قاهر الظلام..!

> * يبني السياسي بينه وبين البسطاء سداً ثم يفرغ عليه زبر الحديد مدعياً دور البطولة، فيما الواقع أنه يخوض حروبا دونكيشوتية مع طواحين الهواء.
محمد العولقي
محمد العولقي

* قفز دور البطل وأهميته في حياة شعب مناضل كشعب الجنوب إلى رأسي وأنا أتابع الابتهاج الشعبي الكبير بإطلاق سراح  عميدنا الثائر الوالد "أحمد المرقشي"..

* انكسر قيد (المرقشي) بفضل الله أولا، ثم بفضل رسالته السامية التي حملها في عنقه بعد رحيل نصير الغلابى والمظلومين الأستاذ هشام باشراحيل، انجلى ليل (المرقشي) بفضل مناجاته لله أولا، ثم بفضل شعب الجنوب الذي جعل من قضية (المرقشي) قضية وطن يبحث عن الخلاص من (خفافيش) الظلم و(وطاويط) القهر..

* خرج (المرقشي) من سجنه شامخا صنديدا صلبا كما تخرج الأسد من غابها، صانعا أفقا إنسانيا صاغته ملحمة نضاله الطويل وكفاحه المرير مع (دويدار) صنعاء..
* أقولها بالفم المليان وأجري على الله، (أحمد المرقشي) أيقونة النضال، البرق الذي يومض في ليلنا الدامس، القمر الذي يجاهد ويكابد سحب القهر التي تمطر على جنوبنا أحماضا ليس فيها خيرا لا لزرع ولا لضرع..

* هذا الكهل الذي يشبه في صلابته ومبادئه المناضل الراحل (نيلسون مانديلا)، أعطى تعريفا عصريا للنضال من (زنزانات) الطغيان وسجون الحرمان، وإذا كان (ماركس) هو من صاغ مبادئ مقاومة الرأسمالية، و(غاندي) هو من وضع أسس ومعايير المقاومة بالاعتصام والإضراب، فالوالد (أحمد المرقشي) هو أول من جعل السجان الطاغي والباغي يترنح أمام ابتسامته الساخرة، ويسقط في ميدان الحجة بالحجة مغشيا عليه..

* الوالد (أحمد المرقشي) ليس سياسيا يحسب الخطوة بأوقيات الزئبق، إنه مناضل انشقت أرض الجنوب الثائر فولدت هذا البطل الذي يرى أن اللحظة الحاسمة في النضال هي اللحظة التي يواجه فيها الموت بشجاعة وابتسامة، و(المرقشي) كان عرضة لاستفزازات (عشماوي) صنعاء بعدد شعر رأسه الأبيض، وبين ترهيب ينضح إناؤه بالويل والثبور وعظائم الأمور، وترغيب مثخن بالكثير من زغللة العيون، حافظ (المرقشي) على ثباته وصلابته وإرادته الفولاذية التي لا تلين، لم يأبه للتعذيب والحرب النفسية التي ضاجعها إحدى عشر سنة، ولم يستجب لحالات إغراء ومساومة على قضية شعبه، بقي في سجنه هماً في ليل الطاغية وذلاً في نهار الدكتاتور الغازي..

* دفع (أحمد المرقشي) لأجل (الجنوب) ثمنا باهظا من حياته، قضى إحدى عشر سنة من الظلم خلف القضبان الحديدية، كان في غياهب الجب يدافع عن كرامتنا، وكرامة صحيفة عدنية تمثل للجنوبي البسيط رغيفه وقهوة صباحه وحلمه
الذي يتشكل من رائحة المطابع
* وقف (المرقشي) يزمجر في سجنه كأسد هصور، يملأ السماء بتراتيل المقاومة والصلابة، وظل يحارب في المعتقل بلسانه الأصدق أنباء من الكتب، لأجل أن نكسب أياما بيضاء في حياتنا شديدة السواد، ظل (المرقشي) كابوسا للطاغية، ينام ملء جفونه عن شواردها في مساحة قبر، وهو يسهر جلاديه ويطير النوم من عيون سجانيه..

* أدخلوه السجن زورا وبهتانا بوشاية كبيرهم الذي علمهم السحر، بهدف كسر إرادة صحيفة هي بالنسبة لنا المسامات التي نتنفس منها نضالا وكفاحا، حقا وعدلا، صدقا وأملا، لفوا حبل المشنقة على رقبة شيخ المجاهدين، لكن حبل المسد توارى عن جيد (المرقشي) خجلا وكسوفا..

* بالله عليك أيها الأسير المحرر الساكن في تلافيف أمخاخنا وأدمغتنا؛ هل لك أن تحكي لنا كيف كنت تلعب بالألم إحدى عشر سنة وتسخر من شفرات السيوف وأنت تمر عليها بحثا عن (منية) من بابها الواسع..؟
كم مرة جافاك النوم في تلك (الزنزانة) وأنت ترسم للجنوب خريطة الصمود لتنتزع حريتك من براثن التسلط السياسي الكيدي..؟
كيف كنت تتعاطى حبوب وكباسيل الشجاعة وتلك الأخاديد في جسدك المحدب تئن من سوط السجان دون رحمة..؟
كيف تحملت نيابة عنا كوابيس الطاغية؟ وكيف حولت صقيع زنزانتك إلى نمارق تحدٍ تمتص عنك برد كانون..؟
قل لنا بربك: من أين كنت تستلهم ابتسامتك الساخرة وأنت تصوبها كمدفع رشاش في وجوه جلاديك..؟
* أيها الوالد المولود بيننا صبيا من معتقلات الخسة والنذالة، ستبقى لوطنك تاريخا عاصفا يستمد منه الشعب الفقير الصابر كل العبر والدروس الخاصة بمسيرتك المظفرة في مقاومة الظلم وانتزاع الحياة من مخالب نظام دموي لا يشرب غير دم الأبطال المرابطين في ساحات الحرية..

* ها قد أعددت لنا أيها المناضل الفذ ما استطعت من صمود وقوة وكبرياء، وهاهم أبطال الجنوب ينتصرون لملحمتك الصامدة، يفرشون لك ولنا أرض الحرية المعبدة بدماء شهداء قضوا نحبهم لأجل الانعتاق من ليل (إرياط) وزبانيته..
* دعك أيها الوالد - المقتفي أثر توأم روحك البطل الشعبي الأسطوري (هشام باشراحيل) - من مخادع السياسة، فكثير من ثائريها بدؤوا من الساحات ثم انتهى بهم المطاف إلى اللذائذ والموائد ووسخ الدنيا، أبقى في ساحات قلوبنا كما أنت ثائرا لا يخشى ليل (أبرهه) ولا ظلام (إرياط)، كن لنا شمعة نضال تنير درب وطن لا زال هما يكبر في قلب صاحبك (هشام باشراحيل) الوحي الحي الذي لا يأفل نجمه، كن للجنوب ملهما وحائط صد في وجوه المطففين الذين إذا اكتالوا على الناس يستوفون، وإذا كالوهم أو وزنوهم يخسرون، كن كما أنت البطل الذي قهر ظلام إحدى عشر سنة بابتسامته الواثقة التي هزمت ليل الطاغية..!​

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى