العرب:ما هو تعريف حماس للنصر؟ إسرائيل في حيرة أمام عدو تجهله

> "الأيام"العرب:

> أثار الهجوم الذي شنته حماس داخل إسرائيل، وما تبعه من قتل وأسر للمئات من الإسرائيليين، تساؤلات حول إستراتيجية الحركة وتعريفها للنصر، وهل يعني قتل المزيد من الإسرائيليين، وهل أنها فكرت في رد إسرائيل على عملية بهذا الحجم وبعنف أكبر، أم أن ما يهم قادة حماس هو تنفيذ الهجمات والبحث عن المكاسب السياسية والتعاطف الشعبي بقطع النظر عن نتائج عملياتها على الفلسطينيين؟

وقُتل في الهجوم الذي قادته حماس السبت الماضي أكثر من 1200 شخص في إسرائيل وأصبح العشرات من الأسرى العسكريين والرهائن المدنيين في غزة. ومن المرجح أن يسبب انتقام إسرائيل من حماس قدرا أكبر من الموت والدمار في غزة، فليس لدى 2.3 مليون فلسطيني مكان يهربون إليه وقد قُتل 1100 منهم بالفعل.

ويقول مسؤولون في حماس إنهم مستعدون لأيّ سيناريو، بما في ذلك الحرب طويلة الأمد، وإن حلفاء مثل إيران وحزب الله سينضمون إلى المعركة إذا تجاوزت إسرائيل حدودها.

ويرى مراقبون أنه من الصعب توقع تأثيرات هذا الهجوم على غزة في ظل رد إسرائيلي أكثر شراسة قد يدفع إلى تهجير مئات الآلاف، ولا يعرف ما تخطط له حماس، وإلى أين تريد أن تدفع بمواجهتها مع إسرائيل.

وقالت محللة مجموعة الأزمات الدولية في فلسطين تهاني مصطفى “لا أعتقد أن أحدا يعرف حقا كيف ستكون النهاية في الوقت الحالي. ولكن حجم التخطيط الذي يبرزه الهجوم يصعّب علينا أن نتخيل أنهم لم يحاولوا وضع إستراتيجية لكل السيناريوهات الممكنة”.

واعتبر الباحث والجنرال المتقاعد، الذي خدم في المخابرات العسكرية الإسرائيلية، شاؤول شاي أن حماس “أخطأت في تقدير” رد إسرائيل وتواجه الآن صراعا أسوأ بكثير مما توقعته.

وأضاف “إسرائيل لن تتوقف حتى تتحقق هزيمة حماس في قطاع غزة، ولا أعتقد أن هذا كان في حساب حماس قبل العملية”.

والتزمت حماس منذ تأسيسها في أواخر الثمانينات عشية الانتفاضة الفلسطينية الأولى، بالكفاح المسلح وتدمير إسرائيل. وشنت العشرات من التفجيرات الانتحارية والهجمات التي أسفرت عن مقتل المئات من الإسرائيليين في ذروة عملية السلام في التسعينات. وتصاعد العنف مع انهيار محادثات السلام والانتفاضة الفلسطينية الثانية في العام 2000.

وقد قوبلت هجمات حماس بهجمات عسكرية إسرائيلية واسعة النطاق في الضفة الغربية وغزة، مما تسبب في سقوط عدد أكبر بكثير من القتلى بين الفلسطينيين.

يُذكر أن العنف تراجع في 2005، حين سحبت إسرائيل جنودها ونحو 8 آلاف مستوطن يهودي من جانب واحد من غزة، مع الحفاظ على سيطرة مشددة لمنع الوصول إلى القطاع عن طريق البر والجو والبحر.

واعتبرت حماس الانسحاب إثباتا لنهجها، وحققت في العام التالي فوزا ساحقا في الانتخابات الفلسطينية. واستولت بالقوة على غزة من السلطة الفلسطينية المعترف بها دوليا في 2007، بعد اقتتال داخلي مرير.


وازدادت حماس قوة خلال الأعوام الستة عشر التالية، وخاضت أربع حروب ومعارك أصغر متعددة مع إسرائيل سببت الدمار في غزة. واعتمدت في كل مرة المزيد من الصواريخ التي تقطع مسافة أبعد.

وينجو كبار قادتها في كل مرة، وينجحون في تأمين وقف إطلاق النار والتخفيف التدريجي للحصار الذي فرضته إسرائيل ومصر. وتمكنت في الأثناء من بعث حكومة وقوة شرطة ووزارات ومحطات حدودية مزودة بأجهزة الكشف عن المعادن ومراقبة جوازات السفر.

ويتساءل الصحافي جوزيف كروس في تقرير لوكالة أسوشيتد برس “ماذا عن الآلاف من الفلسطينيين الذين قتلوا، والمباني السكنية التي دُمّرت، والبنية التحتية المتداعية، والقيود الخانقة على السفر، والأحلام المؤجلة في شريط غزة الساحلي الذي يبلغ طوله 40 كيلومترا والواقع بين إسرائيل ومصر؟“.

وإذا كان الكفاح المسلح الذي اعتمدته حماس لفرض نفسها على الساحة الفلسطينية وتهميش سلطة الرئيس محمود عباس قد حقق لها ما تريده في السابق، إلا أن حجم هجوم السبت الماضي يقود نهج حماس إلى منطقة مجهولة.

وقال خبير شؤون الشرق الأوسط في المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية هيو لوفات إن الهدف النهائي لحماس غامض بخلاف القتال حتى الموت أو تحرير فلسطين. وأضاف أن الهجوم الأخير يمثل “قطيعة إستراتيجية كاملة”. وتابع “يبدو الآن أنها تبنت العنف المفتوح بشكل كامل ليكون خيارها الإستراتيجي طويل المدى”.

ومن المرجح أن تشن إسرائيل هجوما بريا على غزة. ويمكنها إعادة احتلال الأراضي ومحاولة اقتلاع حماس. وستكون هذه حملة طويلة ودموية. ولكن هذا قد يدفع المجموعة الموجودة أيضا في لبنان والضفة الغربية إلى العودة إلى العمل السري.

ولحماس ورقة رابحة مرعبة يمكن أن توقف إسرائيل. فهي تحتجز مع حركة الجهاد الإسلامي نحو 150 إسرائيليا تمكنت من أسرهم وجرهم إلى غزة. وقال الجناح المسلح لحركة حماس إن البعض قد قُتل بالفعل في الغارات الإسرائيلية، وهدد بقتل الأسرى إذا هاجمت إسرائيل المدنيين الفلسطينيين دون سابق إنذار.

وقد تنجح حماس (كما فعلت في الماضي) في مقايضة الأسرى بالآلاف من السجناء الفلسطينيين الذين تحتجزهم إسرائيل في صفقة غير متوازنة قد يراها الفلسطينيون انتصارا ويراها الإسرائيليون عملية مريرة.

ولم تواجه إسرائيل أيّ دعوات لضبط النفس إثر هجوم حماس، لكن هذا قد يتغير إذا طال أمد الحرب. وقد يجد الجانبان في النهاية نفسيهما في الوضع الراهن من جديد، أي هدنة بوساطة دولية. وسيبدو هذا انتصارا بالنسبة إلى حماس على الأقل.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى