رجال في ذاكرة التاريخ.. الأستاذ محمد عبدالقوي.. في دائرة الضوء حتى 2008م

الأحد, 01 ديسمبر 2019 - 04:15 ص

3,891 مشاهدة

> نجيب محمد يابلي

الميلاد والنشأة

أ. محمد علي عبدالقوي بن سند الجرادي من مواليد سَلَفَة، إحدى قرى يافع (تتبع محافظة لحج حالياً) عام 1946م، تلقى أ. محمد عبدالقوي دراسة المرحلتين الابتدائية والمتوسطة بمدينة جعار، ودرس بكلية الاتحاد بمدينة الاتحاد (الشعب حالياً) عاصمة اتحاد الجنوب العربي لمدة أربع سنوات، ثم سافر بعد ذلك إلى جمهورية الصين الشعبية، ودرس هناك العلوم السياسية وأكملها بعد الاستقلال الوطني بمعهد العلوم الاجتماعية بعدن.

التحق أ. محمد عبدالقوي بحركة القوميين العرب عام 1963م، وشكلت الحركة مع تنظيمات محلية أخرى "الجبهة القومية لتحرير الجنوب اليمني المحتل"، وعرفت بالإنجليزية بالأحرف الأولى (N.L.F).

لعب أ. محمد عبدالقوي دوراً قيادياً في الاتحاد الوطني لطلبة اليمن قبل الاستقلال الوطني في نوفمبر 1967م، كما شارك في العمل الإعلامي والثقافي في صفوف الجبهة القومية قبل الاستقلال وبعد نيل الاستقلال الوطني في نوفمبر 1967م، وكان عضواً في هيئة تحرير صحيفة "الثوري" الناطقة باسم تنظيم الجبهة القومية.
أ. محمد عبدالقوي في عضوية القيادة العامة
كان أ. محمد عبدالقوي في القيادة العامة للجبهة القومية، وفي المؤتمر العام الخامس حلت اللجنة المركزية بديلاً عن القيادة العامة

عام 1972م، ولم يتم انتخاب محمد عبدالقوي في عضوية اللجنة المركزية للتنظيم السياسي الجبهة القومية (NFPO)، حيث حسبت عليه مساعيه لتحسين الصلات مع تنظيمي الاتحاد الشعبي الديمقراطي وأمينه العام عبدالله عبدالرزاق باذيب وحزب الطليعة الشعبية وأمينه العام أنيس حسن يحيى.
محمد عبدالقوي وتأسيس أشيد
تميزت المرحلة اللاحقة لحركة 22 يونيو 1969م بتأسيس ما سميته المنظمات الجماهيرية، ويندرج في قوامها:

1 - الاتحاد العام لنقابات عمال الجمهورية - أنيد.

2 - اتحاد الشباب اليمني الديمقراطي - أشيد.

3 - الاتحاد العام لنساء اليمن.

4 - اتحاد الفلاحين اليمني الديمقراطي - أفيد.

5 - منظمة لجان الدفاع الشعبي.

كما نشطت إلى جانب المنظمات الجماهيرية عدد آخر من المنظمات والجمعيات والاتحادات المهنية والإبداعية، وفي هذا السياق تود الإشارة إلى الجهود التي بذلها محمد عبدالقوي الرامية إلى خلق تقارب بين فصائل العمل الوطني: الجبهة القومية، الاتحاد الشعبي الديمقراطي وحزب الطليعة الشعبية، ونتج عن ذلك تشكيل تكون شبابي موحد للشباب الذي كان ثمرة عمل مشترك شرعه قرار رسمي بتعيين محمد عبدالقوي عن (ج. ق)، وعبدالرحمن خبارة (عن الاتحاد الشعبي)، وناجي سالم بريك (عن الطليعة الشعبية)، الذي أعلن عنه في الفاتح من فبراير 1973م، واعتبر "أشيد" الاحتياط النشط للحزب الاشتراكي اليمني، وضم هذا الاحتياط الأكتوبريين (من سن 7 إلى 10)، والطلائعيين (من سن 10 إلى 15)، والأشيديين (من سن 15 إلى 30)، وتحمل قيادة هذا المكون الشبابي ناصر جعسوس وخلفه رياض العكيري.
محمد عبدالقوي في الثقافة والإرشاد
في العام 1970م صدر قرار بتعيين أ. محمد عبدالقوي مديراً للثقافة والإرشاد، وبعد استحداث وزارة الثقافة والسياحة في ديسمبر 1971م، صدر قرار جمهوري بتعيين أ. محمد عبدالقوي وكيلاً لوزارة الثقافة والسياحة؛ حيث كان من ضمن فريق العمل المساعد للوزير عبدالله عبدالرزاق باذيب، وشهدت الوزارة طفرة في قطاعي الثقافة والسياحة.

أنشئت دائرة المسرح في وزارة الثقافة والإعلام عام 1973م، وفي ديسمبر 1973م افتتح معهد الفنون الجميلة، وفي عام 1978م تكونت فرقة الأكروبات، وتكونت في العام الذي تلاه (1979م) فرقة الإنشاد، وتجدر الإشارة إلى أن المؤسسة العامة للسياحة كانت قد تأسست عام 1973م، والمكتبة الوطنية بكريتر ومتحف العادات والتقاليد بصهاريج عدن، وإنشاء المركز اليمني للبحوث الثقافية والآثار والمتاحف، وعقد تحت إشراف المركز أول مؤتمر دولي بعدن عن الحضارة اليمنية، والذي شاركت فيه شخصيات عالمية من المستشرقين وعلماء الآثار والنقوش اليمنية من عدة دول، وأصدر المؤتمر المذكور مدونة موحدة عن النقوش والآثار اليمنية، وتأسست في العام 1972م المؤسسة العامة للسينما التي كانت تستورد الأفلام وتشرف على دور السينما، وفي العام نفسه تأسست المؤسسة العامة للسياحة التي تولت مهمة الترويج السياحي والدعاية السياحية، وأصدرت أول كتاب مصور ملون عن السياحة في اليمن الديمقراطية، وطبع في فرنسا بأكثر من لغة، وتم أول مسح سياحي لمواقع الجذب والنشاط السياحي في البلاد.

خلال تلك الفترة تم إرسال العديد من الكوادر للدراسة والدورات التدريبية في مجالات الثقافة والفنون، وشاركت العديد من الشخصيات الثقافية والفنية والأدبية وفرق الفنون الشعبية في المهرجانات والزيارات للعديد من البلدان في الخارج، كما جرى استقبال العديد من الخبرات العربية والأجنبية في مجالات الآثار والثقافة والفنون السياحية والمخطوطات، والتي أسهمت في تقديم معارفها وخبراتها وتبادل المعلومات والمعارف معها، بالإضافة إلى ما نظمته الوزارة من احتفالات لأيام وأسابيع ثقافية وفنية أجنبية، وتم إعادة إصدار مجلة (الثقافة الجديدة)، وطباعة الكتب للكثير من الأدباء والكتاب في الخارج والداخل.
محمد عبدالقوي في حضور متنوع
كان أ. محمد عبدالقوي عضواً في هيئة رئاسة المجلس اليمني للسلم والتضامن والصداقة مع الشعوب، وحاصل على وسام مجلس الدولة من جمهورية بلغاريا نظير نشاطه في المجلس.
محمد عبدالقوي السفير في وزارة الخارجية
حملت رياح الجديد في ديسمبر 1976م الجديد في مسيرة أ. محمد عبدالقوي بتعيينه سفيراً في وزارة الخارجية، سفيراً مقيماً في لبنان وغير مقيم في سوريا، ولعب من خلال مركزه دوراً في تطوير العلاقات الثنائية بين بلاده وسائر فصائل الحركة الوطنية الفلسطينية والأحزاب الوطنية اللبنانية، وتطوير العلاقات مع منظمة التحرير الفلسطينية ورئيسها المناضل الشهيد ياسر عرفات،

كما أرسل السفير محمد عبدالقوي العديد من الصحفيين العرب وبعثات تلفزيونية وسينمائية إلى عدن، واستقبلت السفارة كوادر وطنية للتدريب في مجالي الصحافة والسينما.
محمد عبدالقوي وطباعة الكتب
أصدرت للسفارة كتاباً عن الذكرى العاشرة للاستقلال الوطني وأشرفت على طباعة الكتب، ومنها مؤلفات الفكر والسياسي المثقف والبارز عبدالله عبدالرزاق باذيب.

كان لليمن الديمقراطية في هذه الفترة الحساسة في لبنان مساهمة بينة وملموسة في الحفاظ على الأمن والسلام والاستقرار في لبنان بعد الحرب الأهلية، حيث شاركت بكتيبة من اليمن الديمقراطية لمدة ثلاث سنوات ضمن بقية قوات الردع العربية - حينذاك - وكان السفير محمد عبدالقوي يقوم بزيارات ولقاءات مع قادة وأفراد تلك الكتيبة التي حظيت بسمعة جديدة في أوساط الشعب اللبناني.
إلياس سركيس يكرم سفيرنا محمد عبدالقوي

بعد انتهاء فترة مهمة السفير محمد عبدالقوي عام 1979م قام رئيس الجمهورية اللبنانية إلياس سركيس بمنح سفيرنا محمد عبدالقوي وسام الأرز الأكبر.

محمد عبدالقوي يعود إلى الثقافة والعود أحمد

عين أ. محمد عبدالقوي في نهائية العام 1979م، نائباً لوزير الثقافة والسياحة، ولم يطل به المقام في الوزارة؛ حيث عيّن في عام 1980م رئيسا لمجلس إدارة مؤسسة 14 أكتوبر للطباعة والنشر والتوزيع، ورئيسا لتحرير صحيفة 14 أكتوبر اليومية، وخلال فترة قيادته للمؤسسة أدخل آلة الطباعة (الجوس) الحديثة التي أحدثت نقلة نوعية في الطباعة بالألوان، وتمكنت من زيادة عدد صفحاتها وطباعة الملاحق الثقافية والرياضية والاقتصادية الأسبوعية، وتوسعت رقعة توزيعها.

محطات في حياة أ. محمد عبدالقوي
انعكست التغيرات في مؤسسة أكتوبر على قطاعات أخرى ذات العلاقة، ورأينا المؤتمر العام لمنظمة الصحفيين وهو ينتزع قراراً بانتخاب أ. محمد عبدالقوي أمينا عاما لها.

صدر قرار بإلغاء وزارة الإعلام وتشكيل لجنة الدولة للإعلام، وعيّن أ. محمد عبدالقوي رئيسا للجنة الدولة للإعلام، وعضوا بمجلس الوزارة.

حدثت نقلة نوعية للبث التلفزيوني وتغطياته للفعاليات الرياضية والثقافية، وتأسس أول معهد للإعلام لتدريب وتأهيل الكوادر الإعلامية الصحفية وخاصة الإذاعية والتلفزيونية.

انعقد المؤتمر العام للحزب الاشتراكي في أكتوبر 1985م، وانتخب أ. محمد عبدالقوي عضوا في اللجنة المركزية للحزب إلا أن أحداث 13 يناير 1986م المشؤومة وما تبعها من سياسات تطرف تعرض محمد عبدالقوي لعملية عسف؛ حيث سجنته السلطات لفترة ثلاث سنوات ونصف، وفي عام 1990م صدر قرار بتعيينه رئيساً لمجلس إدارة المؤسسة العامة للإذاعة والتلفزيون بصنعاء، وشهدت المؤسسة نقلة وتطوراً على مستوى الشطرين إلا أن معارضته لسياسة حرب صيف 1994م عرضته للإقصاء.
محمد عبدالقوي مندوبا لليمن في "الأنيسكو"
في العام 2001 عيّن محمد عبدالقوي مندوباً دائماً لليمن لدى المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم "الأنيسكو" بتونس، وأسهم أ. محمد عبدالقوي في متابعة برامج وأنشطة ثقافية وعلمية وتربوية أقامتها المنظمة في اليمن ومشاركة يمنية في أنشطة وبرامج للمنظمة في الخارج بدول عربية وأجنبية، ومنها المشاركة في المعرض الدولي للكتاب في فرانكفورت بألمانيا، والذي صادف انعقاده خلال فعاليات صنعاء عاصمة للثقافة العربية عام 2004م، والتي رعتها منظمة الأسيسكو، وأتاح ذلك مشاركة أدباء وفنانين وكتاب ذحرته للفنون الشعبية بفعاليات المعرض، بالإضافة إلى مشاركة اليمن بجناح للكتب واللوحات الفنية والعادات والتقاليد والصناعات البدوية الفنية الحرفية في معرض فرانكفورت الدولي ولمدة أسبوع.
محمد عبدالقوي وصمت رهيب طيلة 11 عاما
انتهت مهمة أ. محمد عبدالقوي بالمنظمة العربية للثقافة والعلوم "الأسيسكو" بتونس في نهاية عام 2008م، ولم يتم تعيينه في أي موقع أو منصب آخر وظل مستقلا برأيه مكتفيا بما قدم لوطنه وشعبه.
وجب الشكر للزميل نجيب مقبل
اعتمدت إلى درجة كبيرة عند الإعداد لهذه الحلقة على بيانات قدمها لي الزميل نجيب مقبل رئيس تحرير الزميلة "14 أكتوبر" ولذلك وجب تقديم الشكر على ما قدمه لي من بيانات وصور.

أ. محمد عبدالقوي متزوج وأب لولدين.