الورطة والمخرَج

> أحمد عمر حسين

> اعتقدت المملكة أن اليمن لا يزال في متناول يدها منذ تدخلها في اتفاقية إنهاء حرب السنوات الثمان بين الملكيين والجمهوريين حينما أوصلتهم إلى اتفاقية المناصفة 50 %، وخروج السلال من الحكم ونفيه، وخروج البدر وأسرته من اليمن.
دخلت المملكة بورطة المبادرة الخليجية والتي تم صياغتها يمنياً من قبل عفاش ورجاله، فالمبادرة في الحقيقة لم تكن إلا ألغاما متفجرة في وجه اليمنيين بتوقيتات مختلفة، ولم تكن حلا حيث لم تصف المشاكل التي تعصف باليمن كما هي ولم تلتفت إلى الواقع الذي بدأ يتشكل.

ثم جاءت ورطة العاصفة والتي كانت من أكبر الورطات، حيث حملت عنوان إعادة الشرعية إلى صنعاء مخالفة لسنن وقوانين الكون، وهي عملية مستحيلة، إذ إن من قاموا بالانقلاب هم قوى حية تتحكم بالأرض والشعب قاطبة في الشمال، وكان ذلك الانقلاب متفاهما عليه بين جميع قوى النفوذ في الهضبة الزيدية للتخلص من الرئيس "الورطة" الشافعي الجنوبي، حيث من خلاله تم إدخال اليمن تحت الفصل السابع، وهذا ما أزعج قوى مهيمنة ولها إرث طويل في الحكم "الإمامة"، والتي امتدت قرابة 1100 عام، من القرن الثالث الهجري 297 هجرية، في عهد الإمام الهادي بصعدة.

استعادة الشرعية بشكلها الذي كان قبل 21 سبتمبر 2014م أمر مستحيل، وكذلك عودة الوضع إلى ما قبل 2015م، أي قبل العاصفة والتي دخلت عامها السادس يوم 27 مارس 2020م، وبذلك تكون تخطت فترة الحرب العالمية الأولى 1914 - 1918م، وهي في طريقها إلى تخطي فترة الحرب العالمية الثانية إن لم تكن هناك مبادرة جديدة تتضمن وقائع ونتائج الحرب حتى وإن لم يكن هدف العاصفة إنتاج ذلك.

المملكة تعيش ورطة حقيقية واستنزافا سيعصف بها من الداخل إن لم تقدم على حل استثنائي.. إن نتائج الحروب بعد التضحيات وفي جميع الأزمان والأماكن لم يتم القفز عليها أو تجاهلها، والشواهد عالميا كثيرة ولا تزال حية وشاهدة.

المملكة تبدو كمن يعيش أحلام يقظة حيث تتمسك بقواها السابقة، والتي فقدت مبرر وجودها شمالا بل ولم يعد لها حتى سكن شخصي تعود إليه.. المملكة لم تدرك التغلغل الإيراني ونفوذه ولم تدرك خطورة تنظيم الإخوان الذي أصبح دولياً 100 % بعد وفاة الشيخ عبدالله الأحمر، فالشيخ لم يكن يسمح لطغيان الأجندة الدولية الإخوانية على مصلحته الداخلية.. حقيقة المملكة بورطتها أو عدم استيعابها أو تجاهلها أو نيتها القفز على حقائق ونتائج الحرب 2015م ستخسر الكثير وستكون على شاكلة من "عاد بخفي حنين".

سبق لـ "الأيام" بأن نشرت مقالات تحت عناوين عديدة، منها "العنوان الأساسي للحرب يجب أن يتغير" بعدد 6111 ديسمبر 2017م، وكذلك "الحوار ودواعي الأمن" العدد 6245 يونيو 2018م، وكذلك "مخرج آمن من الحرب" العدد 6561 يوليو 2019م، وكل تلك المقالات تطرقت إلى هذه الورطة واقترحت الحلول للخروج الآمن والصائب.

وإعادة لجزء مما تطرقنا إليه نقول إنه ليس هناك مخرج إلا ما سلف، وإن إعادة دور الرئيس المعترف به دوليا لينهي الحرب بطلب ووقفها نهائيا، واتخاذ قرارات بإجراء حوارات جنوبية جنوبية تخص الجنوبيين لتقرير مصير الجنوب، وحوارات شمالية شمالية لتقرير مصير الشمال، ثم حوار ثنائي شمالي جنوبي لفك ارتباط آمن، ثم إقامة علاقات جديدة على الندية والعيش المشترك، ومن ثم حوار جنوبي وشمالي مع دول التحالف لبناء علاقة وتصالح وتسامح، وإعادة إعمار وتوثيق الشراكة القومية العربية على الندية والعيش المشترك وبعيدا عن الوصاية والهيمنة، تلك الأمور التي يجب اتخاذها للخروج بشكل آمن من تلك الورطة.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى