تربة أبو الأسرار بمضاربة لحج بين أساطير الماضي وآلام الحاضر وآمال المستقبل

> تقرير / محيي الدين الشوتري

> تقع تربة أبي الأسرار على سفح جبل حواب مما يلي وادي هقرة على ثغر باب المندب الشمالي إلى الغرب من مدينة عدن، وتبعد عنها بحوالي 150 كيلومتراً، ويحدها من الشمال هقرة وملبية، ومن الجنوب منطقة القبيطة ومن الغرب بطان الكعللة ومن الشرق المضاربة العليا.
تبلغ مساحة منطقة التربة نحو ستة كيلومترات مربعة، ويبلغ عدد سكانها حوالي 4000 نسمة يتوزعون على التجمعات السكانية عده هي: القرية التاريخية وهي العاصمة، المهلل، الذراع، المدي، عميصية، الحصبين، حصب العوفية، السريعي، الحبوة البيضاء، القطين، المبرك، حبوة الفرامية، الهبارية، القارعي.. وسميت بهذا الاسم نسبة للشيخ الجليل علي بن إبراهيم (أبو الأسرار) المتوفى سنة 678هـ .
**نبذة عن الشيخ (أبي الأسرار)**

ولد الشيخ علي بن إبراهيم أبو الأسرار في عام 536هـ تقريباً وقد ذكر أهل التاريخ الكثير من كراماته، وتاريخ عمره ووفاته، ومنهم الجنيد في كتابه المسمى (السلوك الجامع لطائفة الملوك)، وذكره تلميذه رضي الدين الفقيه أبوبكر في تاريخه، كما ذكره الشيخ عبدالرحمن بن سفيان والفقيه علي بن علوي، نفعنا الله بعلمهم واتفق جميعهم أنه لا شك في نسبته الشريفة، فقد ذكروا أنه خرج من البصرة واشتغل في بداية حياته بالعلم في مدينة (جبا) وأقام فيها أربعين عاماً، وكان مجتهداً في القرآن وعلومه وفي تصنيف كتب الفقه والنحو والصرف، ودرس السيرة وله كرامات خارقة وإشارات محققة يطول تقريرها، وثمة من يروي أن والده كان قائداً مهماً في الجيش الأيوبي الذي حكم اليمن. كان الشيخ علي بن إبراهيم أبو الأسرار لا يميل إلى الجاه والمال، بل كان زاهداً يكره الترف والغنى فترك بلاده البصرة واستقر في (جبا) إلا أنه تركها بعد أن عاش فيها أربعين سنة يبحث عن المكان المناسب لمستقره في بلد خالية ليتعبد الله فيها بعيداً عن أطماع الدنيا.
يقول بعض رواة التاريخ إنه وصل إلى جبل اسمه (نمان) حيث التقى هناك بالشيخ أحمد بن علوان والشيخ عمر بن محمد الطيار وسألهما إلى أي مكان سيكون المنطلق فأجاباه إلى حقرة (هقرة حالياً ) وجبل جواب، ويقال إنه في هذه الفترة حدثت له عدد من الكرامات، وفيها تزوج امرأة من قبيلة المحاولة، وأكمل حياته فيها في (المصلى) و(الحيدري) وله 360 مصلى في جبل حواب ومازالت آثاره إلى هذا العام، وقد توفي يوم الخميس 15 ربيع الثاني 678هـ بعمر 142 سنة.
**جامع أبي الأسرار**

يرجع تاريخ بناء جامع أبي الأسرار إلى عام 811هـ، ويتكون من سبع قباب، ملحق به مبنى ذو قبة كبيرة جداً فيه ضريح الشيخ علي بن إبراهيم أبي الأسرار (أبو السرور)، ويوجد بجانب الجامع مقصورة (مبنى يتكون من قبتين كبيرتين) تستخدم لإحياء ليالي شهر رمضان الكريم، ورباط علمي في النهار، وبجانب الجامع الكبير وقبة الضريح خمسة صهاريج: صهريج خاص لاستحمام الكبار، وصهريج خص بسقي الحيوانات، وواحد للصغار، وآخر للاستخدامات المنزلية، كما كان يوجد فيه ديوانان (غرف لاستقبال الضيوف في المناسبات الخاصة والزيارات القبلية) كما يوجد في قرية التربة دار تسمى (دار الهجرة) وكانت مهمتها كفالة الأيتام ورعاية المعاقين والعجزة والفقراء والمهاجرين من المناطق البعيدة من الحجرية والعدين وغيرهما، وعلى بعد عشرة أمتار من قبة ضريح الشيخ أبو السرور توجد مئذنة كبيرة، وعلى القبة والجامع والمقصورة درب تقدر مساحته 1800م2 وله عدة أبواب، وتعتبر التربة حاضرة بلاد الصبيحة الغربية، حيث كان يقصدها طلاب العلم من كافة قرى مديرية المضاربة ورأس العارة ومن حوطة لحج ومن الحجرية في تعز وذلك لتلقي العلم فيها على يد عدد من مشايخ العلم أمثال الشيخ أحمد الخليل من منطقة زبيد، والشيخ عبدالله مطهر (الزيدي الأصل) من صنعاء وغيرهما من فقهاء الدين، ثم جاء عام 1958م، حين أدخل فيها ولأول مرة التعليم الحكومي حيث أسست في هذا العالم مدرسة للتعليم الابتدائي.
وقد كانت ملتقى تعليمياً لكافة أبناء الصبيحة من المضاربة والعارة وغيرها من المناطق المجاورة، ويعتبر سجل الزيارات في المدرسة خير دليل على قدم التعليم في هذه المنطقة من خلال زيارة بعض مديري المعارف في محافظة لحج، والبريطاني المستر هيتين.
كما كان يوجد مجلس للسلم في التربة يتكون من السيد والأعيان في المنطقة يقوم بفض النزاعات والحروب بين القبائل في كافة مناطق الصبيحة بما فيها طور الباحة، ويحتفظون لأنفسهم بعدد من الوثائق والمعاهدات التاريخية الهامة بهذا الشأن.
**زيارات رفيعة**

وقد قدم إلى التربة بعض الملوك والأمراء والسلاطين لزيارتها، ومن أبرزهم الملك المسعود الرسولي آخر خلفاء دولة بني رسول التي كانت عاصمتها عدن، وكذا سلطان لحج العبدلي السلطان علي عبدالكريم عام 1957م.
ولأبي الأسرار اثني عشر ابناً هم: عبدالله، حسن، إبراهيم، وإسماعيل، سعيد، عطية، محمد، يحيى، وسليمان، معمر، عمران، رشيد.
**الخاتمة**
لهذه القرية تاريخ وأمجاد كبيرة، وكان للباحث عبد اللطيف محمد شوتري الدور الكبير في توثيق تاريخ هذه المنطقة التي تعد معقل السادة الهاشميين في بلاد الصبيحة بكتاباته وبحوثه.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى