من منطوقهم ندينهم

> أحمد عمر حسين

>  لن نأتي بشيء من عندنا بل سنستعرض منطوقهم مبتدئين من الزمن الغابر ما قبل الميلادي بسبعة قرون، فمثلا في عهد الملك السبأي (كرب إل وتر 700 ق.م)، نقش النصر موجود في متحف صنعاء وكل دارسي التاريخ من أجانب وعرب ويمنيين يعلمونه وحتى غالبية المثقفين اطلعوا عليه، وفيه سجل (كرب إل وتر) كم قتل ودمر المدن وكم أسر وكم أحرق مدن أوسان، وبقية الممالك المجاورة لمملكة سبأ.. ونهب أملاكهم وأراضيهم ومزارعهم وأهداها للسبأيين ولإلههم (المقه) وذلك لأنهم خالفوا المقه.. كفرهم لأنهم على دين وعبادة (ود) وهو على دين المقه، رغم أن الحقيقة اقتصادية وثروة، فأوسان تسيطر على التجارة عبر الموانئ.
وفي أيام دولة المملكة القاسمية القرن السادس عشر أفتى إسماعيل بن القاسم بأن لحج وعدن وأبين وحضرموت أراضي خراج وأن سكانها كفّار تأويل.

أما في بداية القرن العشرين عندما هاجم يحيى حميد الدين البيضاء 1924م قال زاملهم:
يا مسورة جينا نهدش
بالجيش وأخشام المدافع
قد عادها حسبة من الله
نوخذ عدن وأبين ويافع.
مسورة عاصمة الرصاص سلطان البيضاء.
وفي زيارة لنائب الإمام في البيضاء الرويشان حين زار سلطان العواذل إلى عاصمة السلطنة العوذلية (زارة) في الستينات من القرن العشرين، كان هناك استقبال لنائب الإمام على البيضاء (كانت علاقة الرويشان بسلطان العواذل ممتازة).
زامل الترحيب من قبل ناجي المصعبي وهو من المقربين لسلطان العواذل:
حيا بكم ياذي ولبتوا مرحبا
حيّا ملا لودر وزارة وأمشعة
حيّا بكم عند أهل بن قاسم علي
بيت الكرم والعز هي ذي تزرعه
نحنا يمن واحد وهذه أرضنا
والشعق ذي في الثوب لازم نرقعه
رد الرويشان (رغم أنه ضيف):
الله يحيي كل من حيّا بنا
ما حن وألجب من مجاري طالبه
هذا جواب البدع قول المصعبي
حيّا مرادف به وحيّا بادعه
يا مصعبي ما عذر من ما نتفق
نحنا وانتم في حفد والا سعة
بانوخذ المشرق وبانوخذ عدن
والمحميات ذي بالنصارى موجعة.
لاحظوا أن الجنوبي نفسه قومي وحدوي إلا أنه عمل تحديد stop (وهذه أرضنا) وحديثه مهذب وشبّهها بالثوب المحتاج للرقع.. بينما جواب الآخر استعلائي ويتكلم عن نهب (بانوخذ) ثم نأتي إلى ما حدث بعد 1994م.

كان الشاعر المناضل علي امناصري لاجئا عند الشيخ الخضر السوادي بسبب قضية قتل بين الأسرة ذاتها (الشيخ امناصري سليل الأسرة السلاطينية العوذلية فرع آل حسن).
الشيخ الخضر السوادي كان يأخذ امناصري معه حيثما يذهب لأي دعوة قبلية أو مناسبة.
في إحدى المناسبات قام شاعر شمالي واستفز امناصري بدون مناسبة وتعدى على ضيف الشيخ الخضر..

قال في زامله:
حيّا الله الليلة بداة العوذلي
والعفو منّك لو طهشناكم طهوش
خذنا مطاركم وخذنا بوشكم
والبنك شليناه ذي فيه القروش.
فغضب امناصري ورد بالزامل التالي:
الله يحيي كل من حيّا بنا
ما يصبح الكومي بلحماله ينوش
لولا الخلل والشرخ ذي بيناتنا
كان الثعالب ماكلت رزق الوحوش.
الزامل طويل واكتفيت بالبيتين فقط.

لن ننسى فتواهم في 1994م والتي تتكرر اليوم من جديد، فهذه ثقافة متأصلة لديهم ولا نتجنى عليهم، والناقش والمفتي والشاعر كفونا الإدانة لهم فهم من يدينون أنفسهم. والشاعر أكثر تعبيرا ومصداقية عن السياسي والشيخ المتلوّن فهو كان بمثابة وزارة الإعلام للقبيلة أو الدولة.
هناك الكثير، ومن يبحث في سجلهم التاريخي والفقهي والشعري سيرى ما يثير التقزز.!!​

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى