وجود قادة حماس في قطر يضعها على رادار الانتقام الإسرائيلي

> الدوحة "الأيام" العرب:

> ​تناور قطر بصناعة دور لها في الصراع المتفجر والدائر بين حماس وإسرائيل بتقديم نفسها وسيطا في صفقة تبادل أسرى من الأطفال والنساء، مستبقة أي اتهام إسرائيلي بأن زعماء لحماس يقيمون في الدوحة أداروا الهجوم غير المسبوق على مستوطنات غلاف غزة الذي أوقع المئات من القتلى الإسرائيليين وأدى إلى أسر العشرات من العسكريين والمدنيين على أراضيها تهدد حماس بإعدامهم إذا استمر القصف الإسرائيلي.

وفي الوقت الذي يبحث فيه الإسرائيليون عمن يحملونه المسؤولية التضامنية مع حماس، فإن السماح لزعماء الحركة الفاعلين بالتواجد وتوجيه الحركة من الدوحة يضع قطر على رادار الانتقام الإسرائيلي حتى لو نجت من المساءلة الأميركية.

وقال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو لمسؤولين محليين بارزين في جنوب إسرائيل “ما ستواجهه حماس سيكون صعبا ورهيبًا، سنغير الشرق الأوسط”، في إشارة إلى الاستهداف الشامل لحماس في المنطقة.

وقال إسماعيل هنية، رئيس المكتب السياسي لحركة حماس، السبت إن الهجوم بدأ في غزة وسيمتد إلى الضفة الغربية والقدس. وأضاف “كم مرة حذرناكم من أن شعبنا الفلسطيني يعيش منذ 75 عاما في مخيمات اللجوء وأنتم لا تعترفون بحق شعبنا؟”.

وتظهر التصريحات أن هنية لم يكن بمنأى عما تم التخطيط له في غزة بالهجوم الواسع الذي قادته حماس وأفضى إلى مقتل المئات وأسر العشرات من الإسرائيليين، وأن وجوده في قطر لم يمنعه من التنسيق مع قيادة الداخل في غزة بشأن الهجوم والترويج له سياسيا بعد ذلك، وهو أمر لا تحتج عليه الدوحة.

وبدأت صحيفة نيويورك تايمز في مقال افتتاحي لتوماس فريدمان بالإشارة إلى أموال قطرية تجاوزت المليار دولار وصلت إلى غزة على مدى سنوات لتتحول إلى أسلحة ورواتب لمقاتلين ممن شاركوا في الهجوم بدلا من أن تسهم في تسهيل حياة أهل القطاع.

وتحرص الولايات المتحدة على إبقاء خطوط اتصال مفتوحة مع حماس عبر القطريين، وسبق أن انتهجت سياسة مشابهة مع طالبان أفغانستان.

وقبل أن تعلن وساطتها لإطلاق النساء والأطفال كانت قطر قد حمّلت، في بيان لوزارة خارجيتها، إسرائيل وحدها مسؤولية التصعيد بسبب انتهاكاتها المستمرة لحقوق الشعب الفلسطيني وآخرها الاقتحامات المتكررة للمسجد الأقصى تحت حماية الشرطة الإسرائيلية.

وتسعى إسرائيل للبحث عن الجهة التي ساعدت حماس على تنفيذ هجماتها. وبعد أن برأت الولايات المتحدة إيران من التورط المباشر في الهجوم، ستتجه الأنظار إلى قيادات حماس في الخارج، وخاصة في قطر.

وقال وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن إنه لا يرى دليلا على وقوف إيران وراء الهجوم الذي شنته كتائب القسام، الذراع العسكرية لحماس، على إسرائيل رغم وجود علاقات قديمة بين الطرفين.

ولئن كان التصعيد من جانب حماس يتم في السابق من خلال إطلاق صواريخ غير فعالة -لأجل ذلك كانت إسرائيل تقبل بوسطاء وبعروض التهدئة – فقد أضحى الوضع اليوم مختلفا. ويتهم الإسرائيليون حماس باستهداف المدنيين سواء بالقتل أو الأسر، ولذلك سيبحثون عن أي جهة يكون لها دور بأي شكل من الأشكال في دعم حماس، وهو ما سيؤثر على عروض الوساطة القطرية.

وقال مصدر إن وسطاء قطريين أجروا اتصالات عاجلة مع قيادات حماس لمحاولة التفاوض على إطلاق سراح نساء وأطفال إسرائيليين تحتجزهم الحركة في غزة مقابل إطلاق سراح 36 امرأة وطفلا من الفلسطينيين المحبوسين في السجون الإسرائيلية.

وأضاف المصدر المطلع على سير المحادثات أن المفاوضات التي تجريها قطر بالتنسيق مع الولايات المتحدة منذ مساء السبت “تمضي بشكل إيجابي”.

لكن لا توجد علامات على حدوث انفراجة في ظل تعنت الجانبين.

وقال المصدر لرويترز إن قطر على اتصال بقياديين من حماس في الدوحة وغزة منذ أن شنت الحركة هجوما من غزة واقتحمت بلدات إسرائيلية وقتلت أكثر من 700 إسرائيلي واحتجزت العشرات من الرهائن.

وذكر المصدر أنه لم يتضح على وجه الدقة عدد النساء والأطفال الإسرائيليين الذين تعرض حماس إطلاق سراحهم في عملية التبادل المحتملة مقابل 36 سجينا فلسطينيا من النساء والأطفال. ولم يتم الإعلان عن تفاصيل المفاوضات التي تركز على إطلاق سراح 36 فلسطينيا من السجون الإسرائيلية.

وأكّد المتحدث باسم حركة حماس، محمد حمادة، الإثنين أنّ الحركة لم تتلق أي اتصالات أو وساطات من أي جهة للوصول إلى اتفاق. وقال حمادة لقناة “المملكة” الأردنية إن “تلقي الاحتلال الإسرائيلي أي عتاد جديد من أي دولة لن يغير من خطة المواجهة”، معتبرا أن “الفشل الاستخباري لدى الاحتلال الإسرائيلي هو نتيجة خططت لها المقاومة”.

ولا يزال عدد الأسرى الإسرائيليين المحتجزين في غزة غير واضح أيضا، لكن يُعتقد على نطاق واسع أن حماس احتجزت نساء وأطفالا ومسنين وجنودا يوم السبت. وكشف مسؤول فلسطيني مطلع على جهود الوساطة بين حماس وإسرائيل في الماضي أن قطر ومصر تجريان اتصالات مع الحركة لكن شدة القتال تلقي بظلالها على أي انفراجة محتملة.

وقال مصدران أمنيان مصريان إن مصر تجري اتصالات وثيقة مع إسرائيل وحماس لمحاولة منع المزيد من التصعيد في القتال بين الجانبين ولضمان حماية الأسرى الإسرائيليين. وأضاف المصدران، اللذان تحدثا شريطة عدم الكشف عن هويتهما، أن مصر حثت إسرائيل على ممارسة ضبط النفس وحثت حماس على إبقاء الأسرى في حالة جيدة للإبقاء على احتمال التهدئة قريبا ومفتوحا، على الرغم من أن الضربات الإسرائيلية التي تطال قطاع غزة جعلت الوساطة صعبة.

وقال المصدر المطلع على المحادثات التي تقودها قطر، والذي تحدث أيضا شريطة عدم الكشف عن هويته، “لم يتم التوصل إلى اتفاق بشأن الأمور اللوجستية أو آلية للإفراج”. وأعلنت إسرائيل أنها ستسعى إلى إطلاق سراح الرهائن، التزاما بمبدأ قائم منذ فترة طويلة ويقضي بعدم التخلي عن أي أسير.

ومع ذلك فإن الخيارات أمام رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو لمهاجمة حماس بسبب توغلها في إسرائيل يمكن أن تكون محدودة نتيجة القلق على الكثير من الإسرائيليين الذين تم أسرهم في الهجوم، لتواجه إسرائيل التي عانت من أزمات رهائن سابقة أسوأ أزمة من هذا النوع حتى الآن.

وردت إسرائيل بأعنف قصف يطال قطاع غزة على الإطلاق، مما أسفر عن مقتل أكثر من 560 شخصا، ومن المحتمل أن تفكر في شن هجوم بري على القطاع الذي انسحبت منه قبل ما يقرب من عقدين من الزمن. وترتبط قطر بخطوط اتصال مباشرة مع حماس. وفي السابق ساعد مبعوثون قطريون على التوسط في اتفاقات تهدئة بين الحركة وإسرائيل.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى