التعايش والتسامح

> الإنسان هو مخلوق نبيل قد وُلِدَ على فطرة لا تعرف الكُره والتعصب مذهباً وطريقاً، لكننا بأيدينا قد نُلون ونُبدل فطرة الله التي فطر الناس عليها، ونبدل سياسته الإلهية الداعية للمحبة والتعايش والسلام إلى سياسة حيوانية مُحِبة للحرب والنزاع بل متعطشة للافتراس.

إن التعايش والتسامح منحة وقدرة ومهارة يهبها الله أصحاب القلوب الطيبة والنفوس ذات الهمم العالية، فمن يحظ على التعايش والتسامح كمن ينثر عبير الزهور بدلاً من رائحة البارود، إنه صانع السعادة ورسام الفرح يلون الحياة بألوان زاهية مبهجة، كما أن رؤيته واسعة مُلِمة بملامح المشهد من كل جوانبه دون أن يركز في تفاصيل صغيرة سوداء تشوش الفكر، لأنه مُدرك لمفهوم الحياة وسياسة الله في كونه بأننا قد خُلقنا متباينين تبايناً يُثري إصلاح العالم، ومختلفين اختلاف تكامل لا اختلاف تناحر وعداء.

فلو رجعنا للوراء، وقرأنا صفحات التاريخ بصورة متأنية ورصينة سندرك أن الجهل والتعصب والانغلاق كانوا رفقاء التخلف والتدهور وانهيار المجتمعات، بينما لا نرى أسطورة التعايش وتقبل الآخر إلا وترافقها الرقي والتقدم ويصاحبها النجاح والفلاح.

إن التعايش بمثابة شهادة على قدرة ذلك المجتمع، وتلك الدولة على الانفتاح على الآخر والوقوف على أرض ثابتة وامتلاك رؤية وقادة واضحة وفكر ثاقب قادر على التعامل مع شعبه على مبدأ المواطنة المتساوية ومع بقية الشعوب على قاعدة الاحترام والتبادل والتواصل المشترك متفقين بأن "العالم وطنٌ للجميع".

نعم.. في الحقيقة أن أساس التعايش والتسامح قائم على فهمنا بأن "العالم هو وطن الجميع"، وهذا الوطن لن يعيش إن لم يتعايش أهله سلمياً، وأن التحدي الحقيقي يكمن في عملية البناء لا الهدم، وأن قوتنا وقدرتنا تظهر حين قبول الآخر. هذا الأساس المحكم المتين يخلق فينا طاقة فعل كبيرة تدفعنا نحو ميدان الإعمار والبناء وخدمة الجنس البشري، ودمتم سالمين.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى