القضية الجنوبية.. وتقنية ثلاثية الأبعاد

> جلال عبده محسن

>
​في السينما المجسمة أو فيلم 3D الكلاسيكية ولمشاهدة الصورة، كان لابد أن يلبس المشاهد نظارة خاصة لكي يحصل على انطباع مجسم للصورة لتزويد العمق الوهمي ذات شرائح حمراء وزرقاء، فالعين التي ترى من خلال شريحة حمراء ترى الصورة الزرقاء فقط على عكس العين التي تنظر من خلال الشريحة الزرقاء ترى الصورة الحمراء فقط، وفي المخ يتم دمج الصورتين لتبدوا الصورة مجسمة.

وفي حال القضية الجنوبية لا يزال هناك من يريد خلط الأشياء ويصر على استخدام تلك التقنية بطريقة ثلاثية الأبعاد 3D الكلاسيكية للنظر إليها إما بالعين “اليمين” أو بعين “الشمال”، فأصحاب العين “اليمنى” لا يرونها إلا من خلال زجاجة النافذة المتسخة ويصرون على عدم إزالة الغبار المتراكم عليها لتبدوا الصورة مشوهة هي الأخرى، أما من ينظرون إليها من عين “الشمال” فإنهم ينظرون إليها من زجاجة القمرية لتظهر لهم أشباح الأشياء وصورها القاتمة وفي الحالتين يتم دمج الصورتين وإظهارها في صورة حركية مجسمة تقوم بتعزيز الوهم وبغير حقيقتها.

هذه التقنية والتي بدأت منذ مطلع خمسينيات القرن الماضي باتت قديمة ولا تصلح في الزمن الحاضر الذي اختلف فيهما الظرف والزمان كما اختلفت الجغرافيا، والأهم من ذلك أن الإنسان في الجنوب قد تغير هو الآخر واستوعب الدرس تماما، وأن السقوط والكبوات التي تعرض لها خلال مسيرة حياته النضالية لم يكن فشلا لأن الفشل يبقي الإنسان حيث سقط، وهو وبرغم الأشواك والألغام المزروعة ورغم العثرات والعراقيل التي نصبها له الأصدقاء قبل الأعداء فإنه وفي كل مرة يوقع فيها ينهض ثانية ويستجمع فيه قواه من جديد متسلحا بالعزيمة الصادقة والإرادة الصلبة وبطريقة أقوى من سابقاتها، ولا زالت القضية بالنسبة له تشكل الحصن المنيع التي تتحطم عليها كل الدسائس والمؤامرات، ولا زالت الجماهير قادرة على أن تقول كلمتها وبصوت مسموع وأن تجوب الساحات والميادين كما بدأته أول مرة، ولا زالت الرايات خفاقة في كل شارع وبمشهد أكثر تماسكا من السابق، كما أصبح المواطن أكثر إيمانا بعدالة قضيته وعن كونها مصيرية بالنسبة لمعيشته الحاضرة ولمستقبل الأجيال القادمة، وأن قضيته ليست بحاجة إلى نظارات مجسمة ولا إلى تمازج للألوان، ويكفي النظر إليها وبصورتها الطبيعية من أقرب نافذة تطل على الشارع الجنوبي وبعمق حقيقي في البعد والقرب ومن رؤية العين اليمنى واليسرى دون الحاجة لخلط الصور ودمجها في مخيلتهم بطريقة 3D المجسمة والقديمة.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى