جريمة إطلاق صواريخ وقذائف على الحكومة في مطار عدن ودور المحكمة الجنائية الدولية

> القاضي/ أحمد عمر بامطرف

> حادثة إطلاق صواريخ وقذائف أياً كان نوعها أو مصدرها على مطار عدن الأربعاء الماضي هي جريمة همجية بشعة تتوافر فيها صفتان قانونيتان وهما: جريمة إبادة جماعية، وجريمة حرب.

فهي جريمة إبادة جماعية لأن المستهدفين بالقتل هم جمعٌ غفيرٌ من الناس وهم الحكومةُ والمستقبلون لهم، وقد نتج عن الجريمة قتلى وجرحى. وهي جريمة حرب لأن المستهدفين بالقتل هم مدنيون والبلاد في حالة حرب مستمرة. وطالما توافرت هاتان الصفتان في هذه الجريمة الهمجية البشعة فهي بامتياز من اختصاص المحكمة الجنائية الدولية.

وتفيد الأخبار أن فخامة الأخ رئيس الجمهورية، حفظه الله ورعاه، شكّلَ لجنة تحقيق في الحادث، وما ينبغي التأكيد عليه أنه يجب أن لا تُلقى مسؤولية ما حدث على أي جهةٍ بعينها دون دليلٍ قاطع، هذا من جهة، من جهةٍ أخرى فإن هذه الجريمة كبيرة وبالغةُ الخطورة يجب أن لا تمر مرور الكرام أو يطويها النسيان مثلما حصل مع جميع المجازر والجرائم التي سبق أن وقعت ونتج عنها مجموعة كبيرة من الشهداء، ولم يتم إلقاء القبض على المجرمين مع أنه تم التحقيق في معظم تلك المجازر والجرائم وتعلم الحكومات المتعاقبة في البلاد ويعلمُ المسؤولون في وزارة الداخلية وفي أجهزة الأمن عِلمَ اليقين مرتكبي معظم المجازر والجرائم وكان معظمها جرائم مشهودة وتسمى في القانون (الجُرُم المشهود)، ومع أنه قد تم القبض على بعض مرتكبي تلك الجرائم السابقة ومع ذلك فقد تم إطلاق سراحهم وأغلِقت ملفات قضاياهم.

أيها القادة السياسيون وأيتها الحكومة الجديدة الرشيدة أفيقوا من سباتكم واستشعروا بالمسؤولية الوطنية والإنسانية الملقاة على عواتقكم والجؤوا إلى القضاء الدولي واطلبوا من المحكمة الجنائية الدولية التحقيق والمحاكمة في هذه القضية على الأقل التي استهدفت حياتكم وحياة مئات وربما آلاف الأبرياء، واعلموا أنه لا صحة لمن سيزايد كائنٌ من كان ليدعي بأن اللجوء إلى المحكمة الجنائية الدولية يُشكِلُ انتهاكاً للسيادة الوطنية وأن القضاء الوطني هو المختص والمعني بمحاكمة مرتكبي هذه المجزرة، فهذا الكلام مردودٌ عليه بأن أجهزة التحقيق المختصة في البلاد خبراتها ومؤهلاتها متواضعة وإمكانياتها محدودة لن تُمكنها من كشف مرتكبي الجريمة ولن تتوصل إلى الحقائق بتفاصيلها الدقيقة كاملةً، كما أن القضاء الوطني هو الآخر - في ظل الظروف الحالية والإمكانيات المتاحة أمامه - إن استطاع إجراء المحاكمة فستكون بالتأكيد محاكمة غيابية لمجرمين لن يَمثِلوا أمامه بكل تأكيد ولن تُنفذ ضدهم الأحكام التي ستصدر غيابياً وبالتالي لن تتحقق الغاية من المحاكمة أمام القضاء الوطني. ولذلك فاللجوء إلى المحكمة الجنائية الدولية هو حقٌ مشروع لسببين وهما: لأن القضاء الوطني ومن ضمنه (النيابة العامة وأجهزة التحقيق) لا تستطيعان التحقيق والمحاكمة وخاصةً في هذه الظروف، والسبب الثاني هو أن البلاد تعيش في حالة حرب، وواقعة تحت البند السابع من ميثاق الأمم المتحدة وتحت الوصاية الدولية. وفي الخِتام نسأل الله للجميع الهداية والتوفيق، وهو حسبنا ونعم الوكيل، ألا هل بَلغّت، اللهم فأشهد.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى