التعليم الثانوي بالقطن.. ماضٍ زهو وحاضر ما دون المأمول

> تقرير/ خالد بلحاج

>
كان ميلاد التعليم الثانوي بحضرموت في بداية العام 1962م بمدينة المكلا، أما الوادي (سيئون) فبدأ التعليم فيه منتصف الستينات، وفي بداية عقد السبعينات وضعت اللبنات الأولى للتعليم الثانوي بمدينة القطن، واتخذ بيت صالح وعلي أبناء المرحوم عوض بن وبر موقعا للدراسة التي استمرت ثلاث سنوات، ومن ثم انتقلت الدراسة إلى المبنى الجديد الحالي ثانوية القطن العامة (سابقاً)، ثانوية سيف بن ذي يزن (حالياً)، وكان أول مدير لها هو حسن سعيد بو سبعين، وهيئة تدريس لا تتجاوز (6) معلمين من مصر وسوريا وليبيا والسودان وفلسطين، وعدد الطلاب (52)، وكان نظام الدراسة ثلاث سنوات حتى العام الدراسي 1982/ 1983م انتقل النظام الدراسي إلى نظام أربع سنوات حتى العام 1994/ 1995م ليعود لنظام ثلاث سنوات مرة أخرى، تعاقب على إدارة الثانوية خلال تلك الفترة، التي تقارب 47 عاماً، عدد من الأساتذة الأجلاء من خارج وداخل المديرية، وبعد افتتاح كلية التربية بعدن والكليات الأخرى والتحاق أبناء المحافظة بالدراسات العليا حظيت الثانوية بعدد كبير من المعلمين من أبناء حضرموت بلغ (52) معلما، وتخرج منها آلاف الطلاب من مختلف مدن وقرى مديرية القطن والمناطق المجاورة لها وبعض من مدن وقرى محافظة شبوة حتى تم افتتاح ثانويات في تلك المناطق في الأعوام القريبة، وفي العام الماضي افتتحت ثانوية بالعقاد، وفي العام الحالي فتحت ثانوية بالسفولة، كما شهدت مدينة القطن انفتاحا على التعليم الثانوي للفتاة في وقت مبكر وكان العام 1982/ 1983م بداية التعليم الثانوي للبنات بشعب دراسية في مدرسة الحرية للبنات وبإشراف ثانوية القطن ومع ازدياد عدد الطالبات الذين وصل إلى (105) طالبات، كانت الضرورة ملحة لافتتاح ثانوية خاصة للبنات مستقلة إدارياً ومالياً في العام 1999م وسميت ثانوية الخنساء للبنات، وشهدت تطوراً نوعياً ومميزاً، وبعد ذلك تم افتتاح ثانوية أخرى للبنات بمنطقة العنين في العام 2007م، وخلال تلك الفترة شهد التعليم الثانوي تطوراً كبيراً وكانت ثانوية سيف بن ذي يزن الصرح العلمي الشامخ في أوج ألقها ومجدها التربوي والتعليمي وشهدت نهضة تعليمية وثقافية ورياضية شاملة على الرغم من الصعوبات والعراقيل التي تقف أمام طموحات وآمال إداراتها والتي يعد المبنى المدرسي الجديد المتعثر من أهم الآمال التي تعلق عليها خلال مراحل التعليم الثانوي تلك والتي تميزت من فترة إلى أخرى بحسب إداراتها.

ازدهار وتميز
رئيس قسم التوجيه بإدارة التربية سابقاً المتقاعد عمر علي بن وبر قال: "كان ميلاد التعليم الثانوي بحضرموت في بداية عام 1962م بمدينة المكلا ذات التاريخ المشهود والمجد الزاخر بالعطاء، وكان وادي حضرموت مع موعد لميلاد التعليم الثانوي بمدينة سيئون في عام 1965م في المبنى المعروف "بنقاله" وكان طلاب المديريات الغربية في ذلك الوقت يذهبون للدراسة في المكلا وسيئون حتى تم وضع اللبنات الأولى للتعليم الثانوي بمدينة القطن كثاني مدينة من مدائن حضرموت في العام الدراسي 1971/1972م، وكان الموقع لها في بيت صالح وعلي أبناء المرحوم عوض بن وبر ودامت فيه الدراسة ثلاث سنوات وتحولت إلى المبنى الجديد الحالي في العام الدراسي 1973/1974م، وأول مدير لها حسن بو سبعين، وهيئة تدريس من دول مصر وسوريا وليبيا والسودان وفلسطين، وكان التعليم في تلك الفترة من المدارس الإعدادية ذا مدخلات جيدة مما أسهم بدور متميز في التعليم الثانوي وأسهم بمستوى التأهيل الجيد للمعلمين من الدول العربية وحالة الاجتهاد، وقيمة وأهمية التعليم في تلك المرحلة لها تاريخ مشهود ومميز في تخرج الكوادر والكفاءات إلى الحياة العملية بمستوى جيد ومتميز، وكان للنشاطات قيمة تعليمية في العملية الدراسية في ثانوية القطن وأسهمت بدور جيد إلا أنها عانت من غياب البنية التحتية لكل الألعاب، عدا ملاعب محدودة وكانت الفعاليات المدرسية في العديد من المجالات زاخرة بالعطاء والتفاعل وأسهمت بدور كبير في المجالات الرياضية والثقافية والمسرحية والمعارض المختلفة المتميزة ولها نشاط فاعل، وأكسبها حضورا في تلك المرحلة، كما تميزت مدينة القطن بانفتاح على تعليم الفتاة منذ وقت مبكر، وكان العام الدراسي 1982م شهد تأسيس ثانوية البنات بشعبة في مدرسة الحرية للبنات وبإشراف ثانوية القطن للبنين، غير أنها استقلت إدارياً ومالياً وأنشأت ثانوية مستقلة للبنات في العام 1999م، وشهدت تطوراً نوعياً متميزاً وأدارها المعلمان سالم عبدالله بن شهاب ولونا علي الهدار، ومن ثم تم افتتاح ثانوية سبأ للبنات بالعنين والتي ساهمت بشكل كبير في تعليم الفتاة في الضواحي الشرقية لمدينة القطن".

قوة التعليم
بدوره قال المتقاعد سالم عبدالله بن شهاب، مدير ثانوية سابق 1979 - 1983م: "تميزت تلك المرحلة بزهو وقوة في التعليم، حيث كان يشرف على التعليم طاقم تدريسي من الخارج (مصر وسوريا وفلسطين) بنسبة 50 %، وكذا مدرسون محليون من مدن المحافظة (المكلا، سيئون، القطن) بمؤهلات بكالوريوس جامعة عدن، وكان مستوى التعليم حينها راقيا جداً، وكان الطالب يجسد شعار (قم للمعلم وفه التبجيلا كاد المعلم أن يكون رسولا) مثالاً للاحترام والتقدير عكس ذلك على مستوى التحصيل العلمي لدى الطلاب، كما كان المجتمع قريبا جداً من المدرسة تسود بينه وبين المدرسة علاقة وطيدة جسدها في حضور الأمسيات الخميسية والفعاليات التي تقيمها المدرسة، وكان للأسرة دور كبير في العملية التربوية والتعليمية، والكتاب المدرسي متوفر والمناهج كانت صعبة جداً، كونها مناهج سودانية ومصرية ومرحلة التعليم تأرجحت بين ثلاث سنوات وأربع، ولهذا شهدت المدرسة ألقا وتوهجا في الأنشطة اللاصفية كالرياضية والثقافية والمعارض العلمية والرحلات والمجلات الحائطية، وكان لطلاب القسم الداخلي وعدد من الطلاب في الأماكن القريبة المجاورة دور كبير في إحياء ليلة الخميس، حيث يقام نشاط خاص مستقل يقيمه طلاب القسم الداخلي الملتحقين من مناطق بعيدة، إضافة إلى بعض الطلاب المقربين من المدرسة حيث يتمثل ذلك النشاط في إقامة مسرحيات وأنشطة أخرى منوعة، ويشهد ذلك النشاط وخصوصاً في فصل الصيف حضورا مميزا من قبل المجتمع تشجيعاً للطلاب".

نسب حقيقية
غالب محسن لحمدي، مدير ثانوية 1983 - 2007م، تحدث عن التعليم في هذه المرحلة بالقول: "كان اهتمامنا بنوعية الطلاب الخريجين خلال تلك الفترة، وأعدادهم جيداً، من خلال ما يدور داخل الصف الدراسي وبالتحصيل العلمي لدى الطلاب، ولذلك فقد تركزت درجات النجاح العامة للخريجين خلال تلك الفترة ما بين 75 % إلى 90 %، وكنا على قناعة بتلك النسب وهي حقيقية، ومن خلال متابعتنا للطلاب الخريجين والدارسين في الجامعات داخل الوطن وخارجه نجد أن طلاب ثانوية القطن أكثر جدارة من غيرهم، إضافة إلى ذلك فقد تميزت تلك المرحلة بالنظام وانتظام الدراسة وإقامة الفعاليات اللاصفية، احتفالاً باليوم المدرسي ويوم المعلم والذي يحتفل به في الأسبوع الأخير من شهر أبريل من كل عام دراسي ويتم التخطيط لها مع بداية العام الدراسي وإدراجها ضمن خطط الأنشطة المدرسية، وأبرز تلك الأنشطة (المعارض العلمية) التي يطلع عليها كل الطلاب وطلاب المدارس المجاورة، وأيضاً المعارض الثقافية والأنشطة الرياضية، كما يتم تكريم المعلمين المبرزين على مستوى الجمهورية والمحافظة والمديرية، وكان نظام الدراسة خلال الفترة الصباحية، وعندما وصل عدد الطلاب (1200) طالب تحولت الدراسة إلى فترتين صباحية ومسائية، نظراً لعدم استيعاب المبنى المدرسي لهم، واستمر العمل بهذا النظام عدة سنوات، وبعد افتتاح ثانوية شبام وثانوية حورة عاد نظام الدراسة إلى الفترة الصباحية فقط".
علاقات ممتازة
وأضاف لـ "الأيام": "تربط المدرسة بالمجتمع علاقة ممتازة، وإن لم تكن حسب الطموح المطلوب، وذلك من خلال تشكيل مجالس الآباء بالانتخابات أو التعيين أحياناً ومن خلالهم نصل إلى كافة المناطق لاستقطاب الطلاب، وكذلك مساهمة المواطنين وأولياء الأمور في تقديم المساعدات للمدرسة التي ساهمت في بناء المسجد بالمدرسة وتجهيز غرفة الحاسوب، كما كان تعامل الطلاب مع المعلمين، والعكس، تعاملاً راقيا يسوده الاحترام والتقدير، وكانت إدارة المدرسة والمعلمون قريبين من الطلاب والانصياع لتنفيذ توجيهات الإدارة وكذا استيعاب المعلومات الدراسية لدى الطلاب داخل قاعات الدراسة، فإزالة الحواجز بين الإدارة والمعلمين من جهة والطلاب من جهة أخرى كان له الأثر الكبير في تذليل كافة الصعوبات وانعكاسها على التحصيل العلمي، ويمكن القول بأن مستويات الطلاب في الفترة الأخيرة تتضاءل سنة عن أخرى بسبب انتشار ظاهرة الغش وعن الاكتفاء الذاتي من المعلمين".


وتابع قائلاً: "أتذكر في العام الدراسي 78/ 79م، وهو أول عام دراسي لالتحاقنا بسلك التدريس في ثانوية القطن، كان ضمن هيئة التدريس والبالغ عددهم 25 - 30 معلما منهم فقط خمسة معلمين من أبناء المديرية فيما الأغلبية من دول فلسطين ومصر وسوريا، ثم أخذت هذه النسبة في الازدياد، وأتذكر في السنوات الأخيرة لتواجدي في الإدارة بلغ عدد المعلمين 60 - 65 معلما معظمهم من أبناء المديرية وقلة من أبناء المديريات المجاورة، وربما تعاني المدارس حالياً من نقص المعلمين بسبب التقاعد وإيجاد البدائل".


معلمون أجانب بكفاءات عالية
وأكد لحمدي أن دور المعلمين القادمين من خارج الجمهورية كان دوراً عظيماً لتأهلهم العلمي والتربوي، مضيفاً: "أما المناهج في تلك الفترة وما نحن عليها اليوم فقد مرت المناهج بتغيرات عدة حيث درس طلاب المدرسة على قسمين (علمي وأدبي)، واستمرت على ذلك عدة سنوات ومن ثم تم التغيير ودمجت جميع المواد وأصبح الطالب يدرس جميع المواد العلمية والأدبية، واستمرت هذه العملية لسنوات كذلك فترة تعليم البوليتكنيك الصناعي والزراعي والتجاري إلى جانب التعليم الثانوي العام وأخيراً العودة إلى تعليم القسمين الأدبي والعلمي، وما يؤسف له أن عملية التغيير هذه تتم دون عملية التقييم للمرحلة التي قبلها، فتغير المناهج بما يتناسب مع المتغيرات العلمية الحديثة لابد منه ولكن مع التقييم لكل مرة وإخراج مناهج منقحة تتناسب مع المستويات العمرية للطلاب، فاليوم ومع تطور وسائل التعليم الحديثة وإدخال الحاسوب والتكنولوجيا فإن مستوى التحصيل العلمي مقارنة مع مستوى التحصيل العلمي سابقاً مختلف تماماً فبرغم محدودية الإمكانيات وعدم توفر تلك الوسائل في تلك المرحلة فقد كان الأداء التربوي والتعليمي سابقاً سمته الإخلاص والأمانة وكان المعلم في السابق يصنع وسيلته التعليمية من خامات البيئة المحيطة به وتلقى هذه الوسيلة الترحاب من قبل الدارسين وتسهم في إيصال المعلومة إليهم بكل سهولة ويسر، وكانت تراودنا آمال وطموحات في ظل الصعوبات التي اعترضت سير العملية التعليمية آنذاك ومنها توسيع المبنى المدرسي واستكمال المبنى الجديد المتعثر إلى اليوم".

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى