"أهمية عدن في السياسة الأمريكية".. ندوة ثقافية للانتقالي وأدباء الجنوب

> «الأيام» عن "موقع المجلس الانتقالي"

> نظمت القيادة المحلية للمجلس الانتقالي الجنوبي بالعاصمة عدن، بالتعاون مع اتحاد أدباء وكتاب الجنوب فرع عدن، أمس الأول، ندوة ثقافية تحت عنوان: "أهمية عدن في السياسة الأمريكية - علاقات لها أكثر من مائة عام" في مقر انتقالي مديرية المعلا الكائن بشارع الشهيد مدرم، حضرها كل من: عضو هيئة رئاسة المجلس الانتقالي، رئيس القيادة المحلية للمجلس بالعاصمة عدن د. عبد الناصر الوالي، وعضو هيئة رئاسة الانتقالي رئيس لجنة الإغاثة والأعمال الإنسانية بالمجلس م. عدنان الكاف، وعدد من الأدباء والمثقفين.

واستهل الندوة الأديب أ. نجمي عبد المجيد، رئيس اتحاد أدباء وكتاب الجنوب، فرع عدن، بالقول: "إن أول سفينة أمريكية تزور عدن كانت في عام 1804م، في حين أن القنصلية الأمريكية أُنشئت في عدن بشكل رسمي عام 1895م، وأن كانت حكومة الولايات المتحدة الأمريكية قد عينت في عام 1879م أحد التجار الأمريكيين في عدن قنصلاً فخرياً، وهو المستر (وليم لوكر مان)". مضيفاً: "وتعتبر القنصلية الأمريكية القنصلية الوحيدة لأمريكا الموجودة على الجانب الشرقي للبحر الأحمر، وتعمل كبرج مراقبة لأمريكا في المنطقة".

وتابع الأديب نجمي: "في 1902م أُقيم أول بيت تجاري أمريكاني في عدن، وهو الأول على مستوى الجزيرة العربية، وفي 1920م أسس الرائد الأمريكي (كرو فورد) الشركة الشرقية، والمؤسسة العامة للنفط في عدن، والتي تعتبر الأولى على مستوى الجزيرة العربية أيضاً، وفي عام 1928م قام المهندس الأمريكي (توشل لكرين) بعمل التنقيب على النفط والمعادن في عدن والمناطق المحيطة بها، فيما كان تأسيس أول شركة أمريكية لصناعة الجلود في عام 1935م".

واستطرد: "وفي عام 1925م أصبح التنافس (الأمريكي - الإنجليزي - الفرنسي) على بترول العراق، بالإضافة إلى تنافس أمريكا وبريطانيا على منابع البترول في الجزيرة العربية ومناطق البحر الأحمر، حالة معروفة من ضمن الصراع الدولي على المصالح الاقتصادية الجديدة".

وتابع: "من القضايا التي عملت عليها القنصلية الأمريكية في عدن تطوير العلاقات، وكذا مراقبة منطقة القرن الأفريقي عبر خطوط خليج عدن وباب المندب في البحر الأحمر، بالإضافة إلى أنها عملت على تسويق البضائع الأمريكية إلى اليمن عبر عدن التي كانت السوق الرئيسي لتجارة السيارات الأمريكية في جنوب البحر الأحمر، كذلك كان ميناء عدن المركز الرئيسي لتصدير البن الحبشي بواسطة وكلاء الأمريكان"، مشيراً إلى أنه "رغم أن القنصلية الأمريكية كانت تواجه عقبات ومسؤوليات إلا أنهُ يمكن القول أن تلك القنصلية كانت من أنشط القنصليات الأمريكية، فحجم المعلومات التي كانت تجمعها يدل على كفاءتها العالية وذلك انطلاقًا من إدراك موظفي القنصلية لأهمية المناطق بالنسبة للمصالح الأمريكية في ذلك الوقت وفي المستقبل".

وأكد نجمي أن "قسم الشرق الأدنى في وزارة الخارجية الأمريكية كان مهتماً كثيراً بالمعلومات التي تبعث بها القنصلية بعدن، لكن السلطات الأمريكية لاحظت أن الطابع السياسي هو الغالب في التقارير التي تصلها من قنصلية عدن، وأن الحاجة ماسة لتقارير تجارية تغطي (جيبوتي، الحبشة، المكلا، الحديدة، جدة، الحجاز) حتى يمكن فتح مجالات أمام التجارة الأمريكية"، وقال: "وفي عام 1927م بعث نائب القنصلية الأمريكية في عدن (بارك) بمذكرة إلى الخارجية الأمريكية تتضمن إقامة علاقة مع الإمام اليمني، غير أن الخارجية الأمريكية رفضت، وبررت بعدة أسباب أهمها (أن أوضاع اليمن غير مستقرة، بالإضافة إلى عدم وجود حدود واضحة المعالم لليمن مع جيرانها، إلى جانب عدم وجود علاقات سليمة مع جيرانها، بالإضافة إلى أن المصالح الأمريكية مع اليمن لا ترقى إلى حد الاعتراف بها".

وأضاف: "كانت القنصلية الأمريكية في عدن لا تميل إلى الرأي القائل إنه من الضروري الربط بين الاعتراف بمملكة الحجاز وسلطنة نجد بالاعتراف بإمام اليمن؛ لأن مكانة مملكة الحجاز وسلطنة نجد، كما تراها القنصلية في المجتمع الدولي، تفوق ما لليمن من مكانة لعدد من الأسباب أهمها أن علاقة اليمن الخارجية على محاور حدودها سيئة ومثيرة للنزاعات، بالإضافة لغياب التمثيل الدبلوماسي اليمني، وضعف علاقات الحكومة اليمنية بالتركيبات القبلية الداخلية، إلى جانب أن قنصلية أمريكا بعدن تستطيع أن تشرف على مصالح أمريكا في اليمن نظراً لقربها من عدن".


وتابع: "قامت قنصلية أمريكا بعدن برصد الصراع بين اليمن وحدود الجنوب العربي، وكذا مع السعودية، وقد خلص تقريرها إلى أن الحرب السعودية اليمنية عام 1934م أدت لاستيلاء السعوديين على الحديدة، ومعنى هذا ضياع الميناء الرئيسي لليمن، بالإضافة إلى أن شق طرق المواصلات عام 1935م مثل طريق (لحج - تعز - المخا، والحديدة - صنعاء) كان يتطلب استخدام السيارات".

أهمية عدن كمركز تجاري رئيسي للتصدير والاستيراد

وأشار الأديب نجمي إلى أن التجارة الرئيسية الأخرى التي كان للأمريكان دور جوهري في عدن وما حولها (تجارة السيارات)، حيث "في تسعة أشهر فقط من عام 1927م شُحنت (115) سيارة أمريكية من عدن إلى جدة عبر البحر الأحمر".

واستطرد: "معظم الوثائق الأمريكية تشير إلى مدى أهمية عدن كمركز تجاري رئيسي للتصدير والاستيراد بالنسبة لمنطقة البحر الأحمر، وكانت عدن القاعدة التي تنطلق منها الخطوط الأمريكية نحو الجزيرة العربية".

وأكمل: "يعود الاهتمام الأمريكي بعدن ومنطقة البحر الأحمر إلى أُسس اقتصادية وطبيعية وتاريخية قوية، وتعود العلاقات الطبيعية والتاريخية إلى مطلع القرن التاسع عشر الميلادي".

وتابع: "كل تلك المعلومات تدل على أهمية ومكانة عدن في السياسة الأمريكية التي كانت تمتد بحسب تحركات المصالح الأمريكية في المنطقة، وذلك التاريخ ما زال حتى اليوم لا يسقط من حسابات الراهن التي تعود فيها أمريكا إلى طرق البحر الأحمر من عدن وخليج عدن والعمق البري للجنوب العربي".

واختتم نجمي ندوته بالتأكيد على أن "عدد الوثائق الأمريكية لقنصلية عدن من (1918م - 1944م) بلغ (عشرة آلاف صفحة) من عدن إلى السعودية واليمن والحبشة والصومال الإيطالي والصومال الفرنسي والصومال البريطاني وارتيريا ومنطقة الحوض الجنوبي للبحر الأحمر".

مداخلات ثرية

بعدها، فُتح باب المداخلات والتي بدأها د. عبد الناصر الوالي، عضو هيئة رئاسة المجلس الانتقالي رئيس القيادة المحلية للمجلس بالعاصمة عدن، حيث أشاد بأهمية الندوة والمعلومات الغزيرة التي طُرحت فيها. وقال: "إن المعلومات التي تتحدث عن الأهمية الإستراتيجية والكبيرة لعدن والأطماع المحيطة بها لا يجب أن تحبطنا، وهذا قدرنا طالما ونحن نعيش على هذه الأرض، فهذه أرض أطماع، وكل العالم يريد أن يكون شريكاً لنا".

وأضاف: "لا توجد مشكلة فيمن يريد أن يكون شريكاً معنا باعتبار منطقتنا منطقة عالمية، لكن بعض العقول في هذا العالم تريد أن تكون بديلاً عنا، وتريد أن تستحوذ وتأخذ كل شيء". وتابع الوالي: "نحن مقبلون على تغييرات كبيرة ويجب أن نعمل أكثر، وأن نتصرف بحنكة عالية".

من جانبه، أكد عضو هيئة رئاسة المجلس، رئيس لجنة الإغاثة والأعمال الإنسانية بالمجلس م. عدنان الكاف، على ضرورة إغناء هذه المحاضرة بمحاضرات أخرى. وقال: "إن على الدائرة الثقافية أو الدائرة السياسية في القيادة المحلية بعدن أن تتبنى المحاضرة بشكل أوسع بحيث تكون الفائدة عامة، ويدعى لها كثير من الباحثين لإخراجها بمخرجات غنية كورقة عمل تفيد القارئ السياسي أو صاحب القرار السياسي لأخذ رؤية متكاملة لما يريد أن يقدم عليه في الفترة القادمة".

وأضاف الكاف: "أتمنى أن تكون هناك ورشة بأسرع وقت يحضرها أكثر من باحث وتتشعب لأكثر من محور وتتحول إلى كُتيب".

وفي ختام المداخلات، تحدث أ. نجيب سلمان عن ضرورة الابتعاد عن الطائفية بقدر الإمكان.

وجاءت الندوة بعد اللقاء الذي أجراه رئيس المجلس الانتقالي، اللواء عيدروس الزُبيدي، منتصف يونيو الماضي مع وفد الباحثين الأمريكيين برئاسة جيرالد فايرستاين، سفير أمريكا السابق إلى اليمن، والذي ضم 18 عضواً من الباحثين والخبراء من مؤسسات بحثية وإستراتيجية أمريكية مختلفة.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى