مخاوف من تحول الحوثيين إلى رهان إيراني لخوض الحرب

> «الأيام» غرفة الأخبار

> واشنطن تعدّل إستراتيجيتها في اليمن للضغط على إيران
أكدت تصريحات المبعوث الأمريكي إلى إيران براين هوك، التي أكد فيها ضرورة ألا تحصل طهران على موضع قدم في اليمن يمكنها من تهديد مضيق باب المندب، التحول البارز في موقف الإدارة الأمريكية لجهة ربط ملف الحوثيين في اليمن بملف المواجهة مع إيران بعد أن كانت واشنطن تتعامل مع هذا الملف بشكل منفصل طوال الفترة الماضية.
ونقلت مصادر إعلامية سعودية عن اجتماع نائب وزير الدفاع السعودي الأمير خالد بن سلمان، أمس الأول، مع براين هوك، بعد ساعات قليلة من تراجع الرئيس الأميركي دونالد ترامب عن خطة وشيكة لقصف أهداف إيرانية رداً على إسقاط الطائرة الأميركية المسيرة.

وقال نائب وزير الدفاع السعودي إن الاجتماع تركز حول «ما تقوم به إيران في اليمن من نشر إرهابها ونظامها العدائي، متخذة اليمن مركزاً رئيسياً لها، ومتناسية كافة النواحي الإنسانية للشعب اليمني».
وأكدت التصريحات الأمريكية الأخيرة تقارير صحفية سابقة كشفت عن تحول في الموقف الدولي انعكس على مواقف واشنطن في مجلس الأمن الدولي واللجنة الرباعية الدولية، التي اتسمت بالتشدد إزاء التعنت الحوثي.

وسبق لواشنطن أن أعلنت عن توجيه ضربة عسكرية محدودة في أكتوبر 2016 استهدفت مواقع رادارات تابعة للميليشيات الحوثية على سواحل البحر الأحمر في أعقاب ما قالت إنه هجوم حوثي على ثلاث سفن أمريكية قبالة سواحل الحديدة.
وقال بيان صحافي لوزارة الدفاع الأميركية حينها إن العملية طالت منصات رادار استُخدمت في توجيه صواريخ إلى المدمرة الأمريكية ماسون، وسفن أخرى في المياه الدولية، في البحر الأحمر.

وكشف التصعيد الحوثي المتمثل في استهداف منصات ضخ نفط سعودية جنوبي الرياض وقصف مطار أبها، بالتزامن مع تصاعد التوتر الأمريكي الإيراني، عن الارتباط الوثيق بين الأجندة الحوثية وإيران، وعمق التأثير الإيراني على قرارات الجماعة المتمردة.
ونقلت وكالة الأنباء التابعة للحوثيين عن رئيس ما يسمى بالمجلس السياسي الأعلى مهدي المشاط تهديدات جديدة باستهداف خطوط الملاحة الدولية وإغلاق باب المندب، غير أن الحوثيين ادعوا بأن موقعهم الرسمي تعرض لعملية اختراق إلكتروني.

وتعزز التحولات الأخيرة في الموقف الأمريكي وتصريحات مبعوث واشنطن إلى إيران، من احتمال إقدام أمريكا على الرد على استفزازات طهران في اليمن، لتجنب مواجهة مباشرة مع طهران وهي ذات الإستراتيجية التي اتبعها الرئيس الأمريكي السابق باراك أوباما.
ويبدي الحوثيون قلقاً متزايداً من اجتماعات الرباعية الدولية حول اليمن التي تضم أمريكا وبريطانيا والسعودية والإمارات، في ظل مؤشرات على تبلور مواقف متشددة تجاه الحوثيين في الرباعية، من الممكن أن تشكل تحولاً فارقاً في الموقف الدولي من اتفاقات ستوكهولم والتساهل الأممي مع الحوثيين.

ويرجح مراقبون أن يُعطى الضوء الأخضر لقوات الشرعية اليمنية والتحالف العربي لاستكمال تحرير محافظة الحديدة، كجزء من مساعي تحجيم الدور الإيراني في المنطقة.
وكان التحالف العربي أعلن لأول مرة بعد التوقيع على اتفاقات السويد، عن استهداف طائراته مواقع حوثية شمالي الحديدة، قال الناطق الرسمي باسم التحالف، العقيد تركي المالكي «إن الأهداف شملت خمسة زوارق حوثية مفخخة ومسيرة عن بعد تم تجهيزها لتنفيذ أعمال عدائية وعمليات إرهابية تهدد الملاحية الدولية والتجارة العالمية بمضيق باب المندب وجنوب البحر الأحمر».

وكشفت تصريحات أمريكية وغربية عن تزايد القلق من تحول الميليشيات الحوثية إلى جزء رئيسي في رهانات طهران ومشاريعها لخوض حرب في المنطقة باستخدام أذرعها العسكرية التي باتت وسيلة إيرانية لابتزاز العالم.
وكان المبعوث الأمريكي الخاص المكلف بملف إيران برايان هوك شدد على أن التوجّه لإجراء حوار مع النظام الإيراني غير مجدٍ في ظل مواصلة هذا النظام زيادة التصعيد وزعزعة الأمن في المنطقة، مشيداً بالتعاون مع المملكة العربية السعودية، ومؤكداً أن بلاده لن تسمح للإيرانيين بموطئ قدم في اليمن يسمح لها بتهديد باب المندب.

وأشار المبعوث الأميركي في المؤتمر الصحافي، الذي عقده أمس في قاعدة الخرج، جنوب العاصمة السعودية الرياض، بحضور الفريق ركن فهد بن تركي بن عبد العزيز قائد القوات المشتركة في التحالف العربي، إلى أن «السياسة الأميركية في المنطقة تعتمد على التعامل الدبلوماسي مع إيران، من ذلك فرض ضغوط اقتصادية. لكن جهودنا الدبلوماسية لا تعطي إيران الحق أو أي مبرر لاستخدام القوة العسكرية في المنطقة».

واستشهد المبعوث الأميركي بما فعلته إيران بعد مساعي رئيس الوزراء الياباني شينزو آبي، عندما هاجمت سفينة يابانية في الخليج، وهو ما يؤكد مسؤولية إيران عن التصعيد في المنطقة، بالإضافة إلى رفضها أي محاولات لتخفيف التوتر. وتابع: «يجب على إيران استخدام التعامل الدبلوماسي وليس العسكري».
وتطرق هوك إلى اللقاء الذي جمعه، أمس، بالأمير خالد بن سلمان بن عبد العزيز نائب وزير الدفاع السعودي، قائلاً: «خلال رحلتي الحالية التقيت الأمير خالد بن سلمان، وكذلك مع مستشار الأمن الوطني السعودي، وكانت الرحلة ناجحة، إذ تضمنت نقاشات هامة جداً وتطرقت للتهديدات المشتركة للمصالح السعودية والأميركية التي نواجها من قبل النظام الإيراني». وأضاف: «إن الحكومتين السعودية والأميركية تعملان بجهد مشترك كبير لمواجهة هذه التهديدات التي يسببها النظام الإيراني في المنطقة، والسعودية تساعدنا كثيراً في هذا الجانب، خاصة أننا كنا نهدف من خلال عقوباتنا الاقتصادية على طهران إلى منعها من أي مكاسب مالية إضافية توظفها وتستخدمها في زيادة عمليات التجنيد لميليشيات مختلفة في المنطقة، وبالتالي مواصلة هجومها من خلال ميليشياتها على المملكة وكذلك على عدد من دول المنطقة الأخرى».

وعلّق الأمير خالد بن سلمان على اجتماعه بالمبعوث الأميركي، وقال على حسابه في «تويتر» إن اللقاء «بحث آخر التطورات والأوضاع تجاه الجهود المبذولة للتصدي للنشاطات الإيرانية العدائية التي تهدد أمن واستقرار المنطقة».
وأضاف نائب وزير الدفاع السعودي إنه «تم التأكيد لدى لقائي المبعوث الأميركي الخاص على دعم المملكة لقرار الولايات المتحدة الأميركية فرض العقوبات الصارمة على إيران بسبب انتهاكاتها وأعمالها الإرهابية في المنطقة ومناقشة هجماتها الأخيرة على المملكة». وأوضح أنه بحث مع المبعوث الأميركي الخاص ما تقوم به إيران في اليمن من «نشر إرهابها ونظامها العدائي».

ورداً على سؤال وجّه للمبعوث الأميركي يتعلق بالهجوم الإيراني على الطائرة الأميركية المسيّرة قرب مضيق هرمز، قال هوك: «الرئيس الأميركي أكد بوضوح، أول من أمس، أن الهجوم الإيراني على طائرة أميركية مسيرة كان خطأً كبيراً. الرئاسة الأميركية تعمل مع وزارة الخارجية على النظر في هذا الموضوع».
ولفت المبعوث الأميركي إلى أنه أجرى بصحبة الفريق ركن فهد بن تركي جولة على معرض الأسلحة بقاعدة الخرج، للاطلاع على الأسلحة الإيرانية التي أطلقتها ميليشيات الحوثي تجاه المملكة. وقال: «أتمنى أن يطلع كل العالم على مثل هذه الأسلحة». وشدد هوك على أنه «ما من شك من مواصلة النظام الإيراني تدريب الميليشيات في منطقة الشرق الأوسط ودعمه لها بهدف زعزعة الاستقرار، وكذلك مواصلة الهجوم على المملكة من خلال الميليشيات الحوثية». وتابع إن «الولايات المتحدة الأميركية بصحبة قوات التحالف العربي تعمل سوياً بهدف العمل على تقليص قدرات الحوثيين من خلال إيقاف وصول الأسلحة لهم، لأننا إذا لم ننجح في ذلك فتزيد المخاطر في منطقة الشرق الأوسط», وأوضح أن زيارته للسعودية والمنطقة هي لتبيين التدخلات الإيرانية التي تتم في اليمن، ومن ذلك قيام «الحرس الثوري» بتدريب الحوثيين في اليمن «بطرق واضحة وغير معقولة». وأضاف: «إيران تريد أيضاً تهديد حرية الملاحة في مضيق هرمز، ولذلك من المهم منع إيران من كسب قدرات إضافية في اليمن حتى لا تلجأ لأي تخريب في باب المندب، وهذه هي الخطة التي تحاول إيران اليوم تطبيقها؛ ولذلك فالعالم اليوم يراقب هذه التحركات، وبالتالي تأثيرها على الخليج باهتمام كبير، خاصة ما يحدث بجوار مضيق هرمز». وذكر هوك أن إيران تملك طموحات لكسب قدرات في اليمن تمكنها من التحكم في باب المندب، موضحاً أنه «لو حصل هذا فإنه حتماً سيضيق على حرية الملاحة والتبادل التجاري على مستوى العالم، ولذلك فإننا نسعى لمنع إيران من أي موطئ قدم في اليمن لحماية الملاحة والتجارية العالمية».

كما أشار هوك إلى جهود أميركية تسعى إلى تخفيف التصعيد في المنطقة بشكل عام جراء الانتهاكات الإيرانية، خاصة أن النظام الإيراني يعمل على سياسة توسعية في المنطقة عبر وكلائه الحوثيين في اليمن وكذلك في العراق و «حزب الله» في لبنان.
من جهته، قال الفريق ركن فهد بن تركي بن عبد العزيز إنه تم إطلاع المبعوث الأميركي على بعض المعدات التي يوفرها النظام الإيراني لميليشيات الحوثي الإرهابية، وأشار إلى أن مصدر هذه الأسلحة بصورة أساسية هو ميناء الحديدة في اليمن.​

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى