عسكريون: هناك وعود بصرف المرتبات ولكننا لم نعد نثق بأحد

> زوجات ضباط وجنود حُرموا من رواتبهم منذ 4 أشهر لـ«الأيام»: قطع الرأس ولا قطع المعاش

> تقرير/ وئام نجيب

 ليس هناك موقف أصعب من رؤية أطفال يصرخون من شدة الجوع أمام صورة لوالدهم الجندي - معلقة على حائط المنزل - وهو يؤدي التحية العسكرية، غريب في وطنه، جائع بين أطفاله، عاجز عن فعل شيء، في حالة انتظار طال أمده لاستلام رواتبه المتأخرة منذ أربعة أشهر.

المتقاعديين العسكريين
المتقاعديين العسكريين

على الرغم من الحاجز الذي رسمته السلطات المتعاقبة عن علاقة الصحفي بالعسكر، إلا أن ذلك الحاجز وذلك الخوف يتبدد وأنت تستحث الخطى وتتخطى عتبات منازل حماة وطن تشبعوا بقيم التضحية والنضال وكل معاني الوطنية؛ لتجد البعض منهم أجبر على البحث عن عمل آخر لإطعام أطفاله، وآخرين يتجرعون المرارة في انتظار صحوة حكومة تتقاضى رواتبها بالدولار.

صحيفة «الأيام» نشرت في عدد سابق عن معاناة العسكريين في المنطقة العسكرية الرابعة ووزارة الداخلية ووجدنا أنفسنا أمام مسئولية مهنية وأخلاقية لإنصافهم وإيصال معاناتهم في عدد اليوم، وقررنا زيارة بعض أسرهم للاطلاع عن كثب على أحوالهم وهمومهم.
البحث عن عمل في سوق السمك
في زيارتنا لمنازل العسكريين التقينا أولا بأسرة (مساعد أول) في وزارة الدفاع، وأخبرتنا زوجته أن الحكومة حرمتهم من رواتب 4 أشهر متتالية، وأنهم في وضع عصيب جداً.


وتضيف: "اضطر زوجي للخروج إلى سوق العمل والبحث عن مصدر رزق بديل، ولا يتجاوز ما يتحصل عليه لـ 2000 ريال في اليوم الواحد فقط لمواجهة انقطاع الراتب".

وتابعت حديثها لـ«الأيام»": "فقدنا الأمل في حكومة لا تلتفت لمعاناتنا، وفقدنا الثقة في كل مسئول يتقاضى راتبه بالدولار ويراكم ثروة وأرصدة في الخارج، وليس لدينا إلا أن نرفع أيدينا لرب العالمين وهو كفيل بإنصافنا".


وعود وتسويف
المساعد في وزارة الدفاع عاد لتوه من سوق السمك يحمل لأطفاله الطعام عندما كنت أتحدث عن معاناة أسرته، وأضاف قائلا: "نفذنا قبل أيام وقفة احتجاجية أمام بوابة معاشق، ووعدتنا الحكومة بصرف راتب شهرين؛ ولكننا لم نعد نثق بأحد، فمنذ 4 أشهر يقولون لنا سيتم صرف الراتب اليوم.. بكرة.. بعده، ونستمر يومياً في انتظار الراتب أمام بنك الكريمي حتى الظهر، ومن ثم نتوجه إلى البحث عن طعام لإنقاذ أطفالنا من الجوع في أعمال خاصة".
ديون متراكمة وصمت مخز
في منزل متواضع اتجهت إليه طرقت بابه ووجدت سيدة في العقد الرابع من العمر، وهي زوجة ضابط في الأمن، وتحدثت لـ "الأيام" عن معاناتها بسبب "قطع الراتب".

وتضيف بصرخات ثورية: "تراكمت علينا الديون وإيجارات البيت، لماذا يجب أن يتسول رجل الأمن ورجل الجيش راتبه من حكومة التي لا وجود لها على الأرض؟"، لافتة إلى أنه "كان الأحرى الخروج بثورة من أجل لقمة عيش أطفالهم، ولا نعلم إلى متى سيستمر صمتهم المخزي".


وتتابع حديثها :"أزواجنا ناضلوا وضحوا بحياتهم من أجل البلد، ومطلبنا حقنا في الحياة، وصرف رواتبنا المتأخرة، وأمام الحكومة خياران لا ثالث لهما: إما صرف الرواتب أو مغادرة البلد إلى الفنادق الفارهة في الخارج ويتركونا نقرر مصيرنا فنحن وأسرنا نتضور جوعاً بسبب عدم اكتراثهم وموت ضمائرهم".
معاناة منذ عقود
في منزل آخر طرقناه تقول ربة المنزل: "كان زوجي في محافظة شبوة يعمل في إدارة الأمن، وفي 94م تم نقله إلى عمل مدني في وزارة الإسكان، وتم حرمانه من كافة حقوقه، وما يتحصل عليه الآن من راتب لا يتجاوز 30 ألف ريال فقط، ومنذ إيقاف راتبه اضطر إلى العمل في البناء، وفي بعض الأحيان يأتي إلينا للمنزل دون دخل، والشكوى لغير الله مذلة".
حرمان الأطفال من التعليم
إلى متى ستستمر تجارة الحروب وإلى متى سيستمر تجويعنا؟ بهذا السؤال ابتدأت زوجة أحد الضباط في وزارة الداخلية حديثها لـ«الأيام»، وأضافت: "جارت علينا الأيام، وليس لدينا مصدر دخل آخر سوى راتب زوجي، ومنذ إيقاف صرفه ونحن نساير أمرونا من خلال الدين وما تقدمه لنا إحدى المنظمات الإغاثية فقط".

وتضيف بحسرة: "أجبرتنا الأوضاع المعيشية الصعبة التي نمر بها بسبب قطع الراتب على إخراج أطفالي الاثنين من المدرسة، وعندما يتم انتظام صرف الرواتب سأعيدهم إلى دراستهم لكن الآن ليس باليد حيلة، وعبر «الأيام» أوجه رسالتي إلى الحكومة أن تخاف الله في شعبها، فالجنوب يعاني من ظلم، وكلما أتى قائد يأتي أسوأ من سابقيه، والتي قطعت الرواتب هي حرب تهدف إلى قتلنا والقضاء علينا".

ملاحظة: «الأيام» وهي تنقل معاناة أسر العسكريين من توقف صرف رواتبهم تتحفظ على ذكر الأسماء في التقرير لاعتبارات مهنية.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى