ما الذي تريده الشرعية من عدن؟

> عفان عبدالله نعمان

> أثناء دحر الحوثيين من عدن وتحريرها ومعظم مدن الجنوب كان الجنوب قادرا على بسط نفوده على كل مؤسسات الدولة دون أي شيء يمنع ذلك، وخاصة أن الجنوبيين في بداية الحرب كانوا يقاتلون تحت راية الجنوب، والعالم كله شاهد ذلك عبر القنوات العربية والأجنبية.

غير أن التحالف العربي وخاصة الإمارات كانت تصرح وتقول للقيادات الجنوبية: ليس الآن وقت الحديث عن الاستحقاقات للجنوب إلا بعد دحر الحوثيين.. وهو ما أخر بسط الجنوبيين على أرضهم ومؤسساتهم امتثالا للتحالف العربي، وهو السبب في تعزيز الشرعية بقيادة الرئيس هادي وجعلها تتنفس الصعداء بعد ما كانت قابعة في فنادق الرياض وبعض الدول، بعدها بدأ دور العامل الفعلي في تفكيك وضياع أي استحقاق للجنوب بقيادة الإصلاح وعلي محسن الأحمر بعد الانقلاب على المهندس خالد بحاح، وهي القشة التي قصمت ظهر البعير بعمل مخطط مدروس في ضياع ما سعى الجنوبيون له من تحرير الجنوب وخسروا شهداء وجرحى في سبيل الحرية والاستقلال من القوة الجاثمة على نفسه طيلة سنين عجاف.

كان الجنوب وشعب عدن الباسلة منتظرين أن تكافئهم الدولة والتحالف بإعمار عدن وإعادة البنية التحتية، ولكن ذهبت كل هذه أدراج الرياح، وظل الشعب يدور حول نفسه بعد أن قدم دولة في تحرير عدن 2015م للشرعية، كما قدمها عام 90م.
ولم تدرك القيادة الشرعية المتحكمة بصنع القرار أن أعمالها طيلة الخمس السنين وهي تسعى إلى جلب مقاتلين جنوبيين إلى مناطق الشمال محاولة لإضعاف أي قوة جنوبية مستقبلا في حالة طلب الجنوب باستعادة دولتهم أو بإقليم.

وجيشهم منبطح في مأرب منتظر تحركه إلى الجنوب مرة أخرى لاحتلاله، هكذا عملت القوة المتنفذة في الرياض بالجنوب وشعبه وخاصة عدن، حاربت الشعب بالكهرباء والماء والمشتقات النفطية، وظلت تعبث بأموال الجنوب من نفط وغاز وإيرادات تبددها على فاسدين ولصوص من ذوي القربى وأصحابهم القادمين من صنعاء المتحوثين، ذاك تعطيه منصب ملحق بأي سفارة، وذاك تعينه نائب وزير أو وكيل، وتبذير وإسراف بأموال الجنوب الذي حررهم وجعل من شرعية المنفى شرعية على الأرض.

ولكن بعد أن ظهرت نوايا الشرعية من هذه الحرب صار الجنوب وقيادته لهم الحق الآن أن يحترمهم التحالف والإمارات التي عملت على التهدئة طيلت هذه السنين، لعل شرعية الفنادق تعمل على تحسين ما يعانيه أبناء الجنوب وخاصة عدن من تدهور كافة الخدمات، وبلغت القلوب الحناجر من شدت الوجع الذي يعاني منه المواطن وينظر إلى شرعية الفنادق يتنعمون بأموالهم ويستمتعون بتعذيبهم كما يفعل أي نظام مستبد بأي دولة.

لم تستفد الحكومة من الصدام السابق مع الانتقالي ووضع الحلول المناسبة بتحسين أوضاع الجنوب وعدن، بل ذهبت إلى الاستخفاف بالعمل الذي قدم عليه المجلس الانتقالي وكأن الأمر لا يعنيها، هذه أحد الأسباب الذي أدت إلى خلق صراع مع أصحاب الأرض، كانت الحكومة قادرة على إيجاد حلول جذرية لمشاكل الجنوب ولكن اكتفت بالحلول الترقيعية حتى خار السقف على كل شيء، لأن الساس لم يكن متينا.

لم يكن هناك محاسبة لأي وزير أو نائب الرئيس عن كيفية صرف مبالغ كبيرة من أموال الشعب بطرق مخالفة. بالأصح لم يخلقوا دولة بمعناها الحقيقي. وحتى المجلس الانتقالي إذا أراد أن يمسك بزمام الأمور يجب عليه أن يخلق تغييرا جذريا في جميع التعينات ووضع الإنسان المناسب في المكان المناسب وتفعيل الرقابة والمحاسبة بشفافية، وحتى المعسكرات يجب أن تخضع للقانون العسكري، وأي جندي يسيء إلى أي موطن يجب أن يحاكم عسكريا إذا أردتوا أن تبنوا دولة وتعيدوا عدن إلى النظام والقانون ولا أحد فوق النظام والقانون.

ولا يأتي أحد شاذ أو مسؤول أو قائد عسكري يقول إنه فوق النظام والقانون، فلنعتبر من النظام السابق الذي انهار سريعا ولم يصمد أمام الحوثي ساعات بسبب ولائه لأشخاص بدلا أن يكون ولاؤه للوطن، هذه القيم والأخلاق لابد أن تدرّس للجميع، لأن أغلبهم لا يعرفون ماذا يعني الوطن وماذا يعني الفرد أو القبيلة.
عدن مدينة مدنية، إن عرف الساسة كيف تدار فإنهم سيكسبون جميع سكانها، وإن لم يعرفوا فلن يستمروا عاما بالحكم، كلنا مع الجنوب ومع النظام والقانون، والشخص الكفؤ يوضع بالمكان المناسب بعيدا عن الوساطات والمجاملات.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى