كتــــاب أحمد محسن.. دعـــــوة صريحـــة لعاشـــوراء نوفـــمبر

> نجيب محمد يابلي:

> أهداني أخي وصديقي أحمد محسن أحمد (أبو محسن) نسخة من كتابه المرجعي (تاريخ أندية عدن الرياضية.. نشأتها وتاريخها المعاصر)، وعطره بإهداء جميل، ويقع الكتاب في (440) صفحة، جمع فيه كل ما له علاقة بتاريخ عدن الرياضي، وكل ما له علاقة بسيرته وعطاءاته وكتاباته، أو بتوصيف أستاذنا عبده حسين أحمد في مقدمة الكتاب (الكتاب شامل وحافل بكل مخزونات عقل المؤلف ووجدانه عن الرياضة في عدن).
من الذين ساهموا في تقديم الكتاب الأعزاء: الكابتن عبد الجبار عوض، والدكتور عادل محمود حبيشي، وفاروق ناصر علي، وتضاعفت مشاعر السعادة والبهجة بأن رأيت الأخت العزيزة نوال قاسم سيف مع المساهمين في التقديم، ومن ضمن ما أشارت إليه العزيزة نوال أن الجهود المضنية التي بذلها الأخ أحمد محسن أوصلته إلى القيمة الحضارية لمدينة عدن وهي حقيقة ـ كما أشارت عزيزتنا نوال - أكدها العطر الذكر الأمير فيصل بن فهد أثناء اجتماع مجلس إدارة الاتحاد العربي للكرة الطائرة بالرياض في عام 1979م، عندما قال إنه “كان يستمع بانتظام لبرامج الرياضة من إذاعة عدن منذ الستينات والسبعينات”، أحب هذا الأمير لأنه تكفل بعلاج راحلنا الكبي ر محمد عبده زيدي، الذي غادر عدن إلى الرياض للعلاج وهو في أسوأ وضع نفسي وذهني بعد السيئ الذكر 7 يوليو 1994م، وقبل هبوط الطائرة في مطار الرياض أعلنت المضيفة في الإذاعة الداخلية بأن مندوبا من الأمير فيصل بن فهد سيكون في استقبال ضيف المملكة الأستاذ محمد عبده زيدي في المطار، وهنا أجهش الزيدي بالبكاء لأنه أدرك أن “لا كرامة لنبي في أرضه”.. هكذا قال لي الزيدي في مقهى عبدن في كريتر وهو يحدثني عن تفاصيل رحلته العلاجية والرعاية الحاتمية الكريمة من العطر الذكر الأمير فيصل بن فهد، عليه وعلى والده رحمة الله.
عشت لحظات صفاء الذهن والنفس وأنا أقلب صفحات الكتاب وأقلب معها المواجع، حيث برزت أمامي قوائم من أسماء النجوم ومؤسسات النجوم في شتى مدن عدن.. رأيت منشآت وقامات في مختلف مواقع الرياضة في عدن، والظلام يحيط بها شمالاً وشرقاً وغرباً.
يالله.. الناس هنا يتحدثون عن فرزة (الميدان) والجهل يعصف بهم لأنهم منقطعون عن تاريخهم إذا كانوا من أبناء عدن، أما إذا لم يكونوا فالأمر مردود عليهم، ذلك أن الميدان لا علاقة له بتاريخهم.. إذا ذكرت (الميدان) ذكرت يوسف محمد خان، أي أنك تذكر (نادي الترفيه المتحد) (URC)، الذي تأسس عام 1851م (أي قبل 163 عاما)، وكان يوسف خان رئيسا للنادي، أما الأعضاء فهم: سعيد عبدالله خليفة وعبدالقادر مكاوي وإبراهيم خان وعبد الرحمن نورجي والقاضي رستم خان.
إذا كان هناك نادي الترفيه المتحد (URC) فإن هناك أيضا نادي الاتحاد المحمدي (MCC)، وهناك نادي الشبيبة المتحدة (YCC) وهناك نادي الاتحاد الإسلامي (ICC)، وهناك نادي شباب التواهي (TYC)، وإذا كانت مدينة صغيرة وحبوبة بحجم التواهي كان فيها قرابة تسعة أندية في ثلاثينات القرن الماضي، ولو وضعتها في ميزان المفاضلة مع أي مدينة في الجزيرة أو الخليج لاتجه الميزان تماما لصالح التواهي.
شهدت عدن قيام منشآت رياضية في وقت مبكر، فهذه منطقة (رأس مربط) وهي في الحقيقة (الحصن الرهيب) (FORT MORBAT) في منطقة البنجسار، وهي منطقة ملاعب مختلفة الألعاب (هوكي/ كرة قدم/ رجبي)، وهذا ميدان المعلا الذي افتتح في العام 1892م، وهناك قوائم بأسماء نوادٍ وفرق رياضية ومؤسسين ولاعبين عبر عقود تمتد من ستينات القرن التاسع عشر إلى ستينات القرن العشرين، وتقف محدقا ومحملقا في تلك الأسماء اللامعة والنوادي الرائعة في مختلف مدن عدن، وتصرخ: أنا في حلم أم في علم؟! ولماذا تتميز عدن بكل هذا؟ أندية - ملاعب - لاعبين - نوادي أهلية - نوادي شركات - نوادي صناعات (خذ مثلاً نادي البس/ نادي الصباغين).
يروي أحمد محسن قصة (الشيل) (Shild) أي الترس الذي أثار لعاب قناة الإمارات الرياضية عام 2010م، وأثار بعد ذلك غضب مسئوليها لأنهم وقفوا أمام هذا الترس، وهو ترس والي عدن هيكن بوتم، وهو ترس مصنوع من خشب الساج الثمين والمرصع بشعار عدن (السفينة)، وفصوص بأسماء الأندية التي تعاقبت على الفور بذلك (الشيل) خلال الفترة من 1950م حتى 1960م، والشيل يصعب حمله، وبقدر ما هو تحفة تاريخية فهو أيضا يمثل تاريخ عدن، وعرضوا على أحمد محسن المغريات ليأخذوا الشيل ليقدموه هدية للأمير فلان أو الشيخ فلتان، إلا أن أحمد محسن اعتذر عن التسليم والاستلام لأنه لا يملك هذا الحق.
وأنت تقف أمام هذا الحشد الحضري والحضاري لهذه المدينة لا تملك إلا أن تجلد نفسك بكرباج كل 30 نوفمبر من كل عام، وتجلد كل من فرط بعدن وأوصلها إلى هذا الحال، تجد نفسك في عاشوراء 30 نوفمبر وأنت تجلد نفسك تردد عبارة (لماذا تدفع عدن الثمن؟)، لماذا لم يبرز لي كوان يو العدني كما برز لي كوان يو السنغافوري؟ لماذا توارت الثقافة المدنية.. ثقافة عدن؟ لماذا سادت ثقافة القبيلة - ثقافة الفيد - ثقافة الفرز - ثقافة العصبية؟.. لماذا صارت التعددية الإثنية لعدن عاراً وصارت واحدية الانتماء (القبيلة) مصدر فخر للجاهلية الثانية؟!. حقيقة، إن كتاب أحمد محسن للقارئ الحصيف، يجد فيه دعوة صريحة لعاشوراء نوفمبر.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى