صناعة تدمر العالم بداخلكَ أكثر من دمار كورونا

> أماني سعد

> كل شيء خيالي بات يقترب من الحقيقة، أو أن الحقيقة بدت تتلاشى لتقترب من الخيال مثلما تاه كل شيء - تدريجياً- يدل على أن كل ما حولنا أصبح مختلطاً بين الشكِ واليقين في زمنٍ أصبحت العطسة خطيئة إن لم تكن جريمة عقوبتها من الموت إلى الموت.
كان علينا ألا نُسرِفَ بخوفنا لنصل لقناعاتٍ وسلوكياتٍ تُثبتُ أننا هنا حقاً ما زلنا على الخارطةِ الكونية نتنفسُ بسلام على محمل قاعدة: "من الأفضل البقاء سالماً بدلاً من الشعور بالأسف لاحقاً" الذي يقوم عليه نظام المناعة السلوكي لنا كبشر، وفق ما تُشير إليه "لين آرو" من جامعة آرهوس في الدنمارك.

فقدنا الشجاعة في غضون خوف مُسرف في كل شيء، وأسلمنا بأشياء لا تتوقع وأصابتنا فوبيا الأشياء، فأصبحنا أمام أنفسنا كائنات أصغر من كورونا، والنتيجة هي تسجيل رقم قياسي في عدد المرات التي نغسل بها أيدينا مقارنة بحصيلة وفيات كورونا للعالم، وذلك -فقط- لنؤمن أننا مازلنا هنا بالفعل والحقيقة، وأن هالات جُبننا تمطُ بشكلٍ مرعب لدرجةِ أننا نخاف أن ندخلَ مكتب مسؤولٍ ما لغرض توقيع أو زيارة أو ما شابه، لمَ لا، وفي المدرسة كان الدخول لمكتب المدير إما بمثابة الويل أو التبجيل؟، أما عن عصا المعلم فهي دليل الطالب نحو التفوق في الخوف.

صناعة الخوف طريق بسطتهُ أيدي حكومتنا وسفلتته مجتمعاتنا، ثم العائلة تسير على نهج أولي العزم من الخائفين، ها قد أصبحنا ناجحين في أمور أخرى غير أننا بارعون بتفادي الموت كصناعة الخوف، وبعض الحرف التي تدعم هذه الصناعة كالتستر عن أفعالٍ خارجةٍ عن القانون والإنسانية والشجاعةِ بعذرِ أننا نحافظ على راتب حقير لا يسمن ولا يغني من جوع.

أنت تبالغ بغسل يديكَ إذاً أنتَ إنسانٌ تتميز بثقافةِ الخوف لأنكَ تعي خطورة أنكَ حقيقي، أما إن كنتَ لا تبالي فأنتَ وهمٌ بالنسبةِ لنفسكَ أولاً ثم للعالم، فموتك مرةً أو ألفاً هو نفسُ الإيقاع النفسي.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى