيان كثيرة تواصل (غربان بطني) الخاوية تقديم فواصل من نعيقها الشجي.
وتحت تأثير عناء وتعب كدح يوم مضنٍ.. تتكرر فيه نفس تفاصيل سيناريو اليوم السابق.. ولا جديد تحت الشمس.
فالأيام تمر.. وبرتابة مملة في ظل المواجهة غير المتكافئة بين غول الغلاء من ناحية.. وشظف العيش من ناحية أخرى.. وكلها في الهم سواء.
وارتميت على فراشي الرث الذي انكمش كثيرًا حتى التصق بالأرض أو كاد.. وذلك بفعل الاستخدام العشوائي وانعدام الرعاية والاهتمام وسيادة الإهمال حتى أصبح في حالة لايحسد عليها.
ولأن النوم هبة مجانية من رب العالمين، حيث لا فواتير ولا رسوم هنا ولا وجع قلب ولا يحزنون.. لذا فقد استغرقت في نوم عميق ومن اللحظة الأولى!!
ورأيت فيما يرى النائم أشباحا ومعالم ضبابية.. ووجوها مطموسة.. وفي هذا الأثناء سمعت هاتفاً يناديني وبنبرات تطفح بالبشرى قائلاً:
(أبشر ياهذا.. أنت في عدن الجديدة.. قم وانهض وتقدم وخذ نصيبك من الكعكة المباركة).
وبعدها وجدت نفسي جالسًا على الأريكة الفخمة والمريحة وسط البهو الفسيح.. داخل فيلا فاخرة أنيقة وعلى أحدث وآخر طراز.. تحيط بها حديقة غناء.
وأقبلت (أم العيال) تخطر وتزهو بثوبها المطرز حاملة صينية شديدة اللمعان عليها كوب مذهب به شاي باللبن.. قدمته لي وبأناقة شديدة.
وسألتها وانا أرشف أول رشفة من كوب الشاي اللذيذ قائلاً: أين الأولاد يا أم أحمد؟
أجابتني ضاحكة: يلعبون في الحديقة!!
وتمتمت هامساً: (سبحان مغير الأحوال.. اللهم أدمها نعمة واحفظها من الزوال).
ورن جرس الهاتف ورفعت سماعة الهاتف قائلاً: ألو من المتكلم؟
وجاء الرد من الجانب الآخر عبر صوت يذوب رقة وعذوبة: ألو هل هنا فيلا رقم (77)؟؟
أجابت: نعم، ورد علي نفس الصوت: إذن أنت فلان الفلاني، قلت: نعم.. ولكن من أنتم؟ جاء الرد: نحن مكتب وزارة توزيع وتقسيم الثروات والهبات فرع عدن وفي انتظارك منذ فترة طويلة!!
قلت: لماذا؟ رد الصوت قائلاً: لتستلم حصتك من عائدات النفط والغاز والذهب والنحاس والبن والقات والضرائب ومداخيل المطار والميناء والمنطقة الحرة والجمارك وغيرها.
قلت وبفرح شديد: نعم.. نعم سأحضر فوراً ولكن كيف أصل إليكم؟؟
رد الصوت: عليك فقط الاتصال برقم (66) الخاص بشركة الخدمة العامة للنقل وسيحضرون لك سيارة لتأتي إلينا في دقائق معدودة.
واتصلت بالرقم 66 وبعد لحظات قصيرة جاءت سيارة فارهة آخر موديل طولها على امتداد الشارع وسائقها شاب وسيم شديد الأناقة يرتدي حلة مميزة وقشيبة تشبه ـ إلى حد بعيد ـ أزياء عمال سينما بلقيس الأنيقة في أيامها الذهبية.. وذهبت إلى المكان المقصود واستلمت حصتي كاملة من هذا المكتب وتوجهت بعد ذلك إلى أحد متاجر السوبر ماركت التي تجد فيها كل شيء حتى أغصان القات تباع ملفوفة (بورق السلوفان).. وأنا في طريق عودتي إلى الفيلا.. وفجأة إذ بيد خشنة تهزني وبقوة وهي تردد بصوت أجهش:
قوم.. قوم يا أبو أحمد، الجرعة الجديدة وصلت وأنت عادك راقد!!
وبصعوبة انتزعت نفسي من سياق العالم الوردي لحلمي اللذيذ قائلاً:
حرام عليك يا شيخة أيش تقولي؟.. لقد ضاع حلمي الجميل وأهلاً بواقعي المرير (والحمد لله الذي لا يحمد على مكروه سواه).

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى