محمد عبد العزيز من طالب بكلية الطب إلى صانع مشروب «السلاش» بعدن

> تقرير/ وئام نجيب

> «السلاش» مشروب جديد لقي إقبالاً كبيراً من الزبائن والمتسوقين
تعج أسواق العاصمة عدن بعشرات الشبان والشابات المكافحين في سبيل الحصول على لقمة عيش كريمة لهم ولأفراد أسرهم، وللتخفيف من المعاناة التي بات يتجرعها الكل جراء الظروف المادية الصعبة وتهاوي العملة وما نتج عنه من ارتفاع كبير في أسعار المواد الغذائية والاستهلاكية وغيرها من الحاجيات الأساسية والثانوية.
أسواق تؤكد لِمن يمر فيها على إصرار هؤلاء الشباب على مجابهة الحياة وتجاوز معوقاتها، سواء بالعمل بالأجر اليومي أو بإنشاء مشاريع صغيرة خاصة بهم، كما هو الحال مع الشاب محمد عبدالعزيز، الذي اتخذ من سوق الطويل في وسط مدينة عدن القديمة (كريتر) مكاناً لبيع منتجه من مشروب "السلاش" على زبائنه ومرتادي السوق.

و"السلاش" بحسب عبدالعزيز، مشروب مثلج منعش، يُصنع من الثلج المجروش والنكهات، وهو مشروب عرفته المدينة حديثاً، ويتم إعداده وبيعه في الكافيهات والمولات التي انتشرت مؤخراً في عدن، وبات هناك إقبال كبيرعليه، لاسيما من الشباب والأطفال".
اختار عبدالعزيز، وهو أحد أبناء مديرية المعلا، أن يقيم مشروعه الصغير، وهو بسطة مقابل مشرب النعمي بالقرب من جولة الفل حيث يتواجد كثير من زبائنه والحركة الكبيرة للمتسوقين.

إلمام وخبرة
يقول الشاب محمد عبدالعزيز، وهو طالب في كلية الطب مستوى ثاني: "بدأت مشروعي المتواضع هذا منذ ما يقارب الشهر، بمبلغ، قدره 200 ألف ريال، دعمني به والديّ. واختياري لهذا النوع من المشروبات لإلمامي به. وقد سبق لي أن عملت قبل عام في أحد المشارب ووجدت في إعداد هذا المشروب "السلاش" خيراً كبيراً ومردوداً ماليا لا بأس به، فضلا عن سهولة إعداده، فهو يحضر من خلال مزج السكر مع الماء والمنكهات والثلج المجروش قبل أن يتم خلطه في الخلاط. ويتطلب في أثناء تحضيره أن يحرك الخليط بسرعة ثابتة؛ لتترابط جزيئات السكر والماء معاً قبل أن يتجمد الماء، وبهذه الطريقة يتشكل المزيج الليّن ويكون جاهزاً للشرب".

ويضيف في حديثه لـ"الأيام": "تتكون البسطة من دُرج أو ميز، وخلاطة كهربائية، ومولد صغير، وترمس لحفظ الثلج من الذوبان. وحالياً أحضر هذا المشروب بأربع نكهات، هي: التوت الأحمر، والأزرق، والتفاح والكيوي، وبصدد إضافة نكهة خامسة. وجميعها أستوردها أسبوعيا من صنعاء، لأن النكهات المتوفرة في عدن ليست بذات الجودة". وأوضح أن هذا المشروب مناسب لمرضى السكر؛ لعدم إضافة السكر إليه، لاحتوائه عليه بشكل طبيعي وبنسبة محدودة.

ويتابع قائلاً: "أبدأ بالعمل في البسطة الساعة الرابعة والنصف عصراً، وحتى التاسعة والنصف، ووجدت إقبالاً جيداً للمشروب، لاسيما أنه ليس بالمألوف، ومعظم الناس لا يعرفونه، وهناك من المارة من يسألونني عن اسمه ومكوناته، حينها أدعوهم لتذوقه، وبالفعل يعودون إليّ لشرائه".
ويبلغ سعر "الكأس" الواحد 500 ريال، مع وجود استثناء للأطفال الذين يتم إعطائهم إيّاه دون سعر ثابت، بحسب عبدالعزيز.

وأضاف لـ"الأيام": "تعليق الدراسة، بسبب تفشي فيروس كورونا في المدينة، هو ما ولّد لديّ الفكرة بالبدء بالعمل المشروع في هذا التوقيت، وعند استئناف الدراسة سأتفرغ لدراستي، وأقوم بتكليف شخص آخر للعمل فيه بدلاً عني".
وتكمن أبرز الصعوبات التي تواجهه، بحسب قوله، في تأخر وصول النكهات، ويطمح بأن يجد من يدعمه لتطوير مشروعه ليصبح مشربا، ليمكنه حينها من إضافة مشروبات مختلفة ووجبات أخرى".

استحسان الزبائن
ولقي هذا المشروب الجديد استحساناً وإقبالاً كبيرين لدى الزبائن والمتسوقين. وقال عدد من مرتادي البسطة بينما كانوا يمسكون بأبيدهم أكوابا مملؤة بالمشروب: "منذ فترة بسيطة تعرفنا على هذا المشروب في هذه البسطة، وكانت البداية من خلال تجربته، وحقا، وجدنا مذاقه لذيذا، وما يميزه هو غرابة المذاق عن باقي العصائر، فلا هو بمشروب غازي ولا طبيعي، فضلا عن أنه يتلاءم مع حرارة الصيف التي تشهدها المدينة، لأنه يحتوي على نسبة كبيرة من الثلج الخفيف، وأعتدنا على شرائه دائما، ونصفه بأنه مشروب السعادة. صحيح أن سعره مرتفع قليلا، ولكن ما يهمنا هو أن يتم إعداده أمامنا, فضلا عن نظافة الأدوات".

وطالب الشبان عبر "الأيام" من الجهات ذات العلاقة بضرورة تقديم الدعم للشاب محمد عبدالعزيز، ولغيره من الشباب الذين يمتلكون مشاريع صغيرة؛ ليتمكنوا من تطويرها بشكل أفضل؛ لتعود عليهم وعلى من يعولون بالنفع والفائدة.
والشاب عبدالعزيز نموذج من نماذج عديدة، تحدت الظروف، وخلقت لها فرصة عمل لمجابهة ظروف الحياة القاسية.

وكثير من هؤلاء الشباب، يحملون شهادات جامعية، ويحلمون بالحصول على الوظيفة الحكومية، لاسيما أن كثيرا منهم قد مرّ على تخرجه ما يزيد على عقد من الزمن.
ومنذ انقلاب قوات الحوثي على السلطة عام 2014م، زادت الأوضاع المادية والمعيشية للمواطنين سوءاً، كما واصلت العملة الوطنية انهيارها المتسارع أمام العملات الأجنبية انهيارا، زاد من توسعة رقعة الفقر في أوساط أفراد المجتمع بشكل مخيف جدا.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى