هل سيبقى الجنوب سنياً؟

> تتوالى الأخبار وتنتشر على مواقع التواصل الاجتماعي وبعض مواقع الأخبار، وتتحدث عن قرب الانتهاء من المفاوضات والمشاورات المفترضة بين حكومة المملكة العربية السعودية وحكومة صنعاء الحوثية وبوساطة عمانية وإشراف أممي، ومع أنني لست متأكداً حتى الآن من صحة تلك الأخبار التي لم تؤكدها مصادر موثوقة، إلا أن في الوقت ذاته أتوقعها تماماً فتاريخ السياسة الخارجية السعودية وخطها النمطي المتعارف عليه متقلبان، فهناك احتمالية كبيرة أن تكون تلك الأخبار صحيحة وليست مجرد خلط أوراق تسبق حدثاً سياسياً أو عسكرياً أو القيام بأي خطوة ما.

السياسة الخارجية وكذلك الأمنية والاستخباراتية في المملكة تقوم في الأساس على الهدف العام لها في حفظ كرسي الحكم والأسرة المالكة وتركز لذلك كلياً على الأمن داخل حدودها وجدرانها ولا يهمها ما يحدث خارج حدودها طالما أن من خارجها قد تفهم وقبل بعدم التعدي على أسوار مملكتها وكرسي العرش والأسرة المالكة، وخلال تاريخها كانت واشنطن وخارجيتها ووزارة دفاعها واستخباراتها هي من تضمن للملكة ذلك.

ستغدر المملكة بحلفائها في اليمن وستبرم اتفاقا مع الحوثيين ينهي الحرب والعاصفة والتحالف طالما التزم الحوثيون بعدم التعدي على جدران المملكة الزجاجي أو حتى رميه بالحجارة من بعيد، وستترك له اليد الأطول لحكم اليمن طالما بقي ملتزماً بالاتفاق وطالما بقيت واشنطن ملتزمة بضمانتها، ولا تستغربوا منها ذلك فسبق لها أن غدرت بالصريمة وقواته على الحدود في العام 94م، وسبق لها أن غدرت بدماج وحجور ومشايخ رصتها، وسبق لها أيضاً أن غدرت بصدام وبغداد والحريري وبيروت ولن تكترث اليوم لليمن وصنعاء إن غدت عاصمة تابعة لطهران ومرجعياتها.

سيكون الجنوبيون هم الأكثر خسارة في أي اتفاقية قادمة تبرمها الرياض مع الحوثيين دون أن تراعي عقيدتهم وحقوقهم ومنها السياسية، فخلال الثمان السنوات الفارطة صدقوا فيما عاهدوا عليه، فكان الشباب السنة يقدمون أرواحهم رخيصة دفاعاً عن عقيدتهم السنية وكان الجنوبيون الوطنيون يقدمون حياتهم للذود عن وطنهم، وكانت أرضهم ساحة لتجارب وعبث التحالف وصراعاتهم، وأي اتفاقية مع الحوثيين يعني استهانة إن لم يكن بيعاً لكل تلك التضحيات وما حدث خلال السنوات إلا استغلال لهم وما سيحدث الآن هو إطلاق أيدي أذرع إيران لغزو الجنوب من جديد عسكرياً وفكرياً وعقائدياً مثلما حدث ويحدث في العراق.

للجنوبيين بمختلف توجهاتهم من يرفض تواجد معين ورشاد في المعاشيق، فهل ستقبلون بمشرفٍ حوثي فيه؟

إن منا من لم يرض بالإمارات وقواتها في الجنوب، فهل سترضون بإيران وحرسها الثوري؟ إن منا من لم يقبل شبابنا ببنطلونات (طيحني) في مساجدنا، فهل سترضون بشبابٍ يحولونها صالونات للمقايل؟

إن منا من يكره الأضرحة والموالد، فهل سترحبون بالحسينيات وجلد الظهر؟

لم يفت الوقت ولا يزال هناك متسعاً منه لمقاومة أي اتفاقية لا تراعي خصوصية الجنوب الوطنية والعقائدية، فهل يمكنكم رص صفوفكم لأجل عقيدتكم وأرضكم؟ فمن سيسجل منكم أسطراً نحو ذلك يدونها التاريخ؟

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى