كيف صارت المطالبة بالحقوق ضربا من العمالة؟

> همّام عبدالرحمن باعباد

>
من العجائب الكثيرة الموجودة في بلادنا توزيع الاتهامات على المخالفين في الرأي، لمجرد التباين في وجات النظر حول قضية معينة مع إن بعضهم يصر على تقريع أذنيك بالمقولة الشهيرة التي هو بعيد عنها بعد المشرقين: "الاختلاف في الرأي لا يفسد للود قضية" وبعضهم يستشهد بمقولة تنسب لفولتير: "قد أختلف معك في الرأي ولكني مستعد لدفع حياتي ثمنا لحريتك في قول ما تريد أن تقول"، بينما هو غير محتمل لسماع وجهة نظرك خلا التضحية بحياته، ولربما كان مبعث تلك العاطفة الزائفة التي تربى عليها في التعاطي مع المخالف، مع إن قصص تاريخ أمتنا تعج بالنماذج المشرفة في التعامل مع المخالف.

ومن واقع متابعتي لتناولات الصحافة الإلكترونية لأوضاع بلادنا، وجدت العجب العجاب من الكتّاب والمدونين الذين قد تجد بعضهم لا يجيد الكتابة الصحيحة وينصب نفسه خصما وحكما في آن واحد، ويتجاوز في قوله عن مخالفيه في الرأي ما لم يقله مالك في الخمر، وهذا النموذج أمره هين بالمقارنة مع (الصحفيين مدفوعي الأجر) الذين يتفننون في تلميع أسيادهم ولا يعدموا وسيلة في ذلك حتى لو كان قادتهم يعيشون قمة الإفلاس لكن رنين النقود يفعل ما يتجاوز الأدبيات ويرمي بها عرض الحائط.

وقد شاءت الصدف أن تظهر بعضا من سقطات هذه الأنواع من (أدعياء الإعلام) و(ناشطي زمن الغفلة)؛ إذ جاءت الأحداث المطالبة بتحسين خدمة الكهرباء التي تتدهور من عام لآخر في حضرموت دون حلول ناجعة لها لدرجة أن إطلاق وصف (حر - موت) صار يعني (حضرموت) ولك أن تتصور معاناة محافظة نفطية لم يصل أبناءها من النفط إلا الأمراض والأوبئة، وما زالت أزمات الكهرباء تطل من أسبوع لآخر ولم يعد لدى الجماهير من أعذار مقبولة فقد دفعهم سوء الخدمات إلى النزول إلى الشارع دفعا بعدما ضاقت صدورهم ولم تعد تحتمل العبث براحتهم.

وعلى صعيد متصل أتت الوقفة الاحتجاجية المطالبة بفتح مطار الريان لتكشف النقاب عن نوعية عجيبة (الذباب الإلكتروني) هدفه كيل الاتهامات بالتخوين والعمالة لأولئك المطالبين بتحسين الخدمات وفتح المطار ولو نظر بمنظار العقل بعيدا عن الانتماء إلى هذا الفصيل أو ذاك لوجدت بأن من يوزع الاتهامات هو الأقرب لانطباق الاتهامات عليه، فهو يقف ضد مصلحة شعبه وأمته.

فالخدمات للجميع بدون استثناء والكهرباء حق مشروع صار الحديث عن توفيره من أساطير الأولين لدى الشعوب الأخرى وكذلك فتح المطار ضرورة إنسانية قبل أن يكون مصدرا للدخل أو واجهة سياحية أو وسيلة خدمية راقية تتفنن البلدان في تحسينها، ولك أن تتصور معاناة المرضى الذين يعانون الأمرين في الطريق إلى مصر بعدما يقطعون المسافات الطويلة وصولا إلى سيئون ثم الانتظار إلى رحلات الانطلاق إلى مصر.

عندها تجد المفلسين يدعون بأن منظمي الوقفة المطالبة بفتح مطار الريان أو المحتجين على تدهور الكهرباء عملاء دفعت لهم أجور الاحتجاجات، ولو سلمنا - مع أن هذا لا يجوز- بأن منظمي الاحتجاجات مدفوعون من جهات لا تريد الخير للبلد، فلماذا لا تعمل السلطات على قطع الطريق عليهم بالعمل الإيجابي وتطبيع الخدمات وفي مقدمتها فتح المطار وتوفير الكهرباء وصيانة الطرقات وقطع السبيل عليهم لكي لا يجدوا مبررا للقيام بالاحتجاجات والاعتصامات؟! ​

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى