إنَّها السياسة والكل منتصر!

> أحمد عمر حسين

> لا غرابة أن نعقت البوم والغربان، بعد تقارب الإخوة الأعداء (على غرار الإخوة كرامازوف للأديب الروسي دستوفسكي). فتقارب الإخوة الأعداء لأنفسهم، وأقصد أبناء الجنوب تحديداً، هذا التقارب لا تريده قوى الهيمنة ولوبيات الفساد الوحدوي، ولذلك فلا غرابة إذا سمعنا نعيقاً للبوم والغربان، والتي لا تريد وقف نزيف الدم الجنوبي أبداً.
لم تكن اتفاقية جدة إلا عملاً سياسياً صحيحاً، والذي طالبت باتباعه منذ بداية الحراك السلمي، إلاَّ أن النهج المُتثوّرِ بدون سياسة كان الأعلى صوتاً، فغلبنا وتعب الجميع "لا تفاوض لا حوار.. نحن أصحاب القرار!".

بالرجوع إلى مقالي في صحيفة الطريق الصفحة الأخيرة، بتاريخ 30 إبريل 2014م، عدد (1788)، وعنوانه: "قيادات المكونات الجنوبية وقانون الكم والكيف"، وأشرت فيه إلى أنه بدون السياسة سيصبح الحراك ظاهرة صوتية فقط، تتعارض وسنن الطبيعة والكون، وإن الحل من خارج الواقع (وهم إن لم تتوفر مقوماته)، وكذلك إننا لسنا لوحدنا معنيين بالحل، بل لدينا شركاء إقليميون ومحليّون ودوليون.

وكذلك بعد اغتيال محافظ عدن الأسبق، الشهيد جعفر محمد سعد، رحمه الله رحمة الأبرار، وبعد تعيين الزبيدي وشلال والخبجي ولملس وغيرهم، خرجت أصوات تنعق وتسب لهم لأنهم قبلوا العمل مع الشرعية (سلطة الاحتلال)، حد زعمهم، فنشرت مقالاً في الصفحة الأخيرة لـ "الأمناء" في 10 ديسمبر 2015م، بعنوان: "السياسة علكة يلوكها الجميع!"، دعمت فيه القبول بالمناصب والعمل من داخل مؤسسات الشرعية لخدمة الجنوب واستعادة دولته، فالطبيعة تكره الفراغ و(المكان الذي لا تشغله أنت سيشغله غيرك)، وقد يكون إمعةً وبلا مبادئ.

تلك كانت إشارات ضرورية لمن يحب أن يطّلعَ على ما نشر لي سابقاً.

حقيقة ما تم هو اعتراف من الكل بالكل. وهذا عين الصواب، فإلى متى سيظل الثقل الحقيقي في الجنوب بعيداً عن التشريع، ويظل شخوص ليس لديهم قاعدة جماهيرية مطلقاً يشار إليهم بأنهم ممثلين للقضية الجنوبية وأنهم قد أوجدوا لها حلاً عادلاً في المخرجات، كانت مدخلاتها أصلاً غير ذات تمثيل حقيقي لليمن بشكل عام والإقليم والعالم يدرك ذلك.

لذلك عندما لم يتبع الثقل الجماهيري، وهو اليوم تحت مسمى المجلس الانتقالي الجنوبي، حينما لم يسلك طريق السياسة والحوار سيظل خارج الاعتراف الإقليمي والدولي، رغم حقيقة وجوده في أرض الجنوب، كنت في الواقع من حيث الوجود والحضور ودفع التضحيات، ولكن لم تكن ضمن من يتحاور أو يعترف به كممثل أو حتى كشريك في الساحة!.

اتفاق جده هو تصحيح للوضع وإعادة التموضع، وفقاً والنهج السياسي والذي لا بد منه، وإلا لن يتم الاعتراف بك وستمنح تضحياتك لأطراف أخرى.
إنها السياسة ولابد من خوض غمارها وتحقيق المكاسب بالانتصار السياسي المقنن والمشرع بعيداً عن الصدام، ونحن بدون حليف إقليمي أو دولي، وإنما يبدو لنا أننا شركاء أو حلفاء، وذلك غير سليم.

الآن وبعد لقاء الإخوة الأعداء (أبناء الجنوب)، يجب أن ينتصر الحق الجنوبي وبالعقل والضمير الجنوبي بتعاون وتكاتف وإخلاص الجميع وبعيداً عن (المزغاوة يكفي تهريج وترويج)، ولينتصر الكل ويهزم الشيطان ويولي الدُبر.
نعم الشيطان يجب أن يهزم ولا تقوم له قائمة، من خلال سوء النية وجلافة الطويّةِ.

بهذا الاتفاق الجنوبي سيعم الخير الجميع، وسيكسب الجميع، وسيتم الحفاظ على النصر الذي تحقق على الانقلاب الحوثي، وبداية لتقليم أظافر إيران التي امتدت إلى باب المندب وبحر العرب.
لقد كان الثقل الحقيقي الجنوبي خارج منظومة السياسة وقرارات مجلس الأمن تلزم الجميع بأن الحل العسكري لن يكون مرحباً به في اليمن وبالإجماع.

ومادام أن الحل هو سياسي، وبطبيعة الحال فإن السياسة وحلولها أيضاً تتطلب أظافر ومخالب للخربشة ولفت النظر لمن يحاول تجاهلك وعدم الاعتراف بحقيقة ثقلك ووجودك في الساحة.
هذه هي خلاصة ما جرى، وهي تؤسس لبناء وشراكة جديدة قائمة على الاعتراف المتبادل من كل الأطراف في هذه المعمعة والتي إن لم تكن بمستوى سياسي لائق، فربما بقوتك ستخسر، وتأتي بنتائج عكسية.

السياسة طويلة دهاليزها، والمعركة القادمة للتثبيت والتطوير وكسب كل التيارات الحقيقية الذين يؤمنون بقضية استعادة الدولة وتقرير المصير، وذلك بالانفتاح السليم والصادق معها وبناء شراكة واسعة معها، حيث الهدف واحد والمصير مشترك، وبدون الانفتاح الحقيقي ستكون الحلول منتقصة وتضر بالجميع.
فليهزم الشيطان وحده في هذه الاتفاقية، وبهزيمة شيطان النفس والهوى ستنتصر القضية ويكسب الجميع.

نتمنى فهم الرسالة بعد وصولها.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى