رجال في ذاكرة التاريخ: أستاذنا إبراهيم روبله.. قامة سامقة تربوياً ورياضياً

> نجيب محمد يابلي

> أستاذنا إبراهيم روبله.. قامة سامقة تربوياً ورياضياً
الميلاد والنشأة
حافة القاضي
حارة من حواري كريتر (عدن) تتميز عن سائر حواري الشرق الأوسط، حيث بلغت أوج حضريتها وحضارتها (وتلكم هي عدن)، في أنها حضنت مقار (4) تنظيمات سياسية: 1 - الاتحاد اليمني (ورمزاه أحمد محمد نعمان ومحمد محمود الزبيري، 1943م). 2 - رابطة أبناء الجنوب (SAL)، ورمزاه السيد محمد علي الجفري، والمحامي شيخان الحبشي 1951م. 3 - الاتحاد الشعبي الديمقراطي، ورمزاه عبدالله عبدالرزاق باذيب، وأحمد سعيد باخبيرة 1961م. 4 - حزب الشعب الاشتراكي، ورمزاه عبدالله عبدالمجيد الأصنج، ومحمد سالم باسندوة.

أستاذنا إبراهيم روبله من مواليد حافة القاضي (كريتر/ عدن) يوم 27 فبراير 1922م، ونشأ وترعرع في محيط حضري كوني تعايشت فيه ثنيات وتجانست وتزاوجت وجسدت بذلك كونية الحبيب المصطفى. درس أستاذنا روبله في مدرسة السيلة (كانت تعرف في البداية بمدرسة الإقامة "Residency School" المتحف الحربي حالياً)، وأكمل دراسته الثانوية في مدرسة الريزميت Regiment School بكريتر (ثانوية لطفي أمان حالياً).

إبراهيم روبله في الجامعة الأمريكية في بيروت
شد أستاذنا إبراهيم روبله الرحال إلى بيروت حاضرة لبنان، حيث تلقى دراسته الجامعية، وحصل على درجة الليسانس في الآداب يوم 22 يوليو 1946م ليدشن روائعه في التدريس.
تميز أستاذنا روبله بالبساطة والتواضع وحب التدريس وعشق الشعر وصاحب ثقافة متميزة في اللغتين العربية والإنجليزية، وتجلت القدرات العالية في ترجمة الأدبين الكلاسيكي والحديث التي سكنت قلوب وعقول الطلاب الثانويين للأستاذة الأجلاء إبراهيم روبله، وعبدالرحيم لقمان، وعبدالله فاضل فارع.

ماذا قال شهود العصر؟
وردتي بيانات مقدمة عن أستاذنا روبله من أبناء الجالية الصومالية العدنية عبر الطبيب والوزير والسفير الشهير د. عبدالله عبدالولي ناشر، وزميلتي في "الأيام" فردوس علمي:
"يعتبر أ. إبراهيم روبله أول شخصية عدنية غير إنجليزية تتولى عمادة كلية عدن، وكذا عمادة ثانوية خورمكسر، وتتلمذ على يديه الكاتب الثائر فاروق ناصر، وقلم الحقيقة نجيب يابلي، والطيار علي قائد، والملاح حسين ديان، وسيف الخامري، والفقيد السفير محمد البيحي، وعبدالباري فخري، وأسامة عبدالنبي، وزيد السيد علي، وصالح هاشم فارع.. والقائمة بطول سور الصين العظيم".
الأستاذ إبراهيم رويله، رحمه الله
الأستاذ إبراهيم رويله، رحمه الله

هؤلاء دخلوا التاريخ مع أستاذنا روبله
تشير وثائق حكومة عدن الخالدة والعطرة الذكر بأن هناك شركاء في العملية التربوية المقدسة مع أ. إبراهيم روبله وعملوا تحت إدارته: ميلر - بيتري - كيلفورد  - هاريسون - فايار - محمد نزير - صالح خليفة - شلوان - عبدالشيخ -  جونزاجا - صالح زوقري (صهره - مدرس التاريخ) - علي عوض بامطرف - عبدالله محيرز - عبدالله علي قرشي - شاترجي - سيد هاشم عبدالله - نصر حسن عباس - هيتين - محمد الماس - عبدالله فاضل فارع - إقبال بيج - محمد أجمل - جعفر ظفاري - مكايفر - جانيتا - علي سالم بارباع - سباستين.

أستاذنا روبله وقامات الزمن الجميل
تاريخ عدن متميز ومسكون في ذاكرة التاريخ القديم والوسيط والحديث، وتجلت عظمة عدن في "المدينة الدولة" CITY STATE، وعندما تقف أمام محاضر المجلس التشريعي Legislative Council فأنت تدرك أنك أمام برلمان أرقى من أي برلمان جاء بعده منذ نوفمبر 1967م وحتى يومنا هذا لاعتبارات عديدة منها أنة التزم بنظام التمثيل النسبي للأقليات..

تقف أيضا أمام المجلس البلدي لعدن Aden Municipal Council وأعضائه المنتخبين والمهندس البلدي Municipal Engineer، وعظمة أدائه ونفاذ تعليماته التي يوجهها القانون؛ لأن عدن تميزت عن سائل مدن الشرق الأوسط بالنظام والقانون Low & Order، أمامك أيضا أمانة ميناء عدن Aden Port Trust، وكانت عدن في المرتبة الثانية أو الثالثة في العالم على مستوى الموانئ، أما اليوم فلا مرتبة لها، وهكذا كان حال مطار عدن الدولي الذي أصبح مطار عدن القروي.

أستاذنا إبراهيم روبله عملاق خاض مسيرة العملية التعليمية مع عمالقة آخرين منهم: محمد عبده غانم - عبدالرحيم لقمان - إبراهيم لقمان - لطفي أمان - كمال حيدر - حامد خليفة - علي عبدالله إلياس - عبدالعزيز إبراهيم - محمد جامع محمود - نجيب أمان - أحمد حسن جوهري - أبوبكر عقبة - عبدالله نور الدين - حسن نور الدين - عبدالله فاضل فارع - محمد الماس - حسن منيباري - عثمان عبده محمد - علي محمد عبدالله - أحمد عبده رمزو - عبدالله محمد حاتم - يحيى مكي - خالد صوري - حامد الصافي - فتحي أمان - عبده سعيد شيباني - محمد صالح سودي - يوسف سعيدي - عبده سعيد صوفي - أحمد حامد خليفة - محمد احمد يابلي - علي محمد باقر - أبوبكر محمد باقر - أحمد علي حبيشي - علي محمد زريقي - مصطفى مسرج - عبدالله شرف سعيد - علي خليل - علي عبدالله بدوي - عوض باجناح.. والقائمة طويلة.

أستاذنا روبله وصل درجة الإشباع الوظيفي
وصل أستاذنا إبراهيم روبله - رحمه الله - مرحلة الإشباع الوظيفي، حيث شغل منصب المدير الإقليمي لتربية عدن Regional Director of Education ثم شغل منصب الوكيل الدائم لوزارة المعارف
Permanent Secretary, ryo Education، وشغل المنصبين الرفيعين خلال الفترة 1947/ 1967م،

وهي قمة الوظيفة الإدارية، ويأتي بعدها منصب الوزير، وهو تعيين سياسي، ولا يستطيع الوزير تجاوز الوكيل الدائم في إصدار القرار.
بعد الاستقلال في 30 نوفمبر 1967م صدرت قرارات سياسية استهدفت كل قيادات الوزارات بحجة أن تلك العناصر القيادية في الإدارة غير مراكبة للثورة.

أستاذنا روبله وراء التلفزيون المدرسي
ترك أ. إبراهيم روبله وراءه مفخرة القرن العشرين في العملية التعليمية ذلك أنه كان مؤسس التلفزيون المدرسي School T.V، حيث عقد اجتماع يوم 23 مايو 1965م بمكتبه، وتكونت اللجنة من أ. إبراهيم روبله، ولطفي جعفر أمان، وعثمان عبد محمد، وسلطان عبده ناجي، وعبدالحميد سلام، وعزيزة العطاس، وأبوبكر العطاس، ونتج عن ذلك تقديم دروس لطلاب المدارس صباح كل يوم، وتكفلت الوزارة بشراء أجهزة تلفزيون للمدارس المتوسطة، واعتبر التلفزيون المدرسي فتحاً جديداً في عالم التربية.

محمد إبراهيم عجال يسمو على الثوار
كان أستاذنا إبراهيم روبله في الـ 45 عاماً من عمره عندما تم تسريحه مع خيرة الكوادر في عدن، وكان رحمه الله قد بدأ الخدمة في سلك التعليم عام 1946م ولمدة 21 عاماً، وهي فترة قياسية ليؤسس فيها مكانته المشهود لها وما قدم من إنجازات كبيرة، وعز عليه غياب الوفاء والعرفان فتوجه إلى بلاد الصومال، وكان رئيس وزرائها آنذاك العطر الذكر محمد إبراهيم عجال، فاستوعبته السفارة البريطانية هناك سكرتيراً إعلامياً في السفارة، ونتيجة لعلاقة أستاذنا روبله بالرئيس عجال تم تعيين أ. روبله مستشارا لمنظمة اليونيسكو في وزارة التربية والتعليم الصومالية وعمل خبيرا لها.

أستاذنا روبله وبصمات في الجمعية الرياضية العدنية
ورد في كتاب "تاريخ أندية عدن الرياضية ونشأتها وتاريخها المعاصر" لأستاذ أحمد محسن أحمد (ص 56):
"وفي العام 1962 حدث تغيير جوهري في قوام الهيئة الإدارية للجمعية الرياضية العدنية؛ حيث تم تكوين الهيئة الإدارية للجمعية من أبناء عدن ولم يشترك معهم أحد من الإنجليز، وهم:
1 - أ. إبراهيم روبله - رئيسا.
2 - أ. عبده علي أحمد - سكرتيرا عاما.
3 - أ. عبد القادر جرجرة - أميناً للمال".
وورد في الكتاب الآنف الذكر الذي تغذى من مذكرات الوالد عبده علي أحمد - رحمه الله - أن من تأثير الجمعية الجديدة أن جعلت اللغة العربية لغة رسمية للجمعية، وتم تقليص الأندية من 62 نادياً إلى 42 نادياً، وتم تصنيفها في ثلاث درجات: درجة A.Team، درجة B.Team، درجة C-Team.

وداعاً أستاذنا إبراهيم روبله
انتقل أستاذنا إبراهيم روبله إلى جوار ربه يوم 3 مارس 1973م إثر مرض عضال، وبكينا جميعاً داخل عدن وخارجها رحيل القامة التربوية العدنية السامقة، ولا نزال نذكره ونحن نرثي الحال الذي وصلته عدن وأهلها الكرام الذين حضنوا الجميع وتنكر لهم الجميع إلا من رحم الله.
تزوج أستاذنا روبله من السيدة الفاضلة نعمة عبدالله زوقري، وهي من الأسر العدنية العريقة والمعروفة في هذه المدينة الفاضلة، وكانت نعمة نعم الشريك والرفيق لأستاذنا إبراهيم روبله مصداقا لقوله تعالى: "الطيبون للطيبات والطيبات للطيبين"، وكان له منها ولد وابنتان:
1 - محمد، خريج كلية الهندسة وعمل في شركة اتصالات في تنزانيا، ويعمل حاليا في شركة MTN للاتصالات.
2 - ميسون روبله، المعلمة الفاضلة في مدارس صيرة.
3 - هدى روبله، توفيت أثناء دراستها في كييف بجمهورية أوكرانيا في أبريل 2004م.
كلمة أخيرة أضم صوتي مع أصوات أبناء الجالية الصومالية بعدن بأن يرفع اسم أستاذنا إبراهيم روبله على مدرسة أو قاعة من قاعات جامعة عدن، والرجل يستحق أكثر من ذلك من ناحية، ورد الاعتبار لشخصه الكبير من ناحية أخرى.​

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى