بامطرف: قمع التظاهرات جريمة سيتم ملاحقة مرتكبيها عبر محكمة الجنايات الدولية

> القاضي أحمد عمر بامطرف

> التظاهرات والاحتجاجات السلمية للمواطنين هي من الحقوق والحريات العامة كفلها الدستور للمواطنين، وقمعها بالرصاص الحي يقع تحت طائلة محكمة الجنايات الدولية.
ما نشاهده اليوم من تظاهرات واحتجاجات جماهيرية غاضبة في الشوارع والساحات  في المدن الرئيسة في محافظتي عدن وحضرموت - وسيشمل بكل تأكيد باقي محافظات الجنوب - هو نتيجة طبيعية لسياسات مخطط لها ومقصودة لغايات سياسية خبيثة يتم تنفيذها بوسائل مختلفة كالانهيار المتعمد والمتزايد يومًا بعد يوم لقيمة العملة الوطنية وما يلحقه من ارتفاع جنوني في أسعار جميع المواد اللازمة لحياة الناس، وافتعال الأزمات في مختلف الخدمات الأساسية مما يؤدي الى إفقار الناس وقتلهم جوعًا أو مرضًا أو قهرًا  في بلد يزخر بالثروات الوطنية النفطية والمعدنية والسمكية ويتحكم في أهم المنافذ البحرية والملاحية الاستراتيجية في العالم (حيث كانت عدن ثاني أهم ميناء في العالم) وغيرها من ثروات تذهب عائداتها وإيراداتها لحفنة من المتسلطين النافذين الفاسدين، كل ذلك يجري في ظل عدم وجود الدولة في الجنوب بسبب الفراغ الدستوري في السلطات الثلاث للدولة. ولذلك فإن قيام الناس بالتظاهر والاحتجاج للتعبير عن معاناتهم ومظالمهم والمطالبة برفعها هي حقوق مشروعة وحريات عامة أساسية كفلها لهم الدستور، وينبغي على الشباب الثائر والجماهير المحتشدة التكاتف والتلاحم والصمود والثبات على الأرض ونصب الخيام في الساحات والميادين العامة وإقامة المهرجانات والفعاليات السياسية والثقافية والاجتماعية للتعبير بصورةٍ سلمية عن معاناتهم وعدم التزحزح حتى تتم الاستجابة لمطالبهم المشروعة، كما ينبغي على الشباب الثائر وجموع الجماهير الغاضبة عدم التعرض بالتخريب للممتلكات العامة أو الخاصة وعدم القيام بقطع الطرقات وإعاقة حركة مرور الناس والمركبات وعدم تلويث البيئة بإحراق إطارات السيارات؛ لأن المتضرر من مثل هذه الأفعال هو الشعب نفسه، والحيلولة دون تقديم الذرائع لأجهزة ورموز السلطة الفاسدة في القيام بممارسة أفعالها القمعية الإجرامية، وينبغي على قيادات ومكونات هذه الانتفاضة الجماهيرية وجميع النشطاء السياسيين والحقوقيين توثيق كافة الأفعال الإجرامية التي يرتكبها عسكر السلطة وقمعهم للتظاهرات والاحتجاجات بالرصاص الحي، لأن مثل هذا القمع الوحشي وإطلاق الرصاص الحي على الجماهير الغاضبة  المطالبة برفع الظلم والمعاناة المأساوية في حياتهم هي جرائم إبادة جماعية وجرائم ضد الإنسانية سيتم تحريكها مستقبلاً وملاحقة مرتكبيها والمسؤولين عن إصدار الأوامر أينما كانوا لمحاكمتهم وفقاً للقانون الجنائي الدولي أمام المحكمة الجنائية الدولية ولو بعد حين، وهو المصير المحتوم لكل من يقوم بارتكاب انتهاكات لحقوق الإنسان وللحريات العامة للناس أو أي أعمال قمعية تؤدي إلى سفك دماء الأبرياء من جماهير شعوبهم أثناء تظاهراتهم واحتجاجاتهم السلمية لتحقيق مطالبهم المشروعة في رفع الظلم والاضطهاد والمعاناة في حياتهم المعيشية ومناهضة سياسات التجويع والإفقار وافتعال الأزمات في الخدمات الأساسية في حياة الناس، ففي مثل هذه الجرائم فالمصير المحتوم لمرتكبيها ولكل من خطط لها أو وجه بارتكابها هو المثول أمام محكمة الجنايات الدولية مثلما حدث مع الرئيس السوداني المخلوع عمر البشير وأعوانه وأركان نظامه المقبور الذين يجري التحضير في الوقت الحاضر لمحاكمتهم أمام محكمة الجنايات الدولية عن جرائم ارتكبوها من هذا النوع بحق شعبهم، وهو ما حدث أيضًا مع قادة الصرب بشأن ما ارتكبوه من مجازر وجرائم وحشية ضد مسلمي البوسنة، وكذلك مرتكبي مثل هذه الجرائم بحق المواطنين في رواندا وغيرها، وأصبحت مثل هذه الأفعال الإجرامية وما نتج عنها من محاكمات هي سوابق قانونية وقضائية تحكم قواعد وأسس القانون الدولي الجنائي .

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى