مصلحة الوطن فوق أي خلاف

> أحمد عبدربه علوي

> إن أخطر ما يهدد مستقبل هذا الوطن ويعد عقبة بالغة الخطورة أمام المأمول هي جماعة محترفي (مسك العصا من النص)، من هؤلاء الذين يجيدون اللعب بثلاث ورقات، الذين سرعان ما يتلونون ويظهرون على سطح الأحداث في كل عهد وعصر، إنهم مثل الحرباء متخصصون في ممارسة حرفة التنويح والخداع واعتماداً على آفة النسيان التي تسيطر على ذاكرة المجتمع تحت تأثير الطيبة، وإمكانية اللجوء إلى فتح صفحة جديدة لشحذ الذاكرة المريضة، التي تمثل خطراً على خطوات العمل للمستقبل. لا بد أن تذكر أن هذه العناصر مارست هواية التصفيق والتهليل والتطبيل مع كل زفة (أزمة) تحدث في البلاد نزاها تشارك على تخريب مقومات الحياة المعيشية للمواطن والوطن، هذه الفئات أو الجماعات دائماً ما تكون مستعدة لقلة الخير يكون دافع بعضها (الانتهازية) والضعف وعدم وضوح المبادئ التي تدعي أنها تؤمن بها، مع إنها كلها صفات لا تسمح بالثقة والاطمئنان.

على ضوء هذا الواقع، فإنه لا أحد يمكن أن يطلب المستحيل من هؤلاء المتلونين ليقولوا الحقيقة أو التصدي للأخطاء، ولكن على الأقل لصالح ما يمكن أن يحدث في المستقبل فقد كان يمكنهم تجنب السير في الزفة بهذه الصورة الفجة والممجوجة، ليس هذا ما كان بل كان يجب أن يكون عليه سلوكهم فحسب حفاظاً على ذرة من الوطنية تكون قد علقت بهم كما كان عليهم، على الأقل السعي لكسب قليل من الاحترام.

إن ذكر الأزمات المتعاقبة التي مرت بها البلاد منذ نهاية عام 1967م، وبالذات فترة (حكم الرفاق القدامى) لا يمكننا نسيان أيام المواجع، كالسحل والنحس والمفقود إلى يوم السميع العليم.

من العجائب لجوء هذه الفئات إلى تغيير المواقف والمبادئ 180 درجة. يخالجني الشك بأنه ليس هناك أمل في خروجنا من المحن والفتن جعلت الكثير من المواطنين يرددون الأغنية اللبنانية (ضعنا بني حانة ومانة).

يا جماعة الخير بلادنا تمر الآن بمنعطف خطير في إطار كل ما يحاك للمنطقة من مؤامرات تستدعي التعامل معها بطريقة (ديناميكية)، يجب أن تؤكد قدرة رجالها المخلصين الصادقين على التعامل مع أحلك الظروف الصعبة و"أنا وأخويا على ابن عمي، وأنا وابن عمي على الغريب"، يا جماعة الخير التركة كبيرة وجسيمة ومعظم المشاكل جذورها عتيقة وأحدثها تعد بمثابة كوارث عرضت البلاد لانفلات في كل شيء وبالرغم من كل ذلك. أن تكون المهمة الرئيسية أمام الجهات المعنية المختصة إحلال الأمن والاستقرار أولاً ورقابة أسعار المواد الغذائية والأدوية.. الخ.

للأسف، إن الصراعات الكثيرة التي تشهدها الساحة السياسية والأمنية والاقتصادية في بلادنا الآن، واختلاف التوجهات والآراء تؤكد أن كل تيار أو فئة تفكر في مصلحتها فقط، ولا أحد ينظر إلى الوطن أو المواطن المطحون الذي يعاني أشد المعاناة في كل مناحي الحياة المعيشية اليومية.
في ظل هذه الأزمات والمعاناة اليومية والقهر الذي يعيشه المواطن البسيط كل يوم، نرى صراعات الوصول إلى السلطة.. الوصول إلى النفوذ وتحقيق المكاسب الشخصية والمنافع الذاتية دون أن يسأل أحد عن المواطن البسيط وهمومه ومشاكلة.

بالصراحة، وبالكلام الدغري، الأوضاع على الساحة حالياً في ظل الخيوط الممزقة بين الجميع في ظل الصراع على المصالح الشخصية التي تطغى على الصالح العام، فمن يؤثر نفسه ويفضل مصالحه على مصالح بلاده يسيء إليها، سواء كان يشعر بذلك أو لا يشعر.
والمصالح الشخصية يجب أن لا تتقدم أو تعلو على المصلحة العامة لمصلحة البلاد

فبلادنا يجب أن تبقى دائماً فوق الجميع، والأمثلة كثيرة على من يسيئون للبلاد ولسمعتها وينسون بأنه يجب أن تظل فوق الكل. إن من المآخذ والعيوب في مجال السياسة نرى من ينظم ويتحزب للجهات الخارجية عن بلاده، ومن ينخرط ويتحزب وينظم للجهات الداخلية في بلاده، مع الأسف الشديد، يدخلون في صراعات ومساجلات على صفحات الصحف وغيرها متناسين أن البلاد يجب أن تبقى فوق الجميع وأن مصلحتها يجب أن تعلو فوق شعارات ونظريات من كانوا من هنا وهناك معاً، وليكن مفهوماً.. الواقع أن الحكومة ليست دائماً على حق، وكذلك المعارضة أية معارضة، ويتجاهل الطرفان أن الخلاف في الرأي والاجتهاد يجب ألا ينسيهما وجوب أن يبقى الوطن فوق الجميع وفوق أي خلاف وضرورة، بل وجوب، أن تكون خلافاتهما لمصلحة البلاد وليس بالعكس، كذلك من ينحازون للشرعية وللرئيس الحالي عبدربه منصور، ومن ينحازون للانتقالي، ومن ينحازون للمؤتمر الشعبي وللرئيس السابق (المتوفي) علي عبدالله صالح، يضيعون وقت البلاد في مهاترات سياسية لا طائل من ورائها، متناسين أن اليمن شماله وجنوبه هو فوق الجميع، وأن زمن عبادة الأشخاص، ولا أقول الأصنام، قد ولى منذ زمن بعيد. وغنى عن القول أن البلاد هي بلادنا جميعاً، ليست لي وحدي وليست لك وحدك، لذلك يجب أن تبقى هي فوقنا جميعاً لأننا كلنا زائلون أما اليمن في الشمال والجنوب فهي الباقية، وهي الخالدة وعلى مر العصور، وهي الشاهدة على التاريخ الحافل بحب أبنائها الذين أطلقوا عليها منذ قديم الزمان (اليمن السعيد)، والذين مازالوا يرددون أغنية الموسيقار أحمد بن أحمد قاسم، رغم رحيلة منذ سنوات طوال، التي تقول: "عدن، عدن يا ريت عدن مسير يوم".

عشت ياوطني دائماً في روح وفي دم الجميع بالأفعال وليس بالأقوال والأناشيد، ماعدا الشعار الذي يقول (بالروح بالدم نفديك يا يمن) شماله وجنوبه.
وليكن معلوماً للجميع أن مصلحة الوطن فوق أي خلاف.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى