اتفاق جدة ينص على مغادرة القوات التي اجتاحت شبوة وأبين

> "الأيام" غرفة الأخبار:

> الإرادة القوية للتحالف العربي بقيادة السعودية في إنجاح الحوار بين حكومة الشرعية اليمنية والمجلس الانتقالي الجنوبي جعلته يتخطّى العوائق الكبيرة التي واجهته، ليفضي إلى اتفاق بالغ الأهمية في إنهاء الخلافات داخل المعسكر المضادّ للحوثيين وتوحيد الجهود في مواجهة المشروع الإيراني الذي يحملونه، على أن يظل تطبيق الاتفاق على أرض الواقع بحاجة لذات الإرادة لحمايته من العراقيل التي يتوقع أن تضعها في طريقه العناصر الإخوانية المخترقة للشرعية اليمنية.

مصادر يمنية مطلعة تحدثت عن توقيع الحكومة اليمنية والمجلس الانتقالي الجنوبي على مسوّدة الاتّفاق السياسي بشكل رسمي في أمد لا يتجاوز اليومين القادمين في العاصمة السعودية الرياض، برعاية العاهل السعودي الملك سلمان بن عبدالعزيز، وحضور ولي العهد السعودي، الأمير محمد بن سلمان، وولي عهد أبوظبي الشيخ، محمد بن زايد آل نهيان، والمبعوث الأممي إلى اليمن مارتن جريفثس، الذي يتواجد في العاصمة السعودية، وسفراء الدول الـ 19 الراعية للسلام في اليمن.

وقالت المصادر إن جهوداً حثيثة قام بها ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان ونائب وزير الدفاع الأمير خالد بن سلمان، خلال الساعات القليلة الماضية، نجحت في إقناع الرئيس اليمني المعترف به دولياً عبدربّه منصور هادي بالموافقة على توقيع الاتفاق، بعد أن تعثر التوقيع نتيجة طرح تعديلات جديدة من قبل الشرعية، من بينها إضافة المرجعيات الثلاث للحوار بين الحكومة والحوثيين كمرجعيات للاتفاق مع الانتقالي، ومحاولة فرض مكونات جنوبية جديدة كأطراف في الاتفاق، الأمر الذي رفضه وفد المجلس الانتقالي.

ووفقاً لصحيفة العرب اللندنية، فإن مسودة الاتفاق تضمنت تشكيل حكومة كفاءات من 24 حقيبة مناصفة بين الشمال والجنوب، برئاسة رئيس الوزراء اليمني الحالي د. معين عبدالملك، الذي توافقت الأطراف الموقعة على الاتفاق والتحالف العربي على عودته إلى العاصمة المؤقتة عدن فور توقيع الاتفاق والبدء بتطبيع الحياة السياسية والخدمية في المدينة، قبيل الإعلان عن الحكومة الجديدة.

ويتكون الاتفاق من أربعة أبواب رئيسية، تعالج القضايا السياسية والأمنية والعسكرية والإدارية، وتنصّ في مضمونها على إعادة هيكلة قوات الجيش والأمن بإشراف لجنة من التحالف العربي تتولى ضم الحزام الأمني في عدن والنخب لقوام وزارة الداخلية والجيش مع منحها الحق في تولي مسؤولية ضبط الأمن في المحافظات الجنوبية، بما في ذلك محافظتا شبوة وحضرموت، اللتان ستغادرهما قوات الجيش بشكل كلي باتجاه مناطق المواجهات مع الحوثيين، بحيث يتولى الحزام الأمني والنخب مسؤولية الملف الأمني.

ويتضمّن اتفاق الرياض آليات لمعالجة التوتّر السياسي والعسكري والاختلال الإداري والوظيفي، ومنع الازدواج الأمني، وتشكيل لجنة مشتركة للإشراف على تطبيق بنود الاتفاق برئاسة السعودية ومشاركة الإمارات والأطراف الموقعة على الاتفاق.
كما ينص الاتفاق على تشكيل حكومة كفاءات بالمناصفة بين الجنوب والشمال وعودة رئيس الوزراء، د. معين عبدالملك، إلى عدن لتيسير الخدمات ودفع المرتبات، حتى يتم التشاور وتشكيل الحكومة الجديدة. كما يمنح المجلس الانتقالي الحق في المشاركة في مفاوضات السلام المستقبلية بين الشرعية والمتمرّدين الحوثيين.

وبموجب اتفاق الرياض يتم تعيين محافظين ومدراء أمن لمحافظات الجنوب وفق جدول زمني بالتوافق وبإشراف التحالف العربي واستيعاب النخبة والحزام الأمني في تشكيلات الأمن ومهمتها تأمين المحافظات.
وفي الشق العسكري، ينصّ الاتفاق على عودة القوات التي اجتاحت شبوة وأبين من حيث أتت، خلال أسبوعين من التوقيع، وإخراج القوات العسكرية خارج المحافظات ونقلها إلى الجبهات وفق برنامج محدد متفق عليه.

كما ينص اتفاق الرياض على وقف الحملات الإعلامية المسيئة بين كل الأطراف وتشكيل لجنة مشتركة لمتابعة تنفيذ الاتفاق بإشراف التحالف العربي.

وتعيد مضامين الاتفاق التوازن إلى مؤسسات الشرعية وتحد من تغوّل بعض الأطراف، حيث ستخضع القرارات للتوافق ومشاركة كافة المكونات والأطراف الفاعلة في معسكر الشرعية الذي سيتسع لقوى أخرى فاعلة كانت خارج معادلة القرار نتيجة استحواذ حزب الإصلاح على القرار السياسي بمشاركة شخصيات نافذة مقربة من مؤسسة الرئاسة.

وبحسب بنود الاتفاق، ستجري مراجعة شاملة للقرارات التي صدرت في المؤسستين العسكرية والأمنية والسلك الدبلوماسي، كما ستعود الحكومة ومجلس النواب للعمل من داخل العاصمة المؤقتة عدن.
واعتبر سالم ثابت العولقي، عضو هيئة رئاسة المجلس الانتقالي الجنوبي، اتفاق الرياض أول مسار سياسي للجنوب وبطرف جنوبي خالص، منذ وثيقة العهد والاتفاق عام 1994، مضيفا: "مما لا يقل أهمية عن ذلك جبهتنا الداخلية نحافظ على وحدتها ونعزز تماسكها فهي الضمان لهذه المرحلة وكل المراحل".

وقال العولقي: "إن اتفاق الرياض ثمرة مبادرة قدمها التحالف العربي للطرفين. ولم ينص على وحدة يمنية أو أقاليم أو استقلال فهذه ليست مهمة الاتفاق".
وفي أول مسعى لإفشال الاتفاق عبر تيار قطر النافذ في الحكومة الشرعية، توعد وزير النقل اليمني صالح الجبواني، في تغريدة على تويتر، بإفشال اتفاق الرياض المزمع توقيعه رسمياً، وقال: "إن ‏أي اتفاق يتضمن شراكة مع الانتقالي يعني فشل التحالف ومهمته في اليمن".

واعتبرت مصادر سياسية يمنية أن تصريحات الوزير الجبواني الموالي لقطر، تعبر عن توجيهات تيار عريض داخل الحكومة الشرعية سعى لإجهاض حوار جدة عبر سلسلة من التصعيدات، كان آخرها زيارة العاصمة العمانية مسقط والانخراط في حوار سري يضم الإخوان والحوثيين ومكونات جنوبية موالية للدوحة ومسقط بهدف تشكيل تكتل يمني جديد مناهض للتحالف العربي.

وتوقعت مصادر "العرب" أن يلعب هذا التيار دوراً سلبياً في الأيام القادمة بعد توقيع الاتفاق لعرقلة تنفيذه أو إفراغه من محتواه، وخلق أزمات جديدة، والاستمرار في سياسة ابتزاز التحالف العربي.

إلى ذلك توقع مسؤول يمني رفيع المستوى أن يتم التوقيع الرسمي على وثيقة حوار الرياض بين حكومة الشرعية والمجلس الانتقالي الجنوبي خلال اليومين المقبلين، بحضور رسمي لقيادات رفيعة المستوى، مشيداً بالدور القيادي السعودي في وصول هذا الاتفاق إلى بر الأمان، وتوحيد الصفوف للانطلاق لمواجهة العدو المشترك (الحوثيين). وقال سالم الخنبشي نائب رئيس الوزراء اليمني عضو الفريق الحكومي المشارك في المشاورات مع الانتقالي الجنوبي إن السعودية رعت حواراً سياسياً بين الحكومة الشرعية الدستورية والمجلس الانتقالي الجنوبي، واستطاعت بحكمتها وحنكتها أن توصل هذا الحوار إلى بر الأمان وتساعد اليمن في اجتياز أزمته الثانية، وننطلق فيما بعد للتحرير والقضاء على العدو المشترك المتمثل في الحوثي، على حد تعبيره.

وتحفظ الخنبشي، خلال تصريحات نشرتها أمس جريدة الشرق الأوسط، على إعطاء مزيد من التفاصيل حول بنود اتفاق الرياض، عادّاً معظم التسريبات التي تنشر هنا أو هناك غير دقيقة، مطالباً بالانتظار حتى التوقيع الرسمي وظهور الوثيقة الصحيحة للحصول على نقاط الاتفاق الصحيحة، وأضاف: «تم التوقيع من حيث المبدأ وستوقع الوثيقة الأساسية غداً أو بعد غد في حفل رسمي بحضور قيادات كبيرة».

وأوضح نائب رئيس الوزراء اليمني أن عاصفة الحزم وإعادة الأمل بقيادة السعودية استطاعتا إيقاف وتحجيم المشروع الإيراني في اليمن إلى حد كبير، وقال: «معلوم أن المشروع الإيراني ليس في اليمن فقط، بل هو مشروع طائفي توسعي يشمل المنطقة العربية وبعض الدول الأفريقية سعياً لاستعادة أمجاد الإمبراطورية الفارسية والدولة الصفوية، والسعودية بقيادتها للتحالف ودعمها للشرعية الدستورية اليمنية حجمت كثيراً من امتداد وتغول المشروع الإيراني في بلادنا، وستأتي اللحظة التي نجتث فيها المد الإيراني في اليمن بشكل كامل».

وأشار سالم الخنبشي إلى أن تقليص نفوذ إيران الإقليمي لاسيما في اليمن من شأنه أن يؤدي إلى رضوخ الميليشيات الحوثية الانقلابية للسلام، وأضاف: «إذا تمكنا مع المجتمع الإقليمي والدولي من تقليص نفوذ إيران في اليمن سيؤدي ذلك إلى تخلخل ورضوخ الحوثيين، أعتقد أن هناك مؤشرات إيجابية في هذا الاتجاه».
وتابع: «لن يستقر اليمن إلا بالقضاء على الحوثي والنفوذ الإيراني في المنطقة، حل المشكلة في الجنوب خطوة متقدمة لمواجهة الحوثيين بدعم التحالف وهناك انتصارات تحقق على الأرض بشكل يومي».

وأوضح سالم الخنبشي نائب رئيس الوزراء اليمني أن بلاده كانت وكراً للعناصر الإرهابية؛ خصوصاً في عدد من المحافظات الجنوبية، مبيناً أن القوات اليمنية بمساندة لا محدودة من التحالف بقيادة السعودية وجهت لهذه الجماعات ضربات حاسمة وقوية. وقال: «نقطة التحول الأساسي كانت عند استيلاء القاعدة على المكلا بحضرموت في 2015 ومكثوا فيها عاماً كاملاً، حيث كان للتحالف بقيادة السعودية دور كبير جداً بالتعاون مع قوات النخبة الحضرمية التي جهزت من أبناء المحافظة في دحر القاعدة في عملية خاطفة، كما تمت مواصلة مطاردتهم في شبوة وأبين وحتى عدن».

وعبر الخنبشي عن تفاؤله بمستقبل اليمن في ظل دعم أشقائه وعلى رأسهم السعودية التي تقدم الدعم على مختلف المستويات السياسية والعسكرية والاقتصادية والتنموية. وقال نائب رئيس الوزراء: «لقد جربنا الدولة المركزية، والدولة الشمولية ووصلنا إلى الفساد والتهميش، نحن بحاجة أن تبدأ الأقاليم إيجاد أي نوع من التنسيق فيما بينها، وهو الشكل الأمثل للدولة المقبلة، بحيث يستطيع كل إقليم بناء ذاته».

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى