إبحار سياسي لمعنى: التمكين والثبات والنصر

> محمود المداوي

>
إن الإبحار السياسي الدلالي للمعنى الذي توحي به المفردات الثلاث الموضحة في عنوان مقالتنا هذه، والتي هي عنوان هذا المنعطف الهام الذي يمر به جنوبنا الجديد، والتي أطلقها (أي المفردات الثلاث) بيان المجلس الانتقالي الجنوبي على مليونية  الـ 15 من أغسطس الجاري، بكل أسبابها وما تلاها أجده مختزلا في عبارة واحدة كافية وشاملة لهذه الدلالة ومعناها ألا وهو الصمود ثم الصمود والصمود المؤزر بالنصر المبين المهزوم به اعداء الجنوب اليوم على طول وعرض الساحة الجنوبية الحبيبة.

دعونا هنا نزيد من تفقهنا وتأملنا للمفردة الأولى وهي "التمكين" التي لا تعني "الوصول والتوقف" بل "الوصول والإمساك" بتلابيب الهدف الذي تم الوصول إليه، وهو هدف مطروح منذ اليوم الأول من وجود الانتقالي الجنوبي، ليس على الأرض الجنوبية فحسب بل كفكرة في عقول وأفكار من راودتهم فكرة وجوده مبكرا سواء اعلنوا عن ذلك صراحة أم لم يعلنوا.

لقد كان بالإمكان أن يكون التمكين شعارا يرفع لدغدغة عاطفة الجنوبيين ومن ثم العبور عليه وتجاوزه أو التعامل معه كشعار يتم استخدامه للاستعراض ليس إلا وهذا احتمال واقعي في ظل ما يسود أوساطنا من غوغائية وفهم سياسي قاصر، غير أن القيادة السياسية للمجلس الانتقالي الجنوبي أدركت مبكرا أنها تخوض معركة هوية أرض وإنسان مع عدو همجي غاشم يلبس لبوس الوطنية والقومية زيفا، يمارس الوحدة ادعاءً، بينما ممارساته على الأرض جسدت كل معاني الضم والإلحاق والهيمنة والاستحواذ والاحتلال وبأدوات الإفساد والفساد، ولهذا كان لابد من إطلاق شعار استعادة الدولة الجنوبية المغدور بها، فكان الحراك الجنوبي السلمي بداية حقيقية لإرساء مداميك التمكين التي يجسدها اليوم عمليا المجلس الانتقالي الجنوب على أرض الواقع وبسياسة واقعية ساعده في ذلك وجود المتغير على الأرض وهو عاصفة العزم والحزم التي أبرزت المقاومة الجنوبية إلى صدارة المشهد، فكان تحرير عدد من محافظات الجنوب واحدا من تلك المداميك التي لا يمكن تجاهلها أو القفز عليها.
لقد كانت انتصارات المقاومة الجنوبية وثبات ذلك والإمساك بتلابيب الأرض الجنوبية المحررة هو الثبات الأول الذي مهد لاحقا لصمود أبناء الجنوب ومنحهم احترام دول التحالف التي منحتهم شرعية المشاركة ليس في تحرير الجنوب وحسب بل وتحرير الشمال.

وقد كان ذلك الثبات ومن قبله ثبات الحراك الجنوبي السلمي على ذات الغاية الجنوبية العليا حافزا لتلاحم القوى الحية الجنوبية المطالبة بحرية واستقلال الجنوب، الأمر الذي مهد لإعلان 4 مايو التاريخي والتفويض المليوني الأول لبروز المجلس الانتقالي الجنوبي على الساحة الجنوبية.. وبالنتيجة كان لهذا تأثيراته في مسار عملية الصمود للقضية الجنوبية وخروجها من دائرة المحل إلى الدائرتين العربية والعالمية.

التمكين والثبات خلاصة صبر جنوبي جميل أفضى ويفضي إلى انتصارات متلاحقة كما نشهده اليوم على نظام الاحتلال اليمني بكل قواه النافذة التي كشفت مؤخرا عن وجهها الإرهابي القبيح ومازالت تحارب بكل أدواتها الفاسدة على مستوى الخدمات العامة وأيضا بمعسكرات الإرهاب المتسترة برداء الشرعية الهالكة منذ يومها الأول، وها هي اليوم بذات الأساليب تحارب تطلعات الجنوبيين إلى استعادة دولتهم الجنوبية التي لابد منها، وقريبا بإذن الله تعالى.​

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى