قصة نجاح أول امرأة في العالم العربي تعلم الرجال قيادة الشاحنات الثقيلة

> "الأيام" سبوتنيك:

>
​لم يعد غريبا عن الأذن التونسية أن تسمع عن نساء اقتحمن مهنا كانت إلى وقت قريبٍ حكرا على الرجال، ولكن تبقى قصصهن مصدر إلهام وتحد بالنسبة للكثيرات من بنات جنسهن.

نادية البالغة من العمر 45 سنة
نادية البالغة من العمر 45 سنة

"نادية بوفارس" واحدة من الأيادي الناعمة التي اقتحمت عالم الخشونة واستطاعت بفضل شجاعتها وثقتها بنفسها أن تنافس الرجال في تعليم قيادة الشاحنات الثقيلة. وهي اليوم أول تونسية وعربية تمارس هذه المهنة.
  • "لا أقبل بأن تعلمني امرأة"
تختلط نادية البالغة من العمر 45 سنة بالرجال وتعلمهم طريقة قيادة العربات الثقيلة التي تقول إنها تحتاج إلى جرعة زائدة من التركيز والثقة بالنفس.

وتستحضر نادية وهي تتحدث لـ "سبوتنيك"، بدايات عملها في التدريب على قيادة الشاحنات الثقيلة، تقول إن الفكرة كانت مخيفة بالنسبة إليها، فهي تدرك جيدا أنها ستلقي بنفسها في مجال يصعب على مرتاديه القبول بها باعتبارها "امرأة".


وتضيف: "تحصلت على شهادة التدريب منذ 2004، ولكن لم أخض غمار التجربة إلا في سنة 2017، حينما اقترحت عليّ زميلتي الانتقال إلى محافظة منوبة وتولي مهمة التدريب على قيادة هذا الصنف من العربات، وهي تجربة أفتخر بها كثيرا".
لم يكن الاندماج في هذا المجال مهمة سهلة بالنسبة لنادية التي واجهت في بداياتها نظرة المجتمع المستغربة حينا والرافضة حينا آخر.

وقالت إن كثيرا من الرجال يستقبلونها بنوبة من الضحك. فهم لا يستوعبون وجود امرأة على مقود العربات الثقيلة.
تضيف: "أذكر جيدا كيف غادر رجل كرسي الشاحنة لمجرد أنه علم أنني من ستتولى تدريبه وقد قال لي حرفيا "لا أقبل أن تعلمني امرأة"".

هذه العبارة على مرارتها لم تحبط عزيمة نادية، بل حفزتها أكثر لكسر الصورة السائدة عن النساء ونجحت بفضل مثابرتها وأسلوبها المرن في كسب ثقة تلاميذها.
  • قدوة لنساء آخريات
تعتبر نادية نفسها قدوة للكثيرات من بنات جنسها ومثالا على المرأة التونسية التي لا توقفها الصعوبات ولا تحبطها نظرة المجتمع النمطية.

وتؤكد لـ "سبوتنيك"، أنها تتلقى يوميا العديد من الرسائل التي ترسلها فتيات أو نساء ممن تردن دخول عالم قيادة الشاحنات الثقيلة، مشيرةً إلى أن معظم الأسئلة تتمحور حول كيفية خوض التجربة وهل أنها صعبة بالنسبة للإناث.


تقول نادية: "يسعدني أن أكون ضوءًا ينير طريق هؤلاء الفتيات، وأحرص دائما على مدهن بالمعلومة وحتى إتاحة الفرصة لهن لخوض غمار التجربة وإبعاد الخوف".

وتؤكد نادية أن قيادة الشاحنات الثقيلة لا تتعارض مع الأنوثة، وأن هذه المهمة لا تحتاج إلى الجهد الجسدي بقدر حاجتها إلى التركيز وامتلاك ثقة عالية بالنفس.

وتلاحظ محدثتنا أن الفتيات أصبحن يقبلن على تعلم قيادة العربات الثقيلة، فهي بمثابة جواز عبور لهن خارج تراب الوطن، على اعتبار أنها مطلوبة كثيرا في الخارج.
  • القيادة "حريّة"
تقول نادية، ونبرة عشق في صوتها، إن أفضل لحظات يومها هي تلك التي تقضيها في قيادة الشاحنات الثقيلة، فهي تشعرها بالحرية.

واللافت أن نادية لم تعبر طريق التدريب على قيادة هذا الصنف من العربات عن طريق الدراسة، فمجال تكوينها الجامعي هو "صناعة الأسنان".

غير أن شغفها بهذه المهنة قادها إلى المشاركة في مناظرة التكوين في قيادة السيارات الخفيفة ثم الشاحنات الثقيلة التي تمارسها منذ 8 سنوات.


وتقول نادية إن والدها هو من نقل إليها الشغف بهذا المجال وشجعها على امتهانه وعلى مواجهة العقليات التي تستهجن وجود النساء في مهن لطالما حسبت على الرجال.
وتابعت: "قيادة الشاحنات الثقيلة لا تتعارض مع الأنوثة، فأنا زوجة وأم لابن لطالما افتخر بي وبمهنتي".

وتنصح نادية بنات جنسها بكسر حاجز الرهبة وبلوغ هدفهن، مشيرةً إلى أن وصفة النجاح الرئيسية هي الشغف بما تفعله والإيمان بقدراتك الذاتية بعيدا عن الخوف".
وتفخر محدثتنا كثيرا بالنساء التونسيات اللاتي برهن أنهن قادرات على اقتحام أي مجال والنجاح فيه وكسر عبارة "المهن الرجالية".

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى