جاء كورونا بما لم نستطع عليه صبرا

> أماني سعد

> في وطن لا تتحمل مفاصله الوقوف، مهشم من جهاته الأصلية، حرب ونزوح وجوع وبطالة وكوراث طبيعية، وحكومة متخمة باللامبالاة كل همهما كيف تربح رضا نفسها، ومع كل ذلك يأتي كورونا ليضيف لليله العتمة ويزيد "الطينة بلة".
كيف سيحدد كورونا خارطته على الإنسان اليمني؟ هل سيمضي بنفس الأسلوب الذي استخدمه مع العالم أم سيتخذ أسلوباً جديداً تتناسب مع عقليتهم وحياتهم الفريدة من نوعها؟ هل سيغير مساره على الخريطة أم سيكون أكثر انحناءً؟، هل سندخلُ التاريخ مجدداً بأكبر حصيلة موتى في العالم؟

المستقبل الضبابي والنظرة السوداوية للحياة ليست وليدة اللحظة بالنسبة للشعب اليمني فهو يرى أنه لن يخسر شيئاً محرزاً، فالموت هو المخلص المنتظر.
فلو حاولنا وقسمنا الإنسان بحسب رغبته في العيش سنرى أن ربعي اليمن لا تفرق معهم الحياة أو الموت، فهو نفس المصير بالنسبة لهم لأنهم يعتبرون الحياة للوحوش وليست للطيبين وأن زمن الطيبين قد تلاشى.

والربع الثالث فيحتاجون الموت أكثر من حاجتهم للحياة، فهم يعتبرونه السبيل الوحيد للنجاة من لعنة الحياة، أما الربع الرابع فهم يرون أنهم العظماء وأن الأرض لن تدور إلا بوجودهم وأنهم غيثُ السماء واخضرار العشب وأنهم الجزء المضيء من القمر الذي يستدل به العالم للسلام وهم الأمل والغد.. إلخ، هؤلاء هم من يملك القيادة وهم أيضاً من يقودنا للغرق.

نعم.. نحن على درجةٍ كافيةٍ من الغباء لنصدق ما تقوله الصحف والقنوات والشخصيات المهمة كوزير الصحة مثلاً بأن جائحة كورونا هنا لكن بمسميات أخرى "كالمكرفس" وحمى الضنك وغيرها بدون اتخاذ إجراءات حازمة. مستشفيات تغلق بعض أقسامها تهرباً من مسؤولياتها، ومدراء يغادرون عدن ويصفون الوضع فيها بالوبائي المعقد وفطاحلة الطب يحاولون إثبات أن الذي يحصد الأرواح بعدن ليس كورونا ليصرح بعدها المجلس الانتقالي بأن كورونا بالفعل مر من هنا، ومنظمة الصحة العالمية ترصد حالات الإصابات والوفاة ويأتي وزير ليقول إنها ملفقة. ما الذي يحصل يا ترى، هل نحتاج كرة زجاجية لنرى مستقبلنا الميت وإلى أي مقبرة ستذهب جثثنا؟ أم أننا بحاجة للمرآة السحرية التي سنسألها: أيّنا أقبحُ موتاً؟

ومن جهة، كورونا كذبة العصر لأن الموت أصبح عادةً لا يصيبُ بالقلق كما أصاب العالم من حولنا.
الشارع جداً مطمئن ومازلنا نرى كل شيء مزدحماً وبصحة لا بأس بها ولربما كنا غالباً ما نحتضرُ بصمت على خلاف ألم العالم، فلا زلتُ أكررها بأننا شعبٌ يختلف حتى في موته ولن نتكرر.​

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى